حسن علي القحطاني

حماقة سفير ووزيرة

الاثنين - 06 أغسطس 2018

Mon - 06 Aug 2018

إلا الحماقة أعيت من يداويها. تاريخ الحماقة طويل ومتواصل عبر التاريخ، وسيستمر، ولن يشهد التاريخ على ما أعتقد نهاية للحماقة، حيث إن لها أشكالا وألوانا مختلفة، والحماقة السياسية أخطر الحماقات على الإطلاق، لأن أثرها لا يقف عند الأحمق نفسه فقط، بل يتعداه إلى الآخرين وعلاقات ومصالح بلادهم، وقد شاهدنا أنماطا متعددة من الحماقات السياسية تصدر في دول نامية (أو فلنقل متخلفة)، لكن أن تصدر من دول تعد ضمن صفوف الدول المتقدمة كان يظن أن آليات صنع القرار الديمقراطي فيها كفيلة بمنعها، فهذا مؤسف جدا، لأن حماقة المتخلفين تؤدي إلى الإضرار بالحمقى وبشعوبهم المجني عليها، أما حماقة سياسيي الدول المتقدمة فتهدد الأمن العالمي كله، وتعصف بالاستقرار السياسي في عدد من البلدان، وتعقد العلاقات الثنائية بين شعوب العالم.

اليوم نتحدث عن أشد حماقة صدرت من السياسيين الكنديين، فتغريدة الثالثة والربع من صباح الأحد الماضي من سفير كندا في الرياض السيد دينيس هوراك وتصريحات وزيرة خارجيته السيدة كريستينا أليكساندرا - التي كانت تعمل كاتبة صحفية قبل توليها حقيبة وزارتها في مطلع العام الماضي - أشعلت فتيل أزمة بين المملكة العربية السعودية وكندا، ليصدر بيان شديد اللهجة كإعلان واضح وصريح لكندا وغيرها، يؤكد أن المملكة العربية السعودية عبر تاريخها الطويل لم ولن تقبل التدخل في شؤونها الداخلية أو فرض إملاءات عليها من أي دولة كانت، وأنها أكبر من أن يملى عليها ما تفعل وما لا تفعل، وأنها أحرص على أبنائها من غيرها وإن ارتكبوا جرما بأي مبرر أو تحت ضغط أي دافع مادي أو معنوي.

وهذا الموقف الكندي فيه تجاوز كبير وغير مقبول على أنظمة المملكة وسلطتها القضائية، مما يعد إخلالا بمبدأ السيادة، فعندما تسمي مرتكبي الجرائم بموجب أنظمة المملكة سجناء رأي، فأنت لم تحترم سيادتها ولا أنظمتها ولا قضاءها ولا مجتمعها، وعندما تقول لدولة بمكانة المملكة العربية السعودية «الإفراج فورا» حتما سيقال لك «غادر فورا»، لذا جاء الرد قويا وشجاعا ليثلج صدر كل غيور على دينه ووطنه، وكان النص الأخير من البيان يمنح كندا تعريفا بسيطا لأبجديات السياسة والدبلوماسية.

هذه الحماقة السياسية التي ولدت بعد منادمة نسائم ساعات الصباح الأولى تهدد بوقف صفقة المدرعات الكندية التي تقترب قيمتها من 13 مليار دولار، وبخسارة ثاني أكبر سوق لتصدير البضائع الكندية في الشرق الأوسط، وستفقد كندا سوقا رائدة في مجال الخدمات الهندسية والاستشارية، وتعطل شراكات موسعة تحمل منافع متبادلة في مجالات التجارة والاستثمار والتبادل العلمي والتكنولوجي، كما أن هناك 16,000 طالب سعودي يدرسون بالمؤسسات التعليمية الكندية يدرون مئات الملايين على الاقتصاد الكندي قد يجدون وجهات أفضل منها.

هذه الحماقة السياسية الكندية أثبتت فعلا أن ضرب أمن الدولة السعودي لخلايا عملاء السفارات أوجعها، فنطقت منها واحدة، ويتم تأديبها الآن لتعتبر بقية السفارات، وهذا جزاء من حاول المساس بسيادتنا، فالسيادة تحققها الأفعال مع بعد استراتيجي وعمق سياسي، والرد (فورا) جعل الموقف الكندي عبرة لكل من تجاوز الحدود معنا.

ختاما، كم أنا فخور بك يا وطني، فالعملاء في السجن، والمتواطئ معهم مطرود، وعلى كل أحمق التحديق جيدا في السيفين قبل التفكير في العبث بأوراق النخلة.

hq22222@