محمد أحمد بابا

تحديد الذقن ورسم الحواجب

السبت - 18 أغسطس 2018

Sat - 18 Aug 2018

منذ ما يقارب 15 سنة وأنا أراقب هذين الأمرين في دنيا الموضة و(اللوك)، فوجدتهما يسيران بخطى متسارعة، وفق دفع متوازن القوى نحو تحديد شخصيات معينة، ليكون انطباعك عن الذي تراه من الجنسين على حد سواء مقرونا بشكل ذلك الجزء من الشعر الذي أشغل صاحبه فاحتار حتى اختار له ما تراه أنت الآن.

وفي العادة تصرفك الهيئة الجديدة أو النادرة أو الغريبة عن تقييم الموقف للحظات، حتى تخوض في حديث عبر خلجات نفسك تجاه مرامي الابتكارات والتجديدات، وربما التقليعات.

ولعلي أستطيع القول بأن الزوايا الحادة التي شاعت مؤخرا في التعامل مع الحواجب والسكسوكة مثلا أوحت لي بما يعانيه الفضاء النفسي في المجتمع العربي من إقصاء وشعور بالتهميش، فأحب اختيار وجه يظهر حدة انطباع لعله يستعيد بعض هيبة أو حذر أو على الأقل لفت نظر.

وفي المجمل وجدت بأن اعتناء كثير من النساء والرجال بالمسألة بشكل دوري مع مزيد من (الغامق) في اللون يعكس في اعتقادي شعورا بالخوف لو انقشع الظلام كيف ستكون المرايا؟

وربما أظهر الفارق بين حواجب الأنثى وذقن الرجل قيمة مادية أكثر في صالح ممتهنات الخدمة مقابل ممتهني خدمة الحلاقة الذكورية، وذلك لما تقتضيه الأولى من خصوصية وشح جعل اقتصار بعضهن على المناسبات أمرا يظهرهن بمظهر يدعو لإعجاب نساء أخريات، وتلك غاية في غالب الأحيان.

ما دعاني للكتابة عن هذا الأمر هو أن أقول: ارسمي حاجبيك، وحدد ذقنك، لكن لتدعا لنا فرصة أن نعرفكما، فلا تتقاذفنا دهشة هي أكبر من أختها في كل مرة نرى وجهيكما الكريمين.

وحين تلاحظ سباق تقنية (الليزر) في تطويع رغبات الرجال والنساء لخوض مغامرة التغيير في الوجوه ستجد في ملف الخيارات ربطا بين ابتكارات الأشكال وتوزيع ساعات الليل والنهار وتنوع الأغراض والمناسبات، وكأن ذلك يدعو الممارسات والممارسين للقناعة بأن لكل موقف وجها، ولكل حال وجوها.

مورس على الحاجبين في عالم المرأة كثير من تصعيد وتتالي الاحتراف نحو البحث عن حلول جمالية، ليكون ما سلف من حلق ثم رسم بأقلام سود من ماض الهوية الأنثوية، حتى هرب النساء للتشقير مندوحة عن النمص ثم وصلن إلى تحديد هو ذات منطلق رغبة الرجال في شعر وجوههم تذليلا للجمال تحت الطلب.

وحين نعودلإسقاط دراسة الشخصيات من خلال شكل الحاجبين، ونتذكر دندنة فيروز بندائها «يا عاقد الحاجبين على الجبين اللجين» نجد أن اتجاه النفس عن استجلاب انطباع الناظرين لتوهم شخصية معينة ربما يكون هدفا مشروعا في هدم الحواجب وإعادة بنائها، وكذلك مسح مساحات الذقن وتدوير حدود نباتها حسب إضمار النفس مهمة أو غرضا.

أكثر ما أشغل الإنسان بجنسيه الذكر والأنثى شعر الوجه نباتا وترتيبا وتحذيق استشراف، ليبني كل ذلك مجالا واسعا في اقتصاديات الخدمة وعوائد الابتكارات ورسوم فلسفة (الموضة) وزعم مناسباتها.

هنا نتوقف عند تقدم العمر وزهد من وصلن ووصلوا لسن معينة في صراع طال مع شعر لا ينفك ينبت ويعيد الحالة لنقطة الصفر، فتجد الشخص وقتها استسلم لذلك أو كثير منه إلا قليلا مما يهذبون.

لكن الخلاصة أن العين لا تعلو على الحاجب والذقن فوارق الشعوب والحضارات.

albabamohamad@