النستولوجيا
الأحد - 16 سبتمبر 2018
Sun - 16 Sep 2018
الحنين إلى الماضي أو ما يعرف لدى علماء النفس بـ «النستولوجيا» شعور عاطفي طبيعي ينتاب النفس البشرية عندما تعود بها الذاكرة إلى ذكريات جميلة في زمن مضى، وذكريات خالدة يستدعيها الشخص بين حين وآخر، ويختلف هذا الشعور من شخص لآخر، لكنه بلا شك يكون حالة مرضية إذا تحول إلى هوس بكل ما هو من الماضي وحب شديد للعصور القديمة بكل أحداثها وشخصياتها.
نحنّ اليوم كثيرا لعصر من أسميناهم بالطيبين، على الرغم من شظف العيش وضيق اليد التي عانا منها أولئك الطيبون في عصرهم، والحنين إلى ذلك الزمن ليس إشكالا في حد ذاته إلا إذا تحول إلى حالة اغتراب ترفض التعاطي مع المتغيرات التي فرضها الواقع، والمشكلة الكبرى عندما يصاحب ذلك الحنين إسقاطات نفسية على الواقع والمستقبل ترسخ في أذهان النشء من حيث لا نعلم!
الإنسان عندما يجد نفسه في حقبة زمنية تختلف كليا عن سابقتها ويعجز عن التكيف مع الواقع واستشراف المستقبل قد لا يجد أمامه إلا صورة الماضي التي يحنّ إليها ويتوجد على تلك الأيام التي يتمنى لو أن الزمن يعود به إليها، ولكن لو فكر قليلا وتساءل ماذا سيكون شعوره لو كان في ذلك العصر؟!
الحقيقية التي لا مناص منها هي أن الماضي الذي نصفه بزمن الطيبين ليس زمنا مثاليا كما نعتقده، وربما عاصر البعض جزءا منه، فالحياة هي الحياة بكل منغصاتها، لم تتغير رغم اختلاف أساليبها، والبشر هم البشر بكل صفات الخير والشر وفي كل زمن هناك طيبون وخلافهم.
إذا كان كل جيل سيحن إلى العصر الذي سبقه ويعتقد جازما أنه العصر المثالي رغم أن الحياة التي يعيشها اليوم وينعم بها لم تتهيأ لأسلافه؛ فالقصة إذن ليست سوى أزمة نفسية تتمحور حول الانتماء العاطفي للعصور القديمة، والفشل في الانفصال عن الماضي والتكيف مع الواقع، والعجز عن استشراف المستقبل.
أوقفوا العبارات السلبية التي تطلقونها على حياة جيل كامل ينعم اليوم بأفضل أساليب العيش، فالزمن الجميل الذي تزعمونه وزمن الطيبين ليس إلا إسقاطات على عصركم الجميل الذي جاء بما يحسدكم عليه أسلافكم، وعدم رضا عن الواقع، وقبل أن تتهموا زمانكم انظروا إلى وجوه أطفالكم البريئة التي تحمل أسئلة لن تجدوا لها إجابة، فماذا سيجيب أحدنا لو سأله طفله قائلا «إذا كان جدي من الطيبين فمن نحن يا أبي؟».
«من عهدة الراوي» لا يخلو أي زمن من الطيبين، فالخير موجود في الناس في كل زمان ومكان، والطيبون الذين نحنّ اليوم لعصرهم يصفون من سبقهم أيضا بالطيبين، ومن سيأتي بعدنا سيصفون زمننا بزمن الطيبين أيضا، فالطيبون في كل زمن ولكن لا يعرفهم إلا من يأتي بعدهم، وهكذا تسير الحياة.
نحنّ اليوم كثيرا لعصر من أسميناهم بالطيبين، على الرغم من شظف العيش وضيق اليد التي عانا منها أولئك الطيبون في عصرهم، والحنين إلى ذلك الزمن ليس إشكالا في حد ذاته إلا إذا تحول إلى حالة اغتراب ترفض التعاطي مع المتغيرات التي فرضها الواقع، والمشكلة الكبرى عندما يصاحب ذلك الحنين إسقاطات نفسية على الواقع والمستقبل ترسخ في أذهان النشء من حيث لا نعلم!
الإنسان عندما يجد نفسه في حقبة زمنية تختلف كليا عن سابقتها ويعجز عن التكيف مع الواقع واستشراف المستقبل قد لا يجد أمامه إلا صورة الماضي التي يحنّ إليها ويتوجد على تلك الأيام التي يتمنى لو أن الزمن يعود به إليها، ولكن لو فكر قليلا وتساءل ماذا سيكون شعوره لو كان في ذلك العصر؟!
الحقيقية التي لا مناص منها هي أن الماضي الذي نصفه بزمن الطيبين ليس زمنا مثاليا كما نعتقده، وربما عاصر البعض جزءا منه، فالحياة هي الحياة بكل منغصاتها، لم تتغير رغم اختلاف أساليبها، والبشر هم البشر بكل صفات الخير والشر وفي كل زمن هناك طيبون وخلافهم.
إذا كان كل جيل سيحن إلى العصر الذي سبقه ويعتقد جازما أنه العصر المثالي رغم أن الحياة التي يعيشها اليوم وينعم بها لم تتهيأ لأسلافه؛ فالقصة إذن ليست سوى أزمة نفسية تتمحور حول الانتماء العاطفي للعصور القديمة، والفشل في الانفصال عن الماضي والتكيف مع الواقع، والعجز عن استشراف المستقبل.
أوقفوا العبارات السلبية التي تطلقونها على حياة جيل كامل ينعم اليوم بأفضل أساليب العيش، فالزمن الجميل الذي تزعمونه وزمن الطيبين ليس إلا إسقاطات على عصركم الجميل الذي جاء بما يحسدكم عليه أسلافكم، وعدم رضا عن الواقع، وقبل أن تتهموا زمانكم انظروا إلى وجوه أطفالكم البريئة التي تحمل أسئلة لن تجدوا لها إجابة، فماذا سيجيب أحدنا لو سأله طفله قائلا «إذا كان جدي من الطيبين فمن نحن يا أبي؟».
«من عهدة الراوي» لا يخلو أي زمن من الطيبين، فالخير موجود في الناس في كل زمان ومكان، والطيبون الذين نحنّ اليوم لعصرهم يصفون من سبقهم أيضا بالطيبين، ومن سيأتي بعدنا سيصفون زمننا بزمن الطيبين أيضا، فالطيبون في كل زمن ولكن لا يعرفهم إلا من يأتي بعدهم، وهكذا تسير الحياة.