محمد النفاعي

الطابور لكشف المستور

الجمعة - 31 أغسطس 2018

Fri - 31 Aug 2018

غدا بإذن الله يتوجه أبناؤنا وبناتنا الطلبة إلى مدارسهم لبدء عام دراسي جديد. موسم دراسي جديد تنتج عنه كثافة في حركة المرور. في المقابل، لا يخفى على الجميع النسب العالية للحوادث المرورية عندنا، مع ملاحظة أن النسب في انخفاض مقارنة بالأعوام السابقة ولله الحمد، بحسب الإحصاءات الحديثة للمرور. في اجتهاد شخصي حاولت أن أجد رابطا بين النسب الكبيرة للحوادث مع أجيالنا الشابة، وما الذي يجعل شبابنا لا يبالون أحيانا كثيرة بما يحدث من حولهم وأخذ الحيطة والحذر عند القيادة.

رجعت بذاكرتي إلى ما يحدث بين حين وآخر من بعض الفوضى والتصرفات الفردية غير المتزنة أثناء شراء الطلبة لوجباتهم أثناء الفسح على مختلف المستويات الدراسية. مما ينتج عن ذلك لدى النشء بعض الخلل في «ثقافة الطابور». احترام الطابور يعلم النشء النظام، والصبر، والإيثار، واحترام الآخرين وغيرها من الأخلاق والفضائل الحميدة. أرى من وجهة نظر شخصية أن هناك ارتباطا مباشرا بين ثقافة طابور المقصف المدرسي وما يحدث في شوارعنا من قائدي المركبات الشباب، ومن ثم ارتفاع نسب الحوادث المرورية. هؤلاء الشباب الذين يشكلون النسبة الأعلى في الحوادث ليس محليا فقط بل عالميا أيضا، كما ظهر في «التقرير العالمي عن حالة السلامة على الطرق 2015» من منظمة الصحة العالمية.

الاعتقاد السائد بين النشء أن من يتقدم الطابور أو يسبق الآخرين هو الأفضل والأجدر والأقوى، لدرجة أن قرناءه بعد فترة لا يستنكرون فعله، بل قد يجذب فعله الآخرين لتقليده. المحصلة أن الطالب ينشأ والصورة البطولية تكبر في مخيلته، يستحضرها عندما يكون خلف المقود، لا يتبادر إلى ذهنه الفتي أن هذا عمل له عواقب جسيمة، فتجده إما يسرع أو يقطع الإشارة أو حتى يتجاوز من كتف الطريق وغيرها من المخالفات المرورية التي يعدها غير مؤثرة على من حوله بتاتا، بل هو المنوط فقط بعواقبها (المأمونة) سلفا بالنسبة له. وقد قيل في الأمثال «من أمن العقوبة أساء الأدب».

لا أخلي هنا مسؤولية البيت والمجتمع أيضا ودورهما المهم في نشر «ثقافة الطابور»، لكنني أحببت أن أثير نقطة علها تسهم في حل المشكلة والتقليل من نسب الحوادث على المدى الطويل.

أتمنى أن نعطي المدارس دورا اجتماعا وتربويا أكبر إلى جانب الواجب العلمي، من حيث تعليم النشء النظام والمراقبة الذاتية وحفظ حقوق الآخرين، وكيف تكون هذه الفضائل ميزة وليس نقصا في شخصية الشاب.

هنا تجب الإشادة بالمبادرات الاجتماعية التطوعية في هذا الجانب مثل مبادرة «لجنة السلامة المرورية» و»قافلة السلامة المرورية» و»جمعية سلامة»، وغيرها كثير من المبادرات في هذا الجانب، والتي لا يتسع المجال لذكرها هنا. مبادرات تتعاون مع المدارس بتنفيذ محاضرات وورش عمل حسب المرحلة الدراسية عن القيادة الآمنة.

في النهاية لن يمل أو يكل الجميع، كل حسب اجتهاده، من التطرق لهذه المشكلة والتصدي لها بجميع السبل المتاحة ومواصلة العمل الدؤوب، حتى تندثر هذه النسب العالية إن شاء الله تعالى، والتقارير المرورية الصادرة حديثا توضح ذلك ولله الحمد كما ذكرنا آنفا.