تجربة الحج «صحفيا»!
الأحد - 19 أغسطس 2018
Sun - 19 Aug 2018
في مثل هذه الأيام وقبل 12 عاما، حظيت بتجربة ميدانية لتغطية موسم الحج، كنت حينها ضمن فريق صحيفة «الشرق الأوسط» بصحبة عدد من الزملاء، كان مقر بعثتنا في أحد المخيمات المخصصة للإعلاميين وسط مشعر منى بمكة المكرمة، إلى جانب مئات الإعلاميين الذين يمثلون وسائل الإعلام الورقية والمرئية والمسموعة والالكترونية من المملكة العربية السعودية ومختلف دول العالم.
مثلت هذه التجربة بالنسبة لي محطة مهمة في حياتي الصحفية، فالعمل الإعلامي في موسم الحج من أصعب التجارب الميدانية، خاصة مع اجتماع أكثر من مليوني حاج في مساحة جغرافية صغيرة نسبيا، حشود بشرية غير متجانسة تتباين أعراقهم وألوانهم ولغاتهم وأعمارهم وثقافاتهم، ويشتركون في الدين ويختلفون في المذاهب الفقهية، ويتشاركون ذات المناسك ونفس المكان والزمان.
وفي ذروة موسم الحج؛ التي تبدأ غالبا بيوم التروية في الثامن من شهر ذي الحجة، يتنافس مئات الإعلاميين للحصول على السبق الإخباري، وإنتاج التقارير الإعلامية والمواد الصحفية الخاصة، فوراء كل حاج قصة خاصة به، وبعض تلك القصص تستحق أن تروى وتوثق إعلاميا، فمنها ما يندرج تحت حكايات استعداد الحجاج وقدومهم إلى المشاعر المقدسة، وبعضها يبنى على المواقف الإنسانية التي تحدث بين الحجاج والقائمين على خدمتهم، وغيرها من القصص التي قد تكتبها صورة التقطت في اللحظة المناسبة، أو مصادفة هيأت لحوار عابر مع حاج.
ومع انهماك الحجاج بأداء مناسكهم، وما يعانونه من جهد التنقل بين المشاعر المقدسة، إضافة إلى عائق اللغة الذي يحول دون سهولة التواصل مع الحجاج، يصبح الحصول على المواد الصحفية المميزة وغير المسبوقة أمرا بالغ الصعوبة، فالعملية برمتها رهن عوامل عديدة؛ أهمها البحث الميداني المشروط بسرعة الحركة ودقة الملاحظة وحسن اختيار الزمان والمكان المناسبين.
كل صحفي وإعلامي يحرص على إحضار كافة الأدوات التي يحتاجها لكتابة الأخبار والتقارير، وصياغة القصص الصحفية؛ وفي المقابل توفر وزارة الإعلام جميع متطلبات التغطية الإعلامية، مع تهيئة البنى التحتية للقنوات الفضائية ووكالات الأنباء العالمية ووسائل الإعلام المختلفة، إضافة إلى تجهيز مراكز إعلامية عدة في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة بخدمات صحفية وشبكات اتصالات وأجهزة كمبيوتر واستوديوهات، بغرض تسهيل بث المعلومات والبيانات والصور طيلة أيام الحج.
كل هذه التسهيلات والخدمات لا تمنع وجود تحديات أو حدوث مفاجآت خلال موسم الحج، فالازدحام الشديد وصعوبة التنقل بين المشاعر يزيدان من فرص التعرض لحوادث مرورية لمن يستخدم الدراجات النارية، وقد تحدث بعض الإصابات الطفيفة، ولمن يفضل التنقل مشيا على الأقدام ربما يصاب بضربة شمس أو تسلخات جلدية نتيجة المسافات الطويلة.
ونتيجة للعيش مع الحجاج والاحتكاك المباشر بهم داخل المشاعر المقدسة، ورغم الوقاية بأخذ اللقاحات اللازمة واستخدام الكمامات الطبية، يصاب بعض الإعلاميين بأمراض متنوعة، كالزكام والإنفلونزا الموسمية وغيرها، تسبب لهم وعكات صحية تلزمهم دخول المرافق الصحية لتلقي العلاج، ولا زلت أتذكر إصابة مراسل صحيفة «الحياة» الزميل هادي الفقيه بنوبة قلبية أثناء تغطيته الميدانية لأعمال الحج، وخضوعه للمراقبة الطبية لساعات قبل أن يتعافى ويواصل عمله حتى نهاية أعمال الحج.
في الموسم الذي حججت فيه «صحفيا» لا زلت أتذكر مشهدا مشوها للصورة الروحانية التي غمرت المشاعر المقدسة يوم العيد، يتمثل في تسييس بعثة الحج الإيرانية مناسك الحج، وترك سنة التلبية لله سبحانه، وترديد شعارات سياسية معادية للمملكة، وإغلاق بعض الممرات، ومضايقة الحجاج من حولهم، كل هذا تم احتواؤه بسرعة وبكل هدوء من قبل رجال الأمن الذين يبذلون جهودا كبيرة ومتصلة لتوفير الأمن والأمان في موسم الحج، وتنظيم تفويج الحجاج بين المشاعر، وإرشاد التائهين ومساعدة الضعفاء والمرضى، ومكافحة حالات الافتراش والتسول.
