علي الغامدي

أبناء الأثرياء وتأثير إيكيا

الخميس - 02 أغسطس 2018

Thu - 02 Aug 2018

في بدايات عام 1950 كان العالم يعيش ثورة في صناعة الأغذية الجاهزة وسريعة التحضير. في تلك الفترة ظهرت في أوروبا وأمريكا كثير من الأغذية التي استمرت إلى يومنا هذا ومن أشهرها فكرة خليط الكيك الجاهز، حيث كان ما على المستهلك إلا سكب الماء على الخليط وينتظر عدة دقائق ليصبح الكيك جاهزا. لم ينل المنتج استحسان المستهلكين كما توقعت الشركات.

أتت بعدها فكرة إبداعية رائعة وهي جعل الناس يشاركون في صنع الكيكة. ولكن كيف يقومون بذلك؟ قام المصنعون باستخراج البيض من المكونات ليساهم العميل في تحضير قطعة الكيك بإضافة البيض بنفسه. عندها زاد تقديرهم لهذه المنتجات بشكل واضح وارتفعت المبيعات بنسبة عالية جدا.

عام 2011 اكتشف البروفيسور مايكل نورتن من جامعة هارفارد واثنان من زملائه هذا التأثير، وأطلقوا عليه اسم «تأثير إيكيا» تيمنا بشركة الأثاث السويدية المعروفة. وتم تعريف هذا التأثير بأنه انحياز معرفي تجاه الأشياء التي نصنعها ونركبها بأنفسنا، حيث يجعلنا نعطيها قيمة أكبر. فكلما بذلنا مجهود لبناء شيء ربطتنا به علاقة حب قوية، وهذا ما تعتمد عليه شركة إيكيا.

الذي يحدث هو أن الدماغ يتعامل مع تركيب القطع على أنه تحد مثل حل الألغاز، وبعد تجاوز كل مرحلة ترتفع نسبة الرضا ويحفزنا نظام المكافأة لتكرار هذا الإحساس فيطلب منا المزيد حتى ننتقل للمرحلة التالية.

بعد إنجاز مهمة التركيب النهائية نشعر بنسبة رضا بالغة تزيد من تعلقنا بهذا المنتج، ونكن الولاء لاسم هذه الشركة، وفي المرات القادمة نفضل منتجاتها على المنتجات الجاهزة حتى لو كانت جودتها أقل.

إيكيا ليست الوحيدة التي تتبنى هذا المنهج، بل إن هناك كثيرا من الشركات (مثل ماكدونالدز وكندر) تستخدم هذه الحيلة في تركيب ألعاب الأطفال لتزيد تعلقهم بالهدايا التي يقدمونها لهم.

يشترط في هذه العلاقة أن تتم عملية التركيب بنجاح فالفشل في إنجاز المهمة محفوف بالمخاطر، حيث يعكس آثارا سلبية تجاه المنتج فيشعر العميل بالغضب وعدم المحاولة مرة أخرى. وهذا ما يجعل هذه الشركات تعتمد