عبدالله المزهر

جروح قلبي وتر.. وينك يا ناقص دين!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الثلاثاء - 02 أكتوبر 2018

Tue - 02 Oct 2018

كان من ضمن أحلامي البائسة ـ ولا زال ـ أن أجيد العزف على آلة العود، عدة ظروف لم تساعدني على تحقيق حلمي، ليس أقلها أن صوتي ـ حسب المقربين ـ لا علاقة له بالموسيقى ولا بالفن ولا بالغناء.

ثم إني من أولئك الذين يستسلمون بسهولة للمحبطين والمثبطين ومكسري المجاديف، وتنازلت عن كثير من أحلامي لمجرد أنها لا تعجب الآخرين ولا تروق لهم. والمشكلة أن أغلب هؤلاء الآخرين ـ إن لم يكونوا كلهم ـ قد اختفوا من حياتي فيما بعد وبقيت وحيدا أتذكر أحلامي المهدرة على قارعة الحياة.

لكن ضوءا يسيرا رأيته اليوم في آخر نفق أحلامي المظلم، وشعرت أن عدم تحقيق الأحلام أحيانا قد يصبح حلما في حد ذاته.

قرأت اليوم عن أن محكمة رفضت دعوى قدمتها امرأة تعمل مديرة بنك تقدم لها معلم منذ سنوات فرفضه أحد إخوتها بدعوى أنه رآه يعزف العود بأحد المخيمات. ثم تقدم لها ثانية فرفض مجددا، فلجأت للمحكمة التي رفضت الدعوى لعدم التكافؤ في الدين.

والحقيقة أنها المرة الأولى التي أسمع فيها عن التكافؤ في الدين، وخاصة أن السبب ليس لأن الأقل دينا في ميزان المحكمة لا يصلي مثلا أو أنه كان عاقا أو مدمنا أو لصا أو مرتشيا أو مختلسا، بل لأنه عزف العود يوما في مخيم وحظه العاثر جعل شقيق المرأة التي يريد أن يتزوجها يشاهد تلك الوصلة الطربية.

وحسبما فهمت فإن المرأة لديها مؤهل عال ولديها وظيفة مرموقة، وهي كذلك ليست صغيرة في السن، لكنها أقل بالطبع من أن توافق على الزواج ممن تريد. ولو كانت قاصرا وقرر أخوها أن يزوجها من رجل عاصر بناء الأهرامات وانهيار سد مأرب لما اعترضت المحكمة ولا تحدثت عن التكافؤ في العمر.

عموما هذا الأمر لا يهمني في تفاصيله، ولكني سعيد فقط أني لم أتهور وأتعلم العزف على العود، وإلا لكنت حتى الآن أعزب ناقص دين من كل الجهات. صحيح أن العزوبية فكرة حسنة وأكثر توفيرا وتناسب محبي تكديس الأموال أمثالي لكني أفضل أن أكون أعزب بإرادتي، وليس لأن قاضيا ما يعتقد أني لدي تسريب في الدين أدى إلى نقص منسوبه في قلبي.

وعلى أي حال..

لعله ليس من الممل كثيرا أن نعيد ونردد في كل مرة بأن كل العمل الرائع الذي تقوم به وزارة العدل ووزيرها النشط قد لا يعني أي شيء إذا لم تقنن أحكام القضاء ويقل الاعتماد على مزاج القاضي واختياراته في حياته الخاصة وبناء الأحكام بناء قرب الأشياء وبعدها عن ذوقه ومحبته وكراهيته للأشياء من حوله.

agrni@