آلاء لبني

ملاذ آمن للطيور

الاحد - 09 سبتمبر 2018

Sun - 09 Sep 2018

الأمن البيئي مطلب حيوي لجميع الممارسات الاجتماعية والتنموية، وهو يركز على المخاطر والمشكلات البيئية وتأثير الضغط المتزايد على الموارد وعلاقته بالاستدامة والتنمية الاقتصادية ورفاهية المجتمع.

لو التزم كل واحد منا بفعل شيء واحد كل يوم مهما كان صغيرا لحماية البيئة بكل مكوناتها الحية وغير الحية سوف يحدث الفرق الإيجابي.

إن الممارسات المستمرة والعمل يدا بيد والمجاهرة بالرأي ورفض التصرفات السلبية جزء من الحل، وجزء من منظومة الاستدامة، والعكس صحيح، فتراكم الممارسات السلبية يدمر البيئة والمواطن الطبيعية، كممارسة الصيد الجائر في مواسم هجرة الطيور، ففي كل عام تتكرر أحاديث المهتمين بالتوازن البيئي ومحبي الطيور عن همهم لحماية هذه الكائنات والطبيعة.

شجب واستنكار هنا وهناك لوقف تدمير المحيط الحيوي، ووقف اقتناص أوقات هجرة الطيور، تقابلهما مقاطع ترف الصيد والتباهي بتدمير الحياة الفطرية والتنوع الحيوي واعتراض الهجرة الطبيعية باستهتار متناه!

ألا يكفي التعدي على الحياة الفطرية بالصيد الجائر والمجازر بحق الحيوانات المستوطنة ليمتد ذلك إلى خط سير الطيور المهاجرة! ما يحدث إجرام بيئي وتدمير للنظام الحيوي بعدم الاكتراث بأهمية الطيور المهاجرة للبيئة، والقضاء على أعداد كبيرة منها بما فيها من أنواع مهددة بالانقراض.

نقطع الأشجار الملاذ الآمن للطيور ونمنع عن أشجارنا قضاء الطيور على الحشرات التي تنخر فيها!

رفقا بالطيور، فما يحدث اعتراض لمساراتها بعد رحلة مضنية قطعت خلالها مسافات طويلة وخطوطا متعددة من أواسط آسيا وأوروبا، وبدل أن يتكبد القناص الفذ عناء البحث، يحتال ويغدر بالطيور بجهاز «المغني» الذي يقلد أصواتها وأصوات صغارها، ليجمعها بمكان واحد ويقتلها جماعات، وتقابل أيضا بشباك الصيد ويمنع عنها الماء لتموت عطشا، وتنصب الشباك عند نزولها لشرب الماء، بدل أن نكون ملاذا آمنا لها ونستقبلها بقليل من الضيافة المتمثل بتوفير البيئة المناسبة لها في أماكن عبورها وقليل من الماء والطعام وبعض الأشجار.

الصيد الجائر تجارة رابحة تدر على ممارسيها والمنتفعين منها أموالا سهلة، حيث تتراوح أسعار الطيور بين 3 و40 ريالا.

ألفت نفوس البعض التمتع بالصيد الجائر، ويستخدمون وسائل التواصل الاجتماعية للترويج لصور الغنائم! ليس الهدف محاربة المقاطع وناشريها الكترونيا، بل الهدف الحقيقي محاربة الفعل على أرض الواقع.

لن يشعروا بالندم لأن الصيد مباح وتجارة! إنها ليست هواية، بل تفاخر وتجارة وإيجار استراحات وارتفاع أسعار أجهزة وأدوات صيد.

ويأتي هنا دور الخطاب الديني الذي يجب أن يركز خلال مواسم الهجرة على التوعية وإظهار ما دعا إليه الإسلام لحفظ النوع والتنوع الحيوي والتوازن البيئي والمحافظة على الموارد الحيوية للحيوان والنبات، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من قتل عصفورا عبثا عج إلى الله يوم القيامة يقول: يا رب إن فلانا قتلني عبثا، ولم يقتلني لمنفعة»، وقد حرم الإفساد في الأرض بعد أن أصبحت مهيأة للعيش قال الله تعالى «ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها». ما هو الحل؟ وأين يكمن الخلل والقصور؟ المناداة بالتوعية لا تكفي أبدا، بل يجب إتباع التوعية بالإجراءات الحاسمة لتطبيق العقوبات الرادعة وتكثيف المراقبة والمتابعة.

أماكن ومسارات هجرة الطيور وخرائطها معروفة لدى المختصين والجهة المسؤولة عن ذلك، والأهمية كبيرة لتكثيف التواجد الأمني ببعض النقاط التي يستهدفها هواة القنص، والتأكد من تطبيق النظام وعدم حيازة أسلحة غير مرخصة وصيد بدون ترخيص.

حتما لن تنتهي المشكلة، لكن سيساهم هذا في التخفيف منها.

«كلنا أمن» تطبيق مميز من الأمن العام، لماذا لا يضاف إليه التبليغ عن الانتهاكات البيئية والفطرية والصيد الجائر كأحد البلاغات أسوة بالمرور وأمن الطرق والدوريات، وذلك بهدف تفعيل ضبط وحصر المخالفين.

ومن ثم تأتي مرحلة النظر من لجان إمارات المناطق التابعة لوزارة الداخلية، وهي اللجان المعنية بالنظر في مخالفات أحكام نظام صيد الحيوانات والطيور البرية، وتطبيق الجزاءات الواردة بحسب الأنظمة. ختاما، وعاء فيه ماء على شرفة نافذتك وفتات خبز، يحدثان فرقا. قال رسول الله عليه الصلاة والسلام «وفي كل كبد رطبة أجر». وللحديث بقية.