فهيد العديم

عادل الجبير.. الأنيق كرصاصة!

الاحد - 30 سبتمبر 2018

Sun - 30 Sep 2018

ما إن يمر اسم عادل الجبير إلا وكأن «الكاريزما» تتهادى بكامل أناقتها وثقتها، وكأنه يجسد التعريف الدقيق لكلمة «لبق». ولد في نجد، لكن قدره جعل الدبلوماسية تقوم بدور «القابلة»، إذ تنقلت به وهو طفل ما بين ألمانيا ولبنان واليمن، وكأن القدر يهيئه ليكون مؤهلا لخدمة الوطن، ففي عام 1986 رأى فيه عراب الدبلوماسية السعودية آنذاك الأمير بندر بن سلطان ما جعله يعينه مساعدا له لشؤون الكونغرس، عرفه العالم ناطقا للسفارة السعودية بعد ذلك، ولم يكن مقنعا فحسب، بل كان مبهرا لحضوره وهدوئه معا، وفي أحداث 11 سبتمبر وما بعدها وجد نفسه أما تحد عظيم، لم يكن المطلوب منه أن يكون وزارة إعلام أو وكالة أنباء لوحده، لكن كان المطلوب منه أن يهزم - أو بلغة دبلوماسية يقنع - الوكالات والإعلام الغربي بخطأ قراءتهم للحدث.. ونجح!

يستطيع أن يطفئ جذوة سؤال ملغوم بجملة تبدو للوهلة الأولى بسيطة حالمة، لكنها تلسع بسخرية تجعل السؤال المتذاكي يشعر بالخجل، كثيرا ما يتعامل مع الأسئلة المفاجئة بطريقة فن (القلطة)، أي أن تجعل الاتهام ميزة تستثمرها كي (تنقض) ما تُتهم به. لا يكفي أن تمتلك المعلومة لتكون إجابتك مقنعة، في أحيان كثيرة تحتاج أن تفهم طريقة تفكير من تتحدث إليهم كي تكون مقنعا، وهذا ما يجيده الجبير الذي يجيد ثلاث لغات غير لغته الأم، لم أقل يجيد التحدث، لأن هنالك ما هو أهم من إجادة اللغة وهو فهم دلالات ومعاني تلك اللغات، وتوظيف حتى النبرة والنظرة والابتسامة كي تكون أداة تواصلية.

هناك شبه كبير بين الدبلوماسية وبين كرة القدم، فقد تقوم بأعمال جيدة في المجمل، لكنك في النهاية لا تحقق نجاحا، كما في كرة القدم قد تكون موهوبا تجندل الخصوم، وتطرب الجماهير، لكن فريقك لا يخرج من المباراة فائزا، لهذا أرى أن السيد عادل الجبير واللاعب العبقري يوسف الثنيان يتشابهان إلى حد كبير، يجيدان العزف على الخط الرفيع الكائن بين الفن والاستعراض، يصنعان الفكرة /‏ الهجمة ويضعانك في مواجهة المرمى /‏ الحقيقة، ليقولا لك: أنت وعقلك، أنت المهاجم مع يوسف، والمتلقي الباحث عن المعلومة مع الجبير، كلاهما يضعك أمام الباب المفتوح ولا يطلب منك الدخول!

الجبير صاحب الجملة الأنيقة القصيرة المكثفة، تأتي أحيانا جادة ونافذة كرصاصة، ومجد الرصاصة في أنها لا تلتفت، وأحيانا تأتي جملته خاطفة (تموّه) فيشعر المقصود بأنها لكمة مقصودة، وأحيانا تأتي جملة على هيئة ومضة ساخرة يعتبرها المعني شتيمة مقصودة. يقول جملته ويمضي بابتسامته الهادئة فيما يبقى (المريب) يقسم أنه هو المعني بالقول!

قبل أيام استخدم مصطلح (جمهوريات الموز)، لم تغضب الجمهوريات من المصطلح القديم، لكن (الموز) أقسم أنها إساءة مقصودة موجهة له!

Fheedal3deem@