محمد صنيتان النفاعي

300 عام بين يديك

الجمعة - 17 أغسطس 2018

Fri - 17 Aug 2018

تمتلئ قصص التراث الشعبي في مختلف دول العالم بموقف يتكرر للبطل الشاب الذي يصادف في رحلته شيخا كبيرا يقطن كهفا في قمة جبل أو كوخ على طرف غابة أو خيمة في بطن الصحراء. هذا الشيخ يقدم له نصيحة يكون لها فعل السحر لتحقيق أمنيات الشاب أو تجاوز الصعاب والفوز بالجائزة الكبيرة في نهاية الحكاية. هذا في الخيال ولكن الواقع يؤكد أهمية نصائح الحكماء والكبار المجربين للشباب لتيسير أمورهم الحياتية وتأهيلهم للقادم من الأيام. لنا في سيرة الإمام الشافعي، رحمه الله، العبرة في هذا الأمر، حيث قصد مكة طلبا للعلم بتشجيع من أمه وهو صغير ولزم هذيلا أفصح العرب في سبيل المعرفة وكيف أثر ذلك على حياته بشكل عام.

هنا سنختصر لك السنوات ونقرب لك المسافات بأن نسرد لك خلاصة أكثر من ثلاثمئة عام من الخبرات لأشخاص، بل لأبطال خدموا هذا البلد المعطاء، أشخاص من مختلف التخصصات والأدوار عاركوا الحياة العملية حتى وصلوا لمراحل متقدمة فيها. البعض تقاعد حديثا والبعض أكمل أكثر من ثلاثة عقود من الخدمة في مجالهم. استجابوا بالرد المختصر الذي يناسب عصر السرعة الذي نعيشه ويعيشه شبابنا، على سؤال طرحته عليهم. السؤال هو: ما الأمر الذي يستحب على الشاب المقبل على الحياة العملية أو للتو ابتدأ مساره الوظيفي فعله أو تداركه للحصول على النجاح الوظيفي؟

توصية تختصر سنوات من الجهد لكشف النقاب عن وصفة النجاح الوظيفي. سنذكر التوصيات بطريقة مختصرة، مشابهة لكتاب «إرشادات الحياة القصيرة» لجاكسون براون. التوصيات والإرشادات تعددت وتشابهت، بل وتشابكت، لكن سأكتفي هنا بذكر بعضها:

- السر في التصدي للمهمات الكبيرة التي يقال عرفا عنها إنها صعبة. إذا عرضت عليك مهمة صعبة تقبلها، وإن لم تعرض عليك فبادر للحصول عليها. احرص على الإنجاز النوعي وقلل من الكمي. ستصقلك التجربة وستساعدك للمضي قدما.

- خذ زمام المبادرة لتحديد مسارك الوظيفي وأهدافك القريبة والبعيدة. لا تنتظر من الآخرين القيام بذلك. يقال «إن لم تخطط لحياتك فأنت ستكون ضمن مخطط الآخرين».

- اتخذ قدوة أو مستشارا في بداياتك حتى تقف على قدميك وتكتشف شغفك، وماذا تريد أن تصبح. حارب الملل فالممل قاتل صامت، خاصة إن كنت ستعمل لسنوات متواصلة منذ الصباح الباكر. الدافع الداخلي هو الذي سيجعلك تستيقظ من النوم وليس المنبه الصباحي.

- الالتزام بدقة المواعيد والحرص على اكتساب عادة الحضور مبكرا وهذا يؤدي إلى كسب ثقة الإدارة ومن حولك بك وعكس صورة إيجابية عنك.

- المثابرة والحرص على التعلم المستمر وتطوير قدراتك باكتساب مهارات جديدة على المستويين العملي والشخصي. لا تتوقف عن التعلم (التدريب، والبرامج الاحترافية) حاول أن تتعلم كل جديد يتعلق بعملك أو مرتبط بتطويره. لا تكن جامدا فقد تصبح سرابا.

- كن قابلا للتحرك حسبما يتطلب العمل، الأماكن البعيدة تختصر سنوات كثيرة للتقدم إلى الأمام وتكسبك الخبرات.

- وازن دائما بين المهارات المرتبطة بثقافة العمل والمهارات التخصصية، فالأولى تساعدك على طرح أفكارك ورؤاك بشكل بسيط وفعال، كما تجعلك مقنعا في عملك، والثانية تضفي على نشاطك الوظيفي الاحترافية المبنية على الأساس العلمي والمهني.

- لا تجعل العمل محور حياتك، وإنما اجعله الوسيلة لتحقيق طموحاتك.

- تعرف على ثقافة المنظمة والأنظمة التي تحكم عملياتها لأن ذلك يجعلك مسيطرا على الأعمال المنوطة بك، كما يجعلك صاحب آراء ثاقبة ومرجعا للآخرين. كما قيل «المعرفة قوة».

- استفد من كل دورة واجتماع ولقاء، خاصة التخصصية الخارجية التي فيها اجتماع مع صاحب تخصص أو فكرة جديدة، ناقش بأدب وتقبل آراء الآخرين ليتقبلوك.

نظرا لضيق المقام، أختم التوصيات بتوصية جميلة تقول «ابدأ بالابتسامة قبل التحية». في النهاية أتقدم بالشكر والعرفان للزملاء لاستقطاعهم وقتهم وحرصهم على إيصال خبراتهم لشبابنا الواعد.

[email protected]