فواز عزيز

الرشوة.. وتكريم النزيه بتغريدة

السبت - 11 أغسطس 2018

Sat - 11 Aug 2018

• أعاد حساب وزارة البيئة والمياه والزراعة تغريدة نشرها حساب شركة المياه الوطنية على «تويتر» تؤكد أن وزير البيئة والمياه والزراعة كرم موظفا بوحدة «أعمال جدة» نظير أمانته وإخلاصه بعد رفضه تلقي رشوة بقيمة مليون ريال للتغاضي عن مخالفات وتعديات تتسبب في أضرار جسيمة لشبكات الصرف الصحي.

• كل تفاصيل خبر «رشوة المليون» جاءت في تغريدة لم تتجاوز 190 حرفا، ولم تعرف تفاصيل التكريم ولا شخصية الموظف النزيه الذي رفض رشوة بمليون ريال ولم يتغاض عن مخالفات وتعديات تتسبب بأضرار لشبكات الصرف الصحي..!

• ربما يكون تكريم الموظف النزيه الذي رفض رشوة المليون ريال جميلا، لكنه بقي سرا إلا من «تغريدة» بـ 31 كلمة فقط في «تويتر»، وبنظري هذا التكريم لا يمكن أن يجعل من الموظف النزيه قدوة؛ لأنه تكريم سري، ولن يردع «الراشي» وأمثاله؛ لأنه لم يكشف عن عقوبة الراشي.

• هنا تذكرت قصة قديمة رواها الراحل غازي القصيبي في كتابه «حياة في الإدارة»، حين كان وزيرا للصناعة والكهرباء، ذكر فيها أن محافظ المؤسسة العامة للكهرباء محمود طيبة أخبره أن مندوب شركة من الشركات التي تنفذ أحد مشاريع الكهرباء عرض عليه رشوة ثلاثة ملايين ريال، منها مليون ريال تدفع فورا والبقية تدفع بعد شهر، كما أخبر المندوب محافظ الكهرباء بأن الشركة قررت منحه 5% من كل عقد توقعه مستقبلا لتنفيذ مشاريع الكهرباء، فطلب المحافظ مهلة للتفكير فأخبر الوزير بالعرض.

• ويروي القصيبي أنه أراد تلقين الشركة درسا قاسيا لا تنساه وتتعظ به الشركات الأخرى، ليقتل داء الرشوة، فاتفق مع وزير الداخلية آنذاك الأمير نايف بن عبدالعزيز رحمة الله عليه، على أن تقوم المباحث الإدارية بنصب كمين للمندوب، وأمر القصيبي المحافظ بالاتصال بالمندوب وإبداء الموافقة على الرشوة، فضبط الراشي بالجرم المشهود ولقي عقوبته وفق الأنظمة.

• فذهب الوزير القصيبي إلى ولي العهد وقتها الأمير فهد بن عبدالعزيز، وروى له ما حدث وأخبره بأن الموظف النزيه الذي رفض مليون ريال لا يملك هذا المبلغ، فرد الأمير فهد فورا بقوله «ما دام قد رفضه حراما فسوف يأخذه حلالا»، وكرمه بوسام على نزاهته، ويضيف غازي أنه اقترح على الأمير فهد فرض غرامة على الشركة قدرها 10 ملايين ريال، فوافق الأمير، فاستفادت الشركة من الغرامة بمشاريع كهرباء إضافية لقرى صغيرة لم تكن ضمن مشاريع الكهرباء وقتها.

• هذا التكريم الذي يجعل من الموظف النزيه قدوة، ويؤدب كل من يفكر بارتكاب جريمة الرشوة.

(بين قوسين)

• في نهاية القصة يقول غازي القصيبي «ما أسهل النزاهة على إنسان لم يعرض عليه أحد عشرات الملايين».