محمد حطحوط

المملكة ليست الإمارات، والرياض ليست أبوظبي!

السبت - 08 سبتمبر 2018

Sat - 08 Sep 2018

كنا نحتسي القهوة مع مجموعة من الأصدقاء المثقفين، وكان أحدهم يتحدث بحماس منقطع النظير عن مشروع نيوم قائلا: نيوم.. هو نسخة (دبي) بالسعودية! أوقفت الزميل بأدب قائلا: من الخطأ تكرار نسخة دبي بالمملكة، لأن السعودية ليست الإمارات - تاريخيا واقتصاديا وثقافيا، والرياض - لونا وشكلا وفكرا - ليست دبي - لونا وشكلا وفكرا! الثوب الإماراتي الأنيق له نكهته الخاصة وأنت في أزقة (السيتي واك) وله جماله الخاص وهو يجوب طريق الشيخ زايد. ولكن للرياض ثوبها الخاص وطرازها الخاص أيضا. لها عبق الثميري، ونفحة المصمك، وحداثة البوليفارد! هذه مدينة وتلك أخرى، تماما كما تختلف لوس أنجلوس عن باريس، ليس لأن هذه أجمل من تلك، وإنما لباريس عشاقها ولساحرة الهادي عشاقها أيضا!

وجهة نظر - من ناحية إدارية واستراتيجية بحتة - تكرار نسخة دبي في السعودية فكرة فاشلة، لأنها أولا لا يمكن أن تقدم شيئا مماثلا لدبي نظرا للسبق الطويل الذي قطعته دبي في استقطاب آلاف الشركات والعقول من أنحاء العالم.

دبي ليست مجرد مكان للعبث كما يفهمها عشريني طائش، دبي منظومة متكاملة، نجحت في استقطاب فئة محددة من رجال الأعمال، وأصبحت دون منازع جوهرة الشرق. وقد شرفت بالعمل مع الزملاء في حكومة دبي، والحقيقة أن الشيخ محمد بن راشد شخصية مذهلة في الإدارة والتفويض وسرعة الإنجاز، والطموح الذي لا يهدأ. تخيل أن جهة حكومية مثل شرطة دبي تقوم بجهود تسويقية تفوق ما تراه بالقطاع الخاص محليا وعالميا! سيارات الشرطة الفارهة كانت واحدة من أنجح الحملات التسويقية، ورغم تكلفتها إلا أن صداها الدولي فاق جميع التوقعات! ومع هذا كله، دبي ليست الرياض.

هناك عميل يناسبه سامسونج في الوقت نفسه الذي يفضل أخوه من أمه وأبيه جهاز الآيفون.

المنطق الإداري يقول والمبدأ التسويقي يؤكد أن الخطوة الأولى لنجاح مشروع مثل نيوم أن تعرف أولا الفئة التي تستهدفها؟ وما هي القيم المشتركة بينك وبين هذه الفئة؟ شعار رؤية 2030 هو «العمق العربي والإسلامي.. قوة استثمارية رائدة.. ومحور ربط القارات الثلاث»، وهذا يوحي أن روح المملكة الإسلامي سيظل حاضرا في كل مشاريعها المستقبلية، ولهذا يبدو - تفكير في الهواء الطلق - استقطاب رجال الأعمال العرب والمسلمين خطوة منطقية، ويبدو كذلك تفعيل السياحة الدينية أكثر تناسقا مع لون السعودية من السياحة التسوقية والاستهلاكية في دبي، ولكل واحدة جمهورها الخاص. انتهت المساحة، وأكرر لصاحبنا المثقف في صدر المقال: السعودية ليست الإمارات، وأبوظبي ليست الرياض. وكل عام والسعودية بخير. وكل عام وحب عيال زايد يزيد.

@mhathut