سحر أبوشاهين

تنمر الأرانب

الجمعة - 31 أغسطس 2018

Fri - 31 Aug 2018

استيقظت ذات يوم وبدأته ككثير من السعوديين بتصفح تويتر، فصدمتني حملة هجوم شرسة يتعرض لها أحد المغردين المعروفين، حملة تشويه وتفسيق وتخوين، بعد أن كان بالأمس فقط يعد وطنيا مخلصا ومواطنا مفيدا وشخصية معروفة محبوها أكثر من كارهيها، ترى ما الذي تغير بين اليوم وأمس لتسحب من علياء السماء وتجر إلى أسفل سافلين؟

تذكرت حينها أن هذه ليست الحملة الأولى من نوعها، ولكن ربما كانت الأولى لشخصية أعرفها عن قرب، شخصية أعلم يقينا صدق وطنيتها وكرم أخلاقها وحبها للصالح العام، كما سبقتها حملات تشويه تعرض لها آخرون، استمرت أياما وتم اتهامهم فيها بأبشع التهم وأقذرها، استخدمت فيها ذات أدوات التخوين والتفسيق ونزع رداء الوطنية، وتم الهجوم بذات الطريقة، عبر بعث تغريدات قديمة جدا للشخص تعود حتى 7 سنوات سابقة، حيث كان الزمن والظروف مختلفة، ونزعها من سياقها الذي قيلت فيه ومحاولة الزج بها ضمن الحاضر الذي ربما تغير وتبدل، أيضا تزوير وفبركة تغريدات أو تغيير تاريخ التغريدة لجعله أحدث، إضافة لاستخدام صور قديمة للشخص محل الهجوم مع شخصيات أصبحت الآن معادية أو غير مرغوب بها ضمن مجتمعنا، ولكن الوضع كان مغايرا ربما في زمن التقاط الصورة.

واستعدت أيضا ما تعرضت له شخصيا في وقت سابق من اليوم التالي لوصولي إلى موسكو خلال استضافتها لكأس العالم حين وسمت بأبشع الصفات، لتصويري العفوي لمشجعي منتخب إحدى الدول، وقد صادفتهم في طريقي.

واخترت حينها الصمت المطبق كرد بليغ على معرفات وهمية تبدو كما لو كانت تدار من قبل شخص أو أشخاص قليلين، يعيدون نسخ ولصق ذات التغريدات، للإيهام أن عدد المشاركين في الهجوم كبير في حين أنه خلاف ذلك، ولم يمض إلا يومان حتى تلاشت الحملة وتقهقر المهاجمون وكمنوا في كهوفهم بانتظار فريسة جديدة، للانقضاض عليها أو تخويفها وإرهابها، علها تتوقف عن الحديث أو ينطفئ نور الحياة من قلبها كما يتمنون ويرغبون حقا في دواخلهم المظلمة!

والسؤال الكبير والملح: من الذي يقود هذه الحملات ويقف خلفها؟ ولماذا تتعمد أن تكون الشخصيات محل الهجوم محسوبة على مذهب معين أو تيار ما أو تعود أصولها لبلد مغاير؟ ألا يشير ذلك إلى وجود مجموعة يمكن اعتبارهم النازيين الجدد ممن يعانون مرض العنصرية، ويعتبرون كل مختلف عنهم خطرا ومحل شك وريبة، ولا بأس من تحين الفرصة لتدميره وسحقه والتخلص منه؟ أو على الأقل تشويه سمعته لينفض الناس عنه، ويتحول إعجابهم به لكره أو ليضمحل الإعجاب ويتلاشى، وإذا لم يحصل شيء من ذلك فلا أقل من أن يشفي العنصري بعضا من غليله وحسده لبروز نجم أو سطوع شمس من يراه نكرة وحشرة لا تستحق حتى الحياة فما بالك بالشهرة وحب الناس له!

التنمر الالكتروني بات واقعا نعيشه كل يوم، إلى الحد الذي أصبح فيه تصفح مواقع التواصل الاجتماعي مثيرا للاشمئزاز في كثير من الأحيان، فأنت لا تستطيع عزل تغريدات المتنمرين، فهم يغيرون جلدهم ومعرفاتهم الوهمية عدة مرات يوميا ليتمكنوا من البقاء مع كمية الحظر الذي يتعرضون لها من الآخرين، كما يصعب رصدهم وبالتالي ملاحقتهم قضائيا، فهل يعتزل العقلاء والوطنيون الأصلاء مواقع التواصل الاجتماعي ويعودون لوسائل التواصل التقليدية ويتركونها مرتعا لهم يفسدون فيها عقول من تمكنوا من خداعهم واستغفالهم؟ أم يبقون شوكة في أعين الجبناء المتوارين خلف معرفات وهمية وضمائر ميتة وأحقاد جاهلية، فنسلط الضوء على سوءاتهم لعلهم يتوارون خجلا؟ أظن أني حددت خياري.. ماذا عنكم؟

الأكثر قراءة