مرزوق تنباك

التوعية بأهمية البيئة وحمايتها

الثلاثاء - 25 سبتمبر 2018

Tue - 25 Sep 2018

تقوم الدراسات الاجتماعية على الملاحظة والاستقراء لتصرفات الناس العفوية، وهي التي تحدد سلوك المجتمع وتصنفه بتصرفاته الظاهرة التي يدركها الإنسان مهما كان تخصصه أو رأيه فيما يحدث أمامه من الأفعال التلقائية، وعلى ضوء ذلك يحدد المراقب شخصية المجتمع ويحكم على تصرفاته ويسند حكمه لتلك الظواهر الغالبة والملاحظات العابرة التي شاهدها ورصدها فيما يرى ويرصد، ذلك يجعله يصنف المجتمع تصنيفا عاما قد يكون في بعض الحالات متسرعا أو انطباعيا، ولكنه يبقى ملاحظة تحدد ملامح الظواهر البارزة لسلوك الناس التي تلفت النظر ويترتب عليها استنتاج الغريب أو الملاحظ لتصرفات المجتمع حسبما يلاحظه من أفعال وإن لم تكن دقيقة.

ولو أخضع الدارسون المجتمع السعودي لمثل هذه المراقبة والملاحظة ودرسوا ما يظهر من تصرفات أغلب أفراده لجاز لهم أن يصنفوه سريعا بأنه مجتمع يحمل فكرة التقويض والمحو للممتلكات العامة ولكل ما يقع تحت يده إذا لم يكن ملكا خاصا له، وأن مفهوم المحو متأصل في ثقافته وفي تصرفاته، ولن يعدم من يقول هذا القول أن يجد دليلا يشهد على ما يذهب إليه وما يرى من رأي، وأهم ما سيلاحظ أنه مجتمع لا يقدر ما نفعه عام وشامل حق قدره ولا يحافظ عليه، ويزهد زهدا كبيرا في الأشياء التي يشترك الناس في منافعها، كالحدائق والطرق والخدمات العامة وغيرها من مصالح الناس وحاجاتهم، ولا يرى أهمية المحافظة عليها وهي في رأيه لا تستحق أن تبقى أو يستفيد منها غيره مهما كانت أهمية تلك الأشياء للآخرين.

دعونا قبل أن نلقي الكلام جزافا ننظر في الأمر الذي يسوغ هذا الحكم، لنأخذ مثالين فقط مما هو مشاع بين الناس ومشترك النفع للجميع، ونرى كيف يتصرف الأفراد نحو هذين المثالين:

الأول البيئة التي تحيط بنا وهي متعددة الأغراض ومتنوعة، فيها الشجر وفيها الحجر وفيها الأثر وفيها الكثير من مخلوقات الله التي جعلها لحكمة يعلمها سببا في بقاء غيرها واستمرارا لأغراض لا ندركها. لقد محونا الشجر الذي كانت أودية الجزيرة وحياة أهلها قائمة على ما فيه من مرعى لسائمتها وجمالا لطبيعتها، ومع أهمية ذلك قسا عليها الناس ولم يحافظوا عليها ولم يعتنوا بها العناية التي تستحقها حتى طالها الإهمال وتسلط عليها جور الاحتطاب واجتثت الأشجار وتصحرت الأرض، فأصبحت قاعا صفصفا مع ما لأهمية الشجرة وقيمتها للبيئة وجمال الطبيعة وخضرة الأرض واستمطار الغيث، هذه واحدة.

أما الثانية فالمبالغة في محو ما كان يعيش في الجزيرة من مخلوقات الله ومنها أنواع الصيد، فما كدنا نملك السلاح الفتاك والتقانة الحديثة في وسائل الاصطياد حتى أسرفنا في اقتناصه والمبالغة في قتل ما نستيطع قتله لغير حاجة ولغير مأكلة، أتاحت التقانة الجديدة امتلاك السلاح فدمرنا ما يعيش في أرضنا من أنواع الصيد الأليف والمفترس وما يطير وما يسير، وقسا الناس على هذه الحيوانات في حرب إبادة وحرب عبثية لا تقدر عواقب ما يترتب على خلو البيئة الطبيعية مما يعيش فيها من مخلوقات الله النافع منها والضار.

في العالم كله هناك قوانين تحمي البيئة وتحمي الممتلكات العامة وتعاقب من يسيء استعمالها وتجرمه، وأظن أننا بحاجة ماسة إلى سن قوانين صارمة معلنة ومطبقة على الجميع تحمي البيئة ومن فيها وما فيها من الأذى الذي تتعرض له، مثلما أن الإنسان يحتاج القانون لحماية حقوقه وسلامة

أمنه فإن الطبيعة تحتاج هي الأخرى إلى قانون صارم ورادع يحميها وينقذها من عبث العابثين وتعدي المعتدين.

Mtenback@