أسأل الله أن يتوج جهود المملكة بنجاح حج هذا العام، وكل أضحى أنتم الخير والبركة.
shakerabutaleb@
مثلت هذه التجربة بالنسبة لي محطة مهمة في حياتي الصحفية، فالعمل الإعلامي في موسم الحج من أصعب التجارب الميدانية، خاصة مع اجتماع أكثر من مليوني حاج في مساحة جغرافية صغيرة نسبيا، حشود بشرية غير متجانسة تتباين أعراقهم وألوانهم ولغاتهم وأعمارهم وثقافاتهم، ويشتركون في الدين ويختلفون في المذاهب الفقهية، ويتشاركون ذات المناسك ونفس المكان والزمان.
وفي ذروة موسم الحج؛ التي تبدأ غالبا بيوم التروية في الثامن من شهر ذي الحجة، يتنافس مئات الإعلاميين للحصول على السبق الإخباري، وإنتاج التقارير الإعلامية والمواد الصحفية الخاصة، فوراء كل حاج قصة خاصة به، وبعض تلك القصص تستحق أن تروى وتوثق إعلاميا، فمنها ما يندرج تحت حكايات استعداد الحجاج وقدومهم إلى المشاعر المقدسة، وبعضها يبنى على المواقف الإنسانية التي تحدث بين الحجاج والقائمين على خدمتهم، وغيرها من القصص التي قد تكتبها صورة التقطت في اللحظة المناسبة، أو مصادفة هيأت لحوار عابر مع حاج.
ومع انهماك الحجاج بأداء مناسكهم، وما يعانونه من جهد التنقل بين المشاعر المقدسة، إضافة إلى عائق اللغة الذي يحول دون سهولة التواصل مع الحجاج، يصبح الحصول على المواد الصحفية المميزة وغير المسبوقة أمرا بالغ الصعوبة، فالعملية برمتها رهن عوامل عديدة؛ أهمها البحث الميداني المشروط بسرعة الحركة ودقة الملاحظة وحسن اختيار الزمان والمكان المناسبين.
كل صحفي وإعلامي يحرص على إحضار كافة الأدوات التي يحتاجها لكتابة الأخبار والتقارير، وصياغة القصص الصحفية؛ وفي المقابل توفر وزارة الإعلام جميع متطلبات التغطية الإعلامية، مع تهيئة البنى التحتية للقنوات الفضائية ووكالات الأنباء العالمية ووسائل الإعلام المختلفة، إضافة إلى تجهيز مراكز إعلامية عدة في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة بخدمات صحفية وشبكات اتصالات وأجهزة كمبيوتر واستوديوهات، بغرض تسهيل بث المعلومات والبيانات والصور طيلة أيام الحج.
كل هذه التسهيلات والخدمات لا تمنع وجود تحديات أو حدوث مفاجآت خلال موسم الحج، فالازدحام الشديد وصعوبة التنقل بين المشاعر يزيدان من فرص التعرض لحوادث مرورية لمن يستخدم الدراجات النارية، وقد تحدث بعض الإصابات الطفيفة، ولمن يفضل التنقل مشيا على الأقدام ربما يصاب بضربة شمس أو تسلخات جلدية نتيجة المسافات الطويلة.
ونتيجة للعيش مع الحجاج والاحتكاك المباشر بهم داخل المشاعر المقدسة، ورغم الوقاية بأخذ اللقاحات اللازمة واستخدام الكمامات الطبية، يصاب بعض الإعلاميين بأمراض متنوعة، كالزكام والإنفلونزا الموسمية وغيرها، تسبب لهم وعكات صحية تلزمهم دخول المرافق الصحية لتلقي العلاج، ولا زلت أتذكر إصابة مراسل صحيفة «الحياة» الزميل هادي الفقيه بنوبة قلبية أثناء تغطيته الميدانية لأعمال الحج، وخضوعه للمراقبة الطبية لساعات قبل أن يتعافى ويواصل عمله حتى نهاية أعمال الحج.
في الموسم الذي حججت فيه «صحفيا» لا زلت أتذكر مشهدا مشوها للصورة الروحانية التي غمرت المشاعر المقدسة يوم العيد، يتمثل في تسييس بعثة الحج الإيرانية مناسك الحج، وترك سنة التلبية لله سبحانه، وترديد شعارات سياسية معادية للمملكة، وإغلاق بعض الممرات، ومضايقة الحجاج من حولهم، كل هذا تم احتواؤه بسرعة وبكل هدوء من قبل رجال الأمن الذين يبذلون جهودا كبيرة ومتصلة لتوفير الأمن والأمان في موسم الحج، وتنظيم تفويج الحجاج بين المشاعر، وإرشاد التائهين ومساعدة الضعفاء والمرضى، ومكافحة حالات الافتراش والتسول.
أسأل الله أن يتوج جهود المملكة بنجاح حج هذا العام، وكل أضحى أنتم الخير والبركة.
shakerabutaleb@