بين مانديلا والجبير
السبت - 29 سبتمبر 2018
Sat - 29 Sep 2018
غيرتي المجنونة أطاحت بي هذه المرة في عجوز أفريقيا الشامخ نيلسون مانديلا. لم أتمالك السيطرة على زمام هذه الغيرة أو تهذيبها عند سماعي لحديث وزير الخارجية الجبير عنه أخيرا في الأمم المتحدة، كأنه يذكرني بمراقبتي لخبر عيد ميلاده الـ 90 في عاصمة الضباب لندن وهو يتصدر عناوين الأخبار وقتها.
وكان قبل 20 سنة بالتمام من ذلك العيد أن أقيم له احتفال هوليودي أيضا بمناسبة عيد ميلاده الـ 70، ولا يبدو خافيا على من شاهد مقتطفات من الاحتفالين تلك المساحة الجماهيرية التي يحظى بها الرجل، والتي تتمثل في أطنان من التقدير تضيق بها عقود السنين.
أنا لا ألوم الشخصيات المهمة والنجوم اللامعة في سماء الفن والسياسة والأدب والثقافة، وكذلك مالكي رؤوس الأموال الضخمة عندما يبدون حبا عميقا لهذه الشخصية التاريخية، ويسخرون شهرتهم ونفوذهم وإمكانياتهم المادية والدعائية لإحياء احتفال كهذا في مدينة من أشهر مناطق العالم.
مانديلا في حياته قريب من محبيه في كل وقت ومجال واتجاه، وكأن له أكثر من نسخة يستمتع بها كل من يعشق هذا الهرم، ومن رآه يلقي خطابه في آخر عيد ميلاد له قبل وفاته يستطيع مراقبة قرب الناس منه حتى على منصة الإلقاء.
يشبه نيلسون مانديلا الملاكم الشهير محمد علي كلاي رحمه الله في بدايات حياته وطفولته المعذبة، ويشترك مانديلا أيضا مع المجاهد العظيم عمر المختار رحمه الله في ثورته ضد الاستعمار والنفوذ الخارجي، ويتعدى ذكاء هذا الرجل ذكاء نابليون المسطر في تاريخ الفرنسيين، وله نكهة عاطفية عند المضطهدين أكثر ما لغاندي في الهند، وليس هناك من ينطبق عليه المثل المصري العامي (السجن للجدعان) مثل مانديلا في سنين سجنه وسعة أمله وطول صبره.
انفرد نيلسون بأنه عاش حتى رأى ثمار عمله ونتاج كفاحه، بل وامتد به الحفاظ على ذاكرته القديمة حتى استوعب تغير العالم وتحولات الثقافة وتقلبات السياسة السريعة، بل وبقي مانديلا حتى عاصر أجيالا من الاهتمامات امتلأ بها عمره وفكره وقلبه ثم مات.
تعجبني جدا ابتسامة هذا الرجل الدائمة منذ أكثر من 90 سنة عاشها حتى وفاته، وكأنه يهدي لنا حكمة يرسمها على محياه بأن الأمل هو بوابة الخروج من الواقع، وأن العمل الدؤوب سبيل النجاح، وأن العلاقة مع الناس تعتمد على مدى تفهمك لاحتياجاتهم ورغباتهم وهمومهم، فليس من الشرط أن تجد حلا لهم فوقوفك معهم بداية الحل.
استحق ناشط كهذا أن يحصد جوائز عالمية ويحظى بمكانة منقطعة النظير شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، عند المشاهير وعند فقراء العالم وضعفائه في حياته.
هو (للسود) نموذج الوفاء، وهو (للبيض) عنوان العدل، وهو (للأغنياء) وجه إعلامي بدون منازع، وهو (للفقراء) أجدر من يتحدث عنهم، وهو (للساسة) صديق قديم، وهو (للمتنازعين) وسيط سلام، وهو (لذويه) فخر لا ينتهي.
إنه إنسان مثير للاهتمام في إنجازاته وارتباطه بجنسه وبلده ومبدئه حتى في أفكاره وطرحه وكلامه، كما كان دوما مثيرا للاهتمام حتى في (الكاريزما) الخاصة به وأزيائه التي يرتديها ليعبر عن شيء ما.
لم يكن نيلسون مانديلا مقاوما (للعنصرية) فحسب بقدر ما كان شديد المقاومة لذاته ونفسه وهواه، استطاع بجرأة الشجاع أن يبدو قويا حتى وهو يمسك بعصا الكبر ويمشي الهوينى من أثر السنين أن يقول في عيد ميلاده الـ 90 مقولة عظيمة وكلمة رائعة «حيثما يكون فقر وظلم يكون مزيد من العمل والجهد».
