عبدالله الجنيد

حال جمهورية الولاية

الاثنين - 06 أغسطس 2018

Mon - 06 Aug 2018

لماذا يرفض المرشد علي خامنئي إعطاء الأوامر بقمع الاحتجاجات المطلبية المتصاعدة في عموم إيران؟ فهل ذلك نتيجة تبنيه استراتيجية استنزاف الحراك معنويا أمام صمود مؤسسة ولاية الفقيه أم لأنه يدرك أنه لا يملك توظيف مثل ذلك الإجراء في هذا التوقيت نتيجة لجملة الظروف الداخلية والخارجية؟

الرئاسة الإيرانية من وجهة نظر المؤسسة الحاكمة (ولاية الفقيه) ينحصر دورها في إدارة ملفات العلاقات العامة دوليا بالنيابة عنها، ولقد أثبتت نتائج الانتخابات صدق تلك الفرضية منذ 2003 إلى إعادة انتخاب الرئيس روحاني الأخيرة.

كذلك يجب عدم الذهاب بعيدا في قراءة دعوة الرئيس ترمب إيران للحوار، فالرئيس ترمب له أهدافه التكتيكية وأخرى استراتيجية. وأول تلك الأهداف إبطال الاتفاق الثنائي المنفرد الذي وقعته إدارة أوباما مع إيران، وثانيها إقناع إيران وباقي مجموعة 5+1 بضرورة إعادة

صياغة الاتفاقية بشكل تكون فيه أكثر مواءمة مع جميع القراءات، وليس القراءة الفارسية فقط. أما ثالثها فهو أن تلك العقوبات ستطال إيران والإيرانيين في الوقت نفسه، فهي ستحرم طهران حتى من التجاوز على العقوبات عبر تجار الشنطة الإيرانيين.

محاسبة النظم المارقة مثل كوريا الشمالية وإيران هي أولوية أولى وذات اتصال وثيق بمحاربة الإرهاب لدى إدارة ترمب، والنجاح فيها بمثابة نزع مخالب للباندا الصينية المتنمرة. لذلك كانت الصين أول من نصح إيران بضرورة التراجع عن تهديداتها بإغلاق مضيق هرمز، لإدراكها مخاطر ترجمة ذلك سياسيا من قبل إدارة الرئيس ترمب.

وقد لا يكون مستبعدا أن تقنع بكين طهران بضرورة قبولها الدخول في مفاوضات طويلة مماثلة للسابقة التي امتدت لثلاثة عشر عاما (من 2003 إلى 2016). إلا أنه من المستبعد قبول واشنطن برعاية أوروبية بالإضافة لكل من الصين وروسيا في تفاوض مباشر مع طهران، حتى وإن كان عرضها نزولا عند طلب حلفائها الأوروبيين لإثبات مرونة إدارة ترمب.

اجتماعيا واقتصاديا، نظام الملالي في إيران يدرك أنه حُجّم سياسيا نتيجة سوء إدارته لملفاته الخارجية ضمن نطاق نفوذه الجيوسياسي، ويدرك مجلس الأمن القومي الإيراني أن خسارته العراق ستحفز وتيرة التصعيد في الحراك الداخلي، لما تمثله العراق (النجف) معنويا وليس سياسيا فقط من تأثير على هيبة ومكانة نظام ولاية الفقيه شيعيا. وحتى مع اعتراض أوروبا على الموقف الأمريكي إلا أن الشركات الأوروبية تخلت عن إيران، مما حجم من قيمة الموقف السياسي لأوروبا في هذا الملف. وفي حال اشتمال العقوبات الجديدة على حظر استعمال إيران أو مواطنيها للدولار، فإن إيجاد البدائل سوف يعرضها ومواطنيها لخسائر كبيرة، لأن أغلب تلك العمليات ستكون بطرق غير مشروعة.

المشهد السياسي والاجتماعي إيرانيا دخل مرحلة التفكك، والعقوبات الجديدة ستكون بمثابة عنصر التسريع في تحفيز كافة عناصر المعادلة وانتقالها لمرحلة جديدة يجب أن تكون المعارضة الإيرانية مستعدة للتعاطي معها من موقع المسؤولية الوطنية وليس القومية. فإن فشلت المعارضة في التعاطي مع هواجس الأقليات غير الفارسية بشكل واضح وصريح فإنها ستفوت على نفسها فرصتها الذهبية. كذلك يتوجب على المعارضة الإيرانية الآن تحديد موقفها من جملة الملفات الخلافية مع جيران إيران. فمثل ذلك سيقود للتعاطي معها بشكل أكثر تناسبا مع إيران المستقبلية بدون مفاجآت فارسية.

aj_jobs@