ما مدى شعورك بالأمان في عملك؟!

السبت - 01 سبتمبر 2018

Sat - 01 Sep 2018

هذا السؤال نطرحه على القادة، إذ ليس الموظفون فقط من يحتاجون إلى الأمان، فالقائد يحتاج إلى الشعور بالأمان كذلك، ومهما ارتفع في الهرم القيادي فهو لا يستغني عن ثقة وتقدير الموظفين، ولا يكون ذلك إلا بالاحترام والتعاطف المتبادل بينهما، مما يصنع الانتماء.

تعزيز القيم الإيجابية المشتركة بين الموظفين والقائد يجعل الأمان أقوى للجميع في بيئة العمل، فكلما اقتربت من موظفيك وشاركتهم همومهم واحتياجاتهم وساعدتهم في حل المشكلات واستثمرت جهودهم في المجال الصحيح، ارتفعت الثقة بينك وبين موظفيك واتسعت دائرة الأمان التي تحيط بالموظفين، ويجعلهم ذلك قادرين على مواجهة التهديدات الخارجية، هنا ستصنع فريقا متعاونا قادرا على الصمود والتفوق.

«إن السماح لشخص بالانضمام إلى أي مؤسسة يعد أشبه بكفالة طفل يتيم» سيمون سينك.

العناية بالموظفين من مسؤوليات القائد التي يجب أن يلتزم بها، فيحرص بداية على اختيار الأكفاء للانضمام إلى الفريق ثم يتعهد رعايتهم وتدريبهم وتحفيزهم ومنحهم الأمان ليكونوا خير قادة من بعده، فهم الإرث الحقيقي الذي يخلفه القائد في المكان، ويحتاج ذلك إلى قيادة واعية إنسانية قادرة على بناء علاقات إيجابية وتوفير بيئة سليمة للعمل فيجعل الاهتمام بالموظفين في مقدمة أولوياته.

ونذكر هنا قصة سرد تفاصيلها سيمون سينك عن الرئيس التنفيذي لشركة هيسن «تشابمان» عند زيارته الأولى للشركة بعد شرائها، لم يكن أحد يعرفه، وبينما كان يشرب قهوته في مقصف الشركة صباحا رأى مجموعة من الموظفين يتناولون قهوتهم قبل العمل، وكانوا مرحين ويظهر عليهم أنهم أصدقاء قدامى، لكن بمجرد أن ذهبوا للعمل لاحظ تشابمان تغيير سلوكهم جذريا، فاختفت الابتسامات وعلا التجهم وجوههم وتبخر مناخ الصداقة الذي كان سائدا قبل لحظات، فاستاء تشابمان لذلك وخطرت في باله فكرة؛ لم لا يمكننا الاستمتاع بأوقاتنا في العمل نفسه كما نستمتع بأوقاتنا خارجه؟

غادر المقصف وعقد الاجتماع وتغيرت خطة اجتماعه، فقد كان مقررا لمجرد التعارف وجمع معلومات، لكن بناء على ما رآه في الصباح أدرك ضرورة البدء في التخطيط لخلق بيئة يشعر فها الموظفون بقدرتهم على التعبير بصدق، والاحتفاء بهم وبجهودهم، وهذا هو أساس ما يسميه تشابمان «القيادة الإنسانية الحقيقية».

فاحرص على أن ترى ما لا تريد أن تراه، بل لا بد من تفقد الموظفين ومعايشتهم والسماع منهم ومصارحتهم مع منحهم الأمان، وذلك لتقديم ما يجب تقديمه للوصول للحقيقة التي قد لا نراها بسبب تزييف حقائق أو تهميشهم بالاختصار عند السماع لموظفين محدودين، بل أنصت للجميع مع اختلاف مستوياتهم ومناصبهم وثقافاتهم.

ففي وقتنا الحالي لا مكان للبيروقراطية التي دمرت كفاءات كثيرة، وأفلست شركات بسبب ممارسة التسلط والإحباط ضد الموظف مما يؤثر على الإنتاجية، فأنت لا تتعامل مع تروس ماكينة تضغطها لتدور وتعمل وتنتج وقتما تسمح لها وتستبدلها وتوقف عملها وقتما تشاء، بل الآن نحتاج إلى قيادة إنسانية، وقائد للبشر، «ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك».

احترام العاملين سيمنحهم بيئة مستقرة آمنة، مما ينعكس على قائدهم وتفوقه، وسيدافعون عن عملهم ويقتنصون الفرص للتطوير والإبداع، فالبشر بطبيعتهم يميلون لمن يهتم بهم ويدافع عن حقوقهم، كما سيظهر أثر ذلك ليس فقط على الإنتاجية أو على القائد بل على الفريق ككل.

همسة قيادة، قد بأمان لك ولمن حولك، فالأمان قيمة عالية جدا للموظف تحقق له الاستقرار والسعادة، فالأمان يعني توفر الشفافية، والصدق، والاحترام، والعدالة، والإنصاف وغيرها من القيم الإيجابية. وأخيرا أقولها: القائد الشجاع الذي لا يقبل التهاون في حقوق الموظفين هو الأمان، فهنيئا لمن لديهم هذا القائد.