أحمد الهلالي

وزارة الثقافة وملف الدراما والسينما!

الثلاثاء - 28 أغسطس 2018

Tue - 28 Aug 2018

ما نعلمه لكننا للأسف نتجاهله، أو بالأصح لا نلتفت إليه كما يستحق، أن الله منّ علينا بثراءات عديدة، لم يشغلنا منها ويستقطب كامل عنايتنا إلا النفط، وربما هذا التركيز منا ومن العالمين حرض القصيبي على أن يرد مدافعا «نفط يقول الناس عن وطني/‏ ما أنصفوا، وطني هو المجد»، ووطننا (المجد) من أثرى بلدان العالم، يحظى بمميزات لا تتوفر لكثير من البلدان، لعل من أهمها: الثراء الجغرافي التضاريسي والمناخي، والثراء التاريخي بما نملك من عمق ممتد في الزمان مرتبط بالجغرافيا بحبل وثيق، وثالثا الثراء الديموغرافي، وينقسم إلى قسمين: ثراء داخلي بمواطني المملكة على امتداد مساحتها الشاسعة، واختلاف العادات واللهجات وتباينها من منطقة إلى أخرى، إضافة إلى التنوع المذهبي. والقسم الآخر: الثراء الوافد، فبلادنا مهوى أفئدة كل العالم زيارة وإقامة تمتد لعشرات السنين.

تلك الثراءات المهمة والمميزة وغيرها، لا تتوفر في كثير من الدول القريبة والبعيدة، والمؤسف أننا لم نستغلها جميعها كما يجب، وإن كانت رؤية 2030 قد لفتت الأنظار إلى تلك الثراءات، فما تزال بعض الأدوات ناعمة الأظافر في لمسها، أو لم تخلق

أظافرها بعد، ومن أهم تلك الأدوات في رأيي (الدراما والسينما والمسرح)، فهي في أبهى صورها (تحبو)، قياسا بدول مجاورة لا تملك ربع ما نملكه من ثراءات ثرة وغزيرة، ما تزال بكرا عن أعين الكاميرات الفنية الذكية الخلاقة.

رؤية 2030 تضع الكرة اليوم في ملعب وزارة الثقافة، فهي في رأيي المعني الأول بحديث مقالتي، فنحن في مسيس الحاجة إلى مشهد وطني (درامي/‏ سينمائي/‏ مسرحي/‏ وثائقي) يدهش المنطقة، ويبهر العالم، وهذا المشهد يحتاج إلى خطوات تأسيسية قوية ما تزال غائبة، أرتبها على النحو الآتي:

ـ رفع سقف الحرية في التناولات الفنية، وتحرير المشهد الفني من القيود، وتذليل العقبات التي تواجهه سواء في الإجراءات الإدارية أم في الرقابة.

ـ إقرار جائزة وطنية كبرى للفنون الدرامية والسينمائية والمسرحية والوثائقية بكافة تخصصاتها، كتابة وتصويرا وتمثيلا وإخراجا وإنتاجا، على هامش ملتقى فني سنوي، لخلق بيئة تنافسية حقيقية للمبدعين والمنتجين، فالعمل الفني ثقافي (جماعي) ريعه الوطني أعم وأبقى.

ـ العمل على تأسيس كليات وأكاديميات وأقسام ومعاهد على امتداد الوطن، مستقلة أو بالتعاون مع الجامعات تستقطب كل الطاقات والمواهب الوطنية، وتضعهم في منطقة الفعل الحقيقية، فجل من نراهم اليوم هواة، أو اضطروا للسفر إلى بيئات فنية مجاورة، تدربوا وتعلموا فيها أبجديات عامة، وربما لم ينضج ما تعلموه ليثمر.

ـ دعم المبدعين السعوديين المتميزين في هذه المجالات، وتحفيزهم للمشاركة بأعمالهم في الجوائز العالمية.

ـ أن تتجه الوزارة

إلى الإنتاج الفني الحكومي، ويستحق هذا الباب في نظري أن تكون للوزارة وكالة للشؤون الفنية، فالوزارة هي الأقدر على بناء أعمال وثائقية ودرامية نوعية بما تملك من وثائق، قد لا يستطيع المنتج العادي الوصول إليها.

ـ أن تعمل الوزارة مع وزارة التعليم على صياغة برنامج تعليمي يعزز في النشء احترام الفنون وتقديرها، والإيمان بأهميتها في عالم اليوم.

ـ أن تعقد الوزارة ورش عمل نوعية للفنانين والمنتجين والمخرجين والنقاد السعوديين، تخرج أعمالنا الفنية من بدائية التناول وسطحيته إلى آفاق أرحب، والتركيز على إنسانية الخطاب الفني وشموليته.

نحن اليوم نقف على كنز عظيم، ما يزال بكرا، فإن نظرنا إلى سِير العظماء من المؤسس إلى الطاقات السعودية الناجحة اللافتة، وإن نظرنا إلى الحج والعمرة وملايين البشر الذين يفدون علينا، وإن تأملنا المقيمين بيننا وأحوالهم، وإن تأملنا قضايانا المحلية والعربية والعالمية (سياسيا وأمنيا واقتصاديا وثقافيا واجتماعيا) وإن أمعنا النظر في تاريخنا العميق بكل اتجاهاته وما نملك من آثار تاريخية مهمة، وإن استشرفنا مستقبلنا، فكل هذه الثيمات وغيرها ستنتج آلاف الأعمال الخالدة، وتظل رباطا وثيقا بين الأجيال، ورافدا مهما لحضورنا بين الأمم، إضافة إلى تقديم صورتنا بأيدينا نحن لا بأيدي الآخرين، وفتح آلاف الفرص الوظيفية لأبنائنا تعزز اقتصادنا الوطني وناتجنا المحلي.

@ahmad_helali