ياسر عمر سندي

رسالة إلى من سمع شكواها العلي القدير.. مع الشكر والتقدير

الأربعاء - 26 سبتمبر 2018

Wed - 26 Sep 2018

خلق المولى عز وجل آدم عليه السلام وكرمه، ومن ثم خلق من ضلعه حواء وألهمه البحث عنها ليوجدها في حياته وتكون مستقرا له ومسكنا، لحكمة بعيدة المدى وهي احتياج الرجل الدائم للمرأة لمساعدته وإعانته على ظروف الحياة ومشقتها، فتواجد الزوجة بجانب الزوج مثل دفتي المركب لتسييره باستقرار في بحر الحياة، وإذا ما تقلب وتلاطمت أمواجه استعان الزوجان على تثبيت المركب والتجديف سويا ليرسو بأمان، قال تعالى «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة، إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون» الروم (21).

ومشروع تكوين شركة الحياة الزوجية ذات الرابط الوثيق والميثاق الغليظ له غاية سامية وهدف رباني، وهو إعمار الأرض وبناء أسرة تنعم بالترابط والتجانس فيما بينها وتقوم على أساس المحبة والمودة والرحمة؛ فالزوجة كما أشارت الآية الكريمة هي السكن الذي ينشده الزوج ويرجوه ويعمل دوما على تشييده وتنميته وثباته.

وأرى أن الزوجة الحكيمة تمثل الشريك الاستراتيجي الفاعل في شركة الحياة المقدسة، ولها أدوار عدة تقوم بها، حيث حباها الله بمزايا نفسية كبيرة وعديدة كونها تمتلك عاطفة فياضة مكنتها من القدرة على الحمل والصبر عليه والإنجاب والإرضاع ورعاية الأطفال والزوج وتلبية متطلباتهم، وتمتلك قلبا كبيرا ومشاعر متدفقة تجعل منها سببا في احتواء منزل الزوجية، وأمر الخالق جل وعلا الأزواج بإمساكهن بالمعروف والإنفاق بالحسنى وعدم البخل عليهن، كذلك ما أوصانا به الرسول عليه الصلاة والسلام في حديثه «استوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عوان عندكم» أي زيدوا يا معشر الرجال في الكرم والرحمة والخير على زوجاتكم ولا تظلموهن أو تجرحوهن بكلمات وأساليب غير لائقة، بل أعينوهن وادعموهن بكل الطرق والوسائل المحمودة.

وللزوجة دور استراتيجي مهم سأستعرضه بسلوكيات عدة، تعكس ديمومة الحياة السعيدة، بإذن الله:

• أهم دور استراتيجي تقوم به الزوجة هو التفاني في إسعاد شريك حياتها والوقوف بجانبه في أزماته النفسية والمجتمعية والعملية، بمعنى أن تكون سندا له وداعما روحيا في حياته ومتنفسا لمشكلاته التي يعانيها من عمله أو ما يمر به من ضيق وأزمات أسرية أو مرضية، فدورها عظيم في احتواء الزوج وإرضائه وتطمينه بالكلمة الطيبة وحسن المعشر والتأدب معه والدعاء له ومحاولة إيجاد الحلول التي تراها مناسبة لمساعدته.

• كوني له أمة يكن لك عبدا، توددي إليه وستملكين قلبه.

• ضعي خططا مستدامة لتغيير نمط وروتين الحياة، وذلك بعمل برنامج ترفيهي مع شريك حياتك والأولاد كل فترة إذا شعرت أنهم بحاجة لذلك.

• أضيفي جو الهدوء على المنزل أثناء عودة شريك حياتك من عمله بأجواء رومانسية حسبما تتقنينه وتجدينه مناسبا لذوق ومزاج شريك حياتك.

• فاجئي شريك حياتك كل فترة بما يحبه من ملبس ومأكل ومشرب.

• احرصي على تربية الأبناء وتفقدهم ومتابعتهم وإشراك زوجك وتحبيبه لفعل ذلك بالأساليب المختلفة، وثقي دوما بأنك أفضل مربية لأبنائك وكل خلق يورث لهم هو نتاج تربيتك في الأساس.

• تبني فكرة الاجتماعات العائلية الدائمة لتوثيق العلاقة أكثر بين الأسرة الصغيرة المتمثلة في الزوج والزوجة والأبناء والعائلة الكبيرة للزوجين.

• التزمي في سلوكك ونموذجك بالقدوة الحسنة لفعل الخير وحث أبنائك وشريك حياتك على ذلك.

• احرصي على تقريب شريك حياتك من أبنائه وتقريب الأبناء منه.

• اللجوء للدعاء الدائم لك ولشريك حياتك ولأبنائك بصلاح الحال.

فالزوجة في سلوكها استراتيجية الأفق ذكية التطلع، ولا ينتهي دورها المتميز أبدا في النقاط سالفة الذكر، فهي دائمة البحث والتحري وتوليد الأفكار النيرة للمحافظة على بيتها، وهي دوما في حالة تجدد وتجديد لأنها الأجدر بمعرفة الشؤون الداخلية بشركتها، وهنالك ثلاث حقائق يجب أن تعرفها كل زوجة صالحة في نفسها مصلحة لبيتها، وهي كالآتي:

• أنت السكن والوطن. فلا تصدقن الأزواج حين يقولون أنهم في راحة بال وسعادة بعيدا عنكن.

• أنت المربية والموجهة. فلا تصدقن الأبناء حين يقولون إنكن مزعجات وتلعبن دور الشرطي المنزلي.

• أنت الأساس. فلا تصدقن المجتمع حين ينسى الدور الاستراتيجي لكن في بناء الشركة المجتمعية للحياة.

فقد سمع العلي القدير قول التي تجادل النبي عليه الصلاة والسلام في زوجها وتشتكي إلى الله، حتى نزلت فيها آيات سورة «المجادلة»، وهي خوله بنت ثعلبة عندما أرادت حلا للرجعة إلى زوجها أوس بن الصامت عندما ظاهرها وحرمها على نفسه، وقالت قولتها الشهيرة للمحافظة على زوجها وبيتها «إن لي صبية صغارا إن ضممتهم إلي جاعوا وإن ضممتهم إليه ضاعوا». وهي كناية عن دورها الرئيس في التربية والتوجيه بعكس دور الزوج في كسب لقمة العيش وسد الجوع.

نصيحتي لكل زوجة، كوني على قدر المسؤولية فأنت محور ارتكاز البيت وعموده الفقري وبهجته الدائمة وقلبه النابض وأنفاسه المتصاعدة واستمري في منح السعادة فهي أساس العبادة.

Yos123Omar@