عبدالله المزهر

ويخلق ما لا تعلمون!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاثنين - 01 أكتوبر 2018

Mon - 01 Oct 2018

أنا لا أحب ترامب ولا أكره أمريكا، وهذا من الأشياء النادرة التي أتشارك فيها مع نسبة كبيرة من السبعة مليارات إنسان الذين يعيشون على هذا الكوكب.

هذه الحقيقة الأولى، أما الحقيقة الثانية فهي أنه رئيس أقوى دولة موجودة في ذات الكوكب الذي يعيش فيه السبعة مليارات زميل الذين سبقت الإشارة إليهم.

والقوة هنا ليس المقصود بها القوة العسكرية فقط، بل حتى التأثير في حياة الناس وتصرفاتهم وما يحبون وما يكرهون، حتى معايير الفن والجمال والحياة أصبحت مقاييس أمريكية بحتة.

لتقبل ترامب وخطاباته وطريقته في الحياة لا بد أن نأخذه في سياقه، أظن والله أعلم أن هذا العصر هو أكثر عصور البشرية انحطاطا أخلاقيا منذ وجودهم. نحن في زمن أصبح فيه الشذوذ الجنسي ـ على سبيل المثال ـ شيئا مفروضا بقوة الإعلام والفن إلى درجة أن الشاذ هو من يعتبر الشذوذ أمرا قبيحا ولا تقبله الفطرة السوية. وفي زمن كهذا لا بد أن نتخيل كيف سيكون زعيم أكبر دولة تتحكم في مفاصل كوكب يعيش أحط عصوره وفيمن يعيش عليه.

ثم إني أتفهم ـ إلى حد ما ـ أن يكون ترامب هو المعني بقول أبي الطيب غفر الله لنا وله:

ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى

عدوا له ما من صداقته بد

وأتفهم كثيرا أن المصالح هي من يحكم علاقات الدول والحكومات، وفي العلاقات السعودية الأمريكية لم تكن السعودية هي المستفيد، بل كانت مفيدة أيضا بالقدر الذي استفادت به، والمصالح في هذه العلاقة تسير في اتجاهين، وتصويرها على أنها في اتجاه واحد رعونة غير مستغربة من معدنها، وخطاب انتخابي وقح.

وبالمناسبة فأنا لا أتحدث عن السياسة ولا أفهم كثيرا في دهاليزها، والجهل بالسياسة نعمة مغبوط عليها كثير من الخلق، ولكني أتحدث عن رأيي كإنسان في إنسان آخر، وهذا أبسط حقوقي كمخلوق ضمن فصيلة الكائنات البشرية التي تحب وتكره وتستاء وتغضب وتفرح وتعبر عن كل ذلك بالكلام الذي يفرق بينها وبين بقية المخلوقات.

وعلى أي حال..

المريح في هذه الحياة الصعبة أن كل الأشياء مقدرة سلفا، ودور الإنسان أن يتقبل حوادث الدهر ويبحث عن الحكمة في وقوعها. وترامب لم يصبح رئيسا لأمريكا إلا لحكمة يعلمها الله. ولعل وجوده فرصة للتدبر والتأمل في مخلوقات الله.. ويخلق ما لا تعلمون!

agrni@