سعيد آل عاتق

عبر بإنجاز

الأحد - 23 سبتمبر 2018

Sun - 23 Sep 2018

نعيش اليوم أوقاتا سعيدة في الاحتفال باليوم الوطني الثامن والثمانين لبلادنا الغالية، ونستشعر الفرحة الكبيرة الغامرة بهذه المناسبة التي نجدد فيها العهد ونؤكد على الوعد بالولاء الانتماء.

في اليوم الوطني تذكير بما حققه الوطن من تقدم كبير ومذهل، وما وصلت إليه المملكة العربية السعودية من حضارة وتقدم جعل منها رقما صعبا في السياسة والاقتصاد والإعلام الثقافة وغيرها، وأصبحت بلادنا من الدول الأكثر تأثيرا ليس على المستوى الإقليمي فحسب، بل في كل الساحات والمحافل الدولية.

ومع مظاهر الفرح والتعبير عن حب الوطن يمكن أن نضيف على تلك الأفراح نكهة خاصة، ونستثمر هذا الشعور العاطفي الراقي إلى انعكاس حضاري مثمر يزيد من آثار الفرح ويعمق الولاء ويوثق الانتماء.

يمكن أن نترجم الفرح باليوم الوطني الغالي إلى تعبير عملي عن ذلك الحب العميق؛ عندها يكون التعبير بالإنجاز. والحديث عن تلك الإنجازات الفردية الممكنة في وطننا الغالي التي تجتمع لتكون سيلا من الإضافات الناجحة قس مسيرة الارتقاء الحضاري والثقافي والاقتصادي والاجتماعي.

التعبير عن حب الوطن بالإنجاز قيمة مضافة إلى حياة الفرد، يزيد من شعوره بالفرح والفخر، فكما يقول فرانكلين روزفلت «إن السعادة تكمن في متعة الإنجاز».

يعتقد بعض علماء النفس الاجتماعي أن الرغبة في الإنجاز هي مصدر الدافعية لتحقيق الذات وتحصيل النجاح وتجنب الفشل، ولهذا السبب يكون مقدار القوة الدافعة لدى الفرد لتحقيق إنجازات في الحياة بمقدار ما يتوقع أن يحصل عليه من قيمة وعائد، فكيف إذا كان العائد هو شرف المشاركة في مسيرة البناء والتقدم لأعظم بلد.

وحتى نستشعر لذة ذلك الإنجاز فلسنا نتحدث عن صنع التحولات الكبرى والتغييرات العظيمة، بل هي تلك الإنجازات الصغيرة المستمرة والمتتابعة التي تبني مع الوقت صرحا رائعا من الإبداع الشخصي الذي يتراكم مع الوقت ويكبر مع كل إضافة إيجابية ليكون مصدرا للفخر والاعتزاز وليكون جديرا بأن يشعر الإنسان بما قدمه لوطنه.

وقد تضمن التشريع الإسلامي قدرا كبيرا من التوجيه إلى أهمية الإنجاز، ومهما رآه الإنسان صغيرا وغير ذي بال، إلا أنه يعد مساهمة في بناء أكبر وجزءا من صورة إيجابية للسلوك الاجتماعي أو البناء الاقتصادي أو السياق الحضاري الشامل، ويظهر ذلك التوجيه الإسلامي الكريم في الإنجازات المتعدي نفعها إلى الآخرين وإن كانت مجرد ابتسامة في وجه أخيك أو إماطة الأذى عن الطريق أو كف الأذى، وخير الناس أنفعهم للناس.

ومن لطائف الأثر ما رواه الإمام أحمد في مسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من منح منيحة لبن أو ورق، أو هدى زقاقا كان له مثل عتق رقبة»، فكان إقراض المال لمن يحتاجه أو دلال وهداية من يسأل عن الطريق كعتق رقبة.

وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: أن تدخل على أخيك المؤمن سرورا، أو تقضي له دينا، أو تطعمه خبزا. رواه البيهقي وحسنه الألباني.

وما أجمل المعادلة حين ننظر إليها من الطرفين في وقت واحد. فنجعل من حبنا لوطننا وقودا دافعا نحو الإنجاز، كما يكون الإنجاز تعبيرا عن حب الوطن.

وفي كلمات الشاعر حسن الصبيحي خير تعبير عن ذلك:

وطني أحبك لا بديل

أتريد من قولي دليل

حب الوطن ليس ادعاء

حب الوطن عمل ثقيل

ودليل حبي يا بلادي

سيشيد به الزمن الطويل

قسما بمن فطر السماء

ألا أفرط في الجميل

في يوم الوطن الثامن والثمانين نستحضر مشاعر الحب والولاء، ونتطلع إلى بلادنا وهي تتسامى للمجد والعلياء، نسير في ركاب العز ونحن نرى جمال المستقبل، نشارك في البناء ونشرف بالإنجاز والعطاء فهو أغلى وطن ويستحق الكثير. رب اجعل هذا البلد آمنا.

saeed_ateq@