مي محمد الشريف

الشعوب تعاني بعد رحيل ملوكها

الجمعة - 17 أغسطس 2018

Fri - 17 Aug 2018

عاش لخدمة بلاده ومات في المنفى: في 1928 خافت بريطانيا من انتشار حركة الإصلاح في شبه القارة الهندية، فنجحت بخبث في تأليب القبائل الأفغانية وتشجيعها على التمرد ورفض إصلاحات الملك أمان الله الذي يعود له الفضل في حصول أفغانستان على استقلالها وحريتها وتحديث البلاد ووضعها في مسار حركة التاريخ الحديث. ركز جهوده في دعم الحياة السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والتعليمية، الأمر الذي سبب القلق لبريطانيا، فقامت طائراتها باستغلال تدين المجتمع وألقت منشورات تحوي تهما دينية ضد الملك فقامت الثورة وامتد الغضب بين القبائل لتنتهي بتنازله عن العرش وتبدأ الحرب الأهلية التي امتدت لسنوات، وما زال الشعب يعاني.

ثورة أكلت رجالها: في 1952 قام الضباط الأحرار في مصر بإسقاط النظام الملكي بقيادة الضابط محمد نجيب الذي كان أول رئيس لجمهورية مصر وأول ضحاياها بعد أن قام زملاؤه بإعفائه ووضعه تحت الإقامة الجبرية. كانت مصر الملكية مزدهرة بالجامعات والحركات الاجتماعية واقتصاد قوي أنقذ دولا عظمى من أزماتها، فقد أقرضت بريطانيا خلال الحرب العالمية الأولى نحو 3 ملايين جنيه إسترليني، وهو مبلغ كبير جدا إذا قسناه على ذلك الوقت.

وقدمت المعونات لإيطاليا واليونان بعد الحرب العالمية الثانية، أما بورصتا القاهرة والإسكندرية فاحتلتا المركز الرابع عالميا من حيث مجموع المعاملات وقيمة التداول. كان الجنيه المصري قبل الثورة يعادل 4 دولارات، وهبط تدريجيا إلى 2.5 دولار في عهد جمال عبدالناصر، وما زال الشعب يعاني.

إذا كانوا لا يريدوننا سنغادر البلاد: في 1958 انتهى رغد العيش في العراق بانقلاب دموي قتلت فيه الأسرة المالكة في قصر الرحاب على الرغم من إبداء رغبتها بالرحيل عن العراق، ولكن قام الضباط بقتل الملك وأسرته، ومنهم جدة الملك فيصل الثاني «الملكة الأم نفيسة» وكان القرآن في يدها فلم يسلم الكبير ولا الصغير في مجزرة قصر الرحاب البشعة. العراق الملكية دولة وليدة نهضت بالتعليم والصحة وزيادة مشاريع الإعمار والبناء وتوسعت على مستوى السياسة الخارجية، فكانت لها بصمة سياسية على مستوى العالم، وبعد سبعة عقود من الثورة، ما زال العراق يعاني من العنف والدموية والتخريب.

«وقد فقدناه بظلمنا له»: في عام 1969 تظاهر الشعب الليبي ضد حاكمهم الملك إدريس السنوسي مرددين «إبليس ولا إدريس»، فكأنما استجاب الله لدعائهم بحكم العقيد القذافي الذي دام لأكثر من 40 عاما. تم طرد الملك من بلاده وسحب ممتلكاته بعد نجاحه في استقلال بلاده ووحدتها عام 1947 وقيادته الشجاعة ضد المستعمر الإيطالي لينجح بعدها بنقل شعبه الذي يسوده الجوع والمرض والجهل إلى مجتمع حيوي في دولة ذات نمو اقتصادي واجتماعي مزدهر سبق فيها الدول العربية بتأسيس الجامعات والمستشفيات. نجح القذافي في طرد الملك العادل ونشر الإشاعات الباطلة عنه ولكنه قتل على يد الشعب الذي أعاد للملك الراحل اعتباره، ففي عام 2014 قررت الحكومة الليبية إعادة الاعتبار للملك العادل وأسرته بإعادة الجنسية لهم وإحصاء ممتلكاتهم التي صادرها معمر القذافي منهم وإعادتها إلى ورثته، وما زال الشعب الليبي يعاني.

سقطت الملكية في تلك الدول وعانت شعوبها، وبقيت لهم ذكريات عبر صور سجلتها عدسات الكاميرا لأوجه الحياة الرغيدة يطمحون اليوم للعودة إليها عبر صور سجلتها عدسات الكاميرا. فهل تبين لكم رأيي؟

ReaderRiy@