لن أستغرب أبدا إن رأيت يوما فيلما سينمائيا عالميا يفوز بالأوسكار لتجسيده جانبا من حياة وفكر هذا الرجل، ولن أتعجب إن استوحى صناع الكرتون الأطفالي شخصية محببة للصغار من أفكار ورحلات هذه الشخصية العالمية، فليس غريبا إذن أن تحتفي به قاعات الأمم المتحدة وتسمي به نشاطا لها، فأنا مثل كل من في العالم أغار من مانديلا حيا وميتا، وأغار من الجبير هدوءا وحكمة ومنطقية قول ومهارة تواصل.
albabamohamad@
وكان قبل 20 سنة بالتمام من ذلك العيد أن أقيم له احتفال هوليودي أيضا بمناسبة عيد ميلاده الـ 70، ولا يبدو خافيا على من شاهد مقتطفات من الاحتفالين تلك المساحة الجماهيرية التي يحظى بها الرجل، والتي تتمثل في أطنان من التقدير تضيق بها عقود السنين.
أنا لا ألوم الشخصيات المهمة والنجوم اللامعة في سماء الفن والسياسة والأدب والثقافة، وكذلك مالكي رؤوس الأموال الضخمة عندما يبدون حبا عميقا لهذه الشخصية التاريخية، ويسخرون شهرتهم ونفوذهم وإمكانياتهم المادية والدعائية لإحياء احتفال كهذا في مدينة من أشهر مناطق العالم.
مانديلا في حياته قريب من محبيه في كل وقت ومجال واتجاه، وكأن له أكثر من نسخة يستمتع بها كل من يعشق هذا الهرم، ومن رآه يلقي خطابه في آخر عيد ميلاد له قبل وفاته يستطيع مراقبة قرب الناس منه حتى على منصة الإلقاء.
يشبه نيلسون مانديلا الملاكم الشهير محمد علي كلاي رحمه الله في بدايات حياته وطفولته المعذبة، ويشترك مانديلا أيضا مع المجاهد العظيم عمر المختار رحمه الله في ثورته ضد الاستعمار والنفوذ الخارجي، ويتعدى ذكاء هذا الرجل ذكاء نابليون المسطر في تاريخ الفرنسيين، وله نكهة عاطفية عند المضطهدين أكثر ما لغاندي في الهند، وليس هناك من ينطبق عليه المثل المصري العامي (السجن للجدعان) مثل مانديلا في سنين سجنه وسعة أمله وطول صبره.
انفرد نيلسون بأنه عاش حتى رأى ثمار عمله ونتاج كفاحه، بل وامتد به الحفاظ على ذاكرته القديمة حتى استوعب تغير العالم وتحولات الثقافة وتقلبات السياسة السريعة، بل وبقي مانديلا حتى عاصر أجيالا من الاهتمامات امتلأ بها عمره وفكره وقلبه ثم مات.
تعجبني جدا ابتسامة هذا الرجل الدائمة منذ أكثر من 90 سنة عاشها حتى وفاته، وكأنه يهدي لنا حكمة يرسمها على محياه بأن الأمل هو بوابة الخروج من الواقع، وأن العمل الدؤوب سبيل النجاح، وأن العلاقة مع الناس تعتمد على مدى تفهمك لاحتياجاتهم ورغباتهم وهمومهم، فليس من الشرط أن تجد حلا لهم فوقوفك معهم بداية الحل.
استحق ناشط كهذا أن يحصد جوائز عالمية ويحظى بمكانة منقطعة النظير شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، عند المشاهير وعند فقراء العالم وضعفائه في حياته.
هو (للسود) نموذج الوفاء، وهو (للبيض) عنوان العدل، وهو (للأغنياء) وجه إعلامي بدون منازع، وهو (للفقراء) أجدر من يتحدث عنهم، وهو (للساسة) صديق قديم، وهو (للمتنازعين) وسيط سلام، وهو (لذويه) فخر لا ينتهي.
إنه إنسان مثير للاهتمام في إنجازاته وارتباطه بجنسه وبلده ومبدئه حتى في أفكاره وطرحه وكلامه، كما كان دوما مثيرا للاهتمام حتى في (الكاريزما) الخاصة به وأزيائه التي يرتديها ليعبر عن شيء ما.
لم يكن نيلسون مانديلا مقاوما (للعنصرية) فحسب بقدر ما كان شديد المقاومة لذاته ونفسه وهواه، استطاع بجرأة الشجاع أن يبدو قويا حتى وهو يمسك بعصا الكبر ويمشي الهوينى من أثر السنين أن يقول في عيد ميلاده الـ 90 مقولة عظيمة وكلمة رائعة «حيثما يكون فقر وظلم يكون مزيد من العمل والجهد».
لن أستغرب أبدا إن رأيت يوما فيلما سينمائيا عالميا يفوز بالأوسكار لتجسيده جانبا من حياة وفكر هذا الرجل، ولن أتعجب إن استوحى صناع الكرتون الأطفالي شخصية محببة للصغار من أفكار ورحلات هذه الشخصية العالمية، فليس غريبا إذن أن تحتفي به قاعات الأمم المتحدة وتسمي به نشاطا لها، فأنا مثل كل من في العالم أغار من مانديلا حيا وميتا، وأغار من الجبير هدوءا وحكمة ومنطقية قول ومهارة تواصل.
albabamohamad@