منصور الفقير

الشفافية والمصداقية في المسميات الإعلامية

الاثنين - 03 سبتمبر 2018

Mon - 03 Sep 2018

اقترحت ذات مرة في إحدى المحاضرات أن يتم تغيير اسم «وزارة الدفاع» في عدد من الدول إلى «وزارة الهجوم»، وذلك باستبدال كلمة دفاع (Defense) إلى هجوم (Offense). في تلك الليلة الباردة، كان الحديث بحرارة عن الحرب، كما كان عن تناول الإعلام لها والشفافية أثناء خوضها. ضحك أستاذ المادة الذي عمل سفيرا أمريكيا سابقا وسألني لماذا؟ أخبرته أن الدول القوية لا أحد يجرؤ على أن يحاربها، واستشهدت أيضا بحديثه عن الأسطول الأمريكي الذي يجوب بحار العالم وعن الوزارات التي كانت تسمى وزارة الحرب في حقبة السبعينات والثمانينات، والتي تحولت لاحقا إلى مسمى يناسب توجهات السلام العالمي كوزارات الدفاع.

حين ننظر اليوم إلى حال الدول، والمخاطر الأمنية المحيطة بها نجدها تحمي نفسها باستخدام القوتين الناعمة والخشنة. فإما أن تهاجم، أو تدافع، أو تعتزل، أو تهاجم وتدافع في آن واحد. إعلاميا، نجد الأجهزة الإعلامية العالمية تنقل مسميات هذه القطاعات والمنظمات، خاصة الهجومية منها، كما تسمي نفسها، والتي غالبا ما تستعير الأسماء الإيجابية الناعمة الجاذبة للناس والكاذبة عليهم. وعلى الرغم من أن بعضها يعد الأكثر مشاغبة وإشغالا للمنطقة والعالم، نجد حتى المنظمات الإرهابية منها ورعاتها تتسمى بغير واقعها. فلا الدولة الإسلامية في العراق والشام - داعش - دولة، ولا هي إسلامية، بل هي تكوين فاحش، ولم يكن حزب الله يوما يفعل شيئا باسم الله حقيقة، وإنما هي أفعال شيطانية لأنه حزب الشيطان، ولا حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية تتصرف بنظام جمهوري ولا إسلامي، بل هو نظام الملالي. جميع هؤلاء أبعد ما يكونون عن الله وما قضى، والإسلام وما ابتغى، والقانون الدولي وما أوصى.

فمن منطلق الشفافية والمصداقية الإعلامية، ينبغي لجميع الجهات الإعلامية ألا تسمي هؤلاء بما يدعون، وذلك احتراما وتقديرا للأسماء التي يستخدمونها ولا يخدمونها. كما أن للتاريخ محكمة، فلا يحكم التاريخ علينا أننا شوهنا تاريخ حاضرنا وماضي المستقبل لأجيالنا القادمة. فمن غير المنطقي أن يبحث فرد بعد 50 عاما ويقرأ عن فرقة ضالة ادعت الإسلام أو العمل بتعاليمه ضلالا بأنها كانت «لله» أو للـ «الإسلام» أو «دولة». ولو نجا القراء العرب والمسلمون مستقبلا من هذه الأخطاء بعلمهم وقربهم، فلن ينجو من الخطأ من لا يتحدث لغتنا العربية حين يكون تاريخنا العربي والإسلامي بلغة أخرى.

الحل هو المصداقية في اختيار الاسم الأدق الذي يصف أفعال هذه الجهات، وليس ما تدعيه أو بما يختصر لقبها المستعار. فهذا من المهنية والأمانة الإعلامية والمسؤولية الاجتماعية تجاه العالم بأسره، ولا سيما مع التطور الالكتروني والسرعة الفائقة في نشر الخبر وإشاعته.

MansoorBF@