نواة تطوير التعليم

السبت - 01 سبتمبر 2018

Sat - 01 Sep 2018

مع انطلاقة العام الدراسي الجديد يقفز موضوع التعليم إلى الصفحات الأولى في الصحف والمواقع الالكترونية، ويصبح مادة الحديث الأساسية في المجالس والديوانيات، وليس ذلك بمستغرب، فهو هم مشترك يكاد يرتبط بكل بيت في المجتمع، ويمتد إلى قاعدة كبيرة من المستفيدين والشركاء.

وقد تعددت مداخل تطوير التعليم، ومع كل ذلك الزخم المتنوع إلا أن المدرسة تبقى نواة التغيير الناجح وبوابة الإصلاح الناجع والمدخل الحقيقي للتغيير، حيث إنها الوحدة الرئيسة في التعليم، ومنها ينطلق ذلك التطوير الذي يبدأ من المنصة المباشرة للعلاقة مع المستفيد الأول وهو الطالب.

المدرسة هي الأكثر تأثيرا والأجدر بالاهتمام لدى التربويين ومطوري التعليم نظرا لتأثيرها المباشر على مخرجات التعليم علميا وتربويا وسلوكيا، وهي البيئة الحقيقية لتكوين المفاهيم وتعزيزها في أذهان الناشئة، وهي بوابة التحول إلى مجتمع المعرفة وإحدى ركائزه المهمة وجوانبه المشرقة، وهي التي تؤدي الدور المباشر في تشكيل السلوك وبناء المعرفة.

ولذلك ظهرت بعض تجارب الإصلاح التعليمي التي تنطلق من المدرسة وتحاول نقل المدرسة من النموذج التقليدي السائد إلى نموذج مهني أو معرفي أو سلوكي أو نموذج شمولي، ومع الأسف فإن كثيرا من تلك المحاولات لم تحقق أهدافها، ولم تصمد تلك النظريات أمام تحديات الواقع المعقد، ذلك لأن إصلاح المدرسة يحتاج إلى نظام متكامل يقلل من مخاطر وتهديدات الإصلاحات الجزئية.

المدرسة في تعليمنا تحتاج إلى رفعها إلى قائمة أولويات تطوير التعليم، ولا يمكن الاكتفاء بتغيير اللافتات أو تعديل مسمى مدير المدرسة إلى قائد تربوي فحسب، بل لا بد من تطوير شامل لأدوار القيادة المدرسية والتمكين الحقيقي بصلاحيات مؤثرة ضمن سياق محفز وفي إطار حوكمة تتزامن مع محاسبية واضحة.

وقد يكون من متطلبات تمكين القيادة المدرسية تحديد مسار وظيفي لقائد المدرسة مرتبط بنظام لرتب القيادات المدرسية، يبدأ من اعتماد وظيفة قائد مدرسي ضمن وظائف الخدمة المدنية في تصنيف الوظائف، ويصل إلى بناء نظام حوافز مادية ومعنوية لقادة وقائدات المدارس وفق تقارير الأداء والإنجاز، وبناء منظومة تطوير مهني شامل للقيادات المدرسية ترتبط بنظام للرخص القيادية، وتطوير نظام اختيار القيادات المدرسية، والارتقاء بمعايير الأداء في ضوء ذلك.

وإن من أهم الاحتياجات لتطوير المدرسة استدامة الموارد المالية ووجود مورد مستدام وقابل للنمو، وكلنا يعلم أن من أهم أساليب تمويل التعليم في الحضارة الإسلامية هو نظام الأوقاف، ويمكن تصميم نموذج عمل لإنشاء أوقاف تعليمية على المدارس في الأحياء من خلال شراكة مع بيت خبرة في هذا المجال، مثل البنك الإسلامي للتنمية أو غيره، وتتم حوكمة المشروع بتأسيس مجلس نظارة للوقف يشرف على شؤونه، ويكون الوقف بمساهمة المجتمع المحلي من خلال صكوك أو أسهم وقفية، مع بقاء الإشراف والتوجيه للعملية التعليمية والسياسات التربوية والضبط الإداري والمالي لوزارة التعليم ومؤسساتها.

يا له من نجاح حين نرى لكل مدرسة شخصيتها وطابعها المميز وهي تنبض بالحياة وفق معطياتها وفي ضوء متطلباتها مع إطار عام وشامل يضمن المحافظة على الثوابت الدينية والوطنية والسلامة الفكرية، مدارس تتنافس في العطاء والتميز وليست نسخا مكررة وقوالب متشابهة.