علي الخطيب

الطيران في رؤية 2030

الخميس - 16 أغسطس 2018

Thu - 16 Aug 2018

من ينتمي إلى سوق الطيران يلاحظ بشكل مباشر مدى استفادة بعض الدول غير الصناعية في هذا المجال، واستثمارها فيه، مما يجعل هذه الدول لا تتحمل تكاليف تشغيلية بشكل مبالغ فيه كما هو حاصل لدينا، فالغريب أن دولة بحجم مملكتنا الحبيبة تفتقد إلى تعدد الشركات المساندة التي تخدم قطاع الطيران بشكل مباشر.

هناك عدد من الشركات العملاقة والمصنعة للطائرات تعلم جيدا أن المملكة العربية السعودية لديها حركة طائرات عالية مقارنة بدول أخرى في الشرق الأوسط، لذلك تضع هذه الشركات المصنعة طرقا ملتوية لامتصاص أموال الشركات السعودية المشغلة لطائراتها عبر حصر عمل صيانتها في حظائر معينة خارج الحدود الإقليمية، أو شراء قطع غيار منها فقط، ناهيك عن احتكار الأسعار والتفرد في التوزيع، وأبسط ما تستطيع احتكاره هو التدريب الذي لا يستطيع أن ينافسها فيه أحد.

في الجانب الآخر، نرى بعض دول الجوار تسهل فتح شركات للصيانة وقطع الغيار والشحن والمراكز التدريبية، وذلك لزيادة المنافسة وكسر الاحتكار ورفع مستوى الجودة بين مزودي الخدمة، فبلغة الأرقام من غير الطبيعي أن تحوي المملكة العربية السعودية شركة طيران شحن واحدة فقط مقارنة بمساحتها وحركتها الجوية وحجم مطاراتها الدولية والقوة الشرائية الداخلية.

أضف إلى ذلك مثالا آخر، تمتلك المملكة (عبر شركاتها وأفرادها) نحو 50 طائرة من نوع جولف ستريم (بجميع فئاتها) وهو ما يعادل تقريبا 50% من سوق الشرق الأوسط كاملا، 50 طائرة ولا يوجد لها شركة صيانة أو مزود لقطع غيار معتمد لهذا النوع من الطائرات داخل السعودية؟ كان من الأحرى أن يقوم ملاك الطائرات بعمل الصيانة اللازمة لها في بلدهم لدعم وتطوير القطاع، والأهم من ذلك توفير قيمة السفر إلى دول أخرى كالإمارات وتركيا وسويسرا لعمل الصيانة الدورية وغيرها من الصيانة المعتمدة في شركات هذه الدول.

كذلك المعدات الأرضية والعربات المستخدمة في الساحة، لا يوجد لها ورش لشركات متخصصة لإصلاحها وصيانتها، المطارات الدولية في العالم تجد فيها العديد من المرافق الإضافية التي تساعد على كفاءة التشغيل في المطار، وكذلك تجعل المطار أو الدولة وجهة مطلوبة لشركات الطيران لما تجده من رعاية واهتمام في حال تعطل طائرتها، وفي المطارات الدولية تفتتح شركات لصيانة هذه المعدات داخل ساحة المطارات وتعمل بطريقة سلسلة تشابه حركة السيارات في الشوارع العامة، هذه الطريقة ستسهل على القائمين على إدارات المطارات استقطاب مزودي خدمة من كل البقاع.

فالراكب أو المسافر أو السائح قد يكونون الشخص نفسه، حيث سيستخدم الطائرة كراكب، وسيستكشف مطارات السعودية كمسافر وسيزور معالمها كسائح، إن وجد هذا الشخص خللا في عنصر واحد من هذه المنظومة المتكاملة فلن نستطيع العودة للوراء للإصلاح، ناهيك عن أنه إن كان هذا الراكب رجل أعمال ويرغب بالاستثمار في المملكة، هذا يؤكد أيضا أن الحمل كبير جدا على القطاعات الحكومية في المطارات كالجوازات والجمارك وغيرها التي تعد جزءا لا يتجزأ من هذه المنظومة.

المستثمرون السعوديون والأجانب موجودون، أتمنى من المسؤولين بالقطاع أن يضعوا دراسة خاصة لهؤلاء المستثمرين عن حاجة البلد لهذا النوع من الاستثمار وإمكانية تطويرها على المدى الطويل، والحمد لله الذي أنعم علينا بهذه المساحات الشاسعة في مطاراتنا، والتي تسهل للمستثمر العمل دون النظر إلى أي محدوديات أو قيود.

كل ما يتطلبه الأمر هو الإيمان بأن الأموال المستنزفة من السعوديين لخارج السعودية لأغراض الطيران بصفة عامة يجب أن يعاد النظر فيها، فكم دولة سبقتنا بعدة خطط بفرض المنتج المحلي ودعمه بإرادة وعزيمة ليرتفع مستوى جودته طرديا.

إن الحديث عن رؤية 2030 يشمل منظومة الطيران كصناعة وزيادة الإيرادات الحكومية غير النفطية لن تتم بسهولة ودون تخطيط من متخصصين ملمين باحتياجات السوق المحلي لجعل البلد واجهة حضارية تستهدفها كل شركات الطيران في العالم، فالدولة مقبلة على عدد من التحديات، والطيران هو النافذة الأولى لكل العالم لإثبات أننا نمضي قدما في تحقيق أهدافنا في المهمة الوطنية الكبرى للجميع، ألا وهي رؤية المملكة 2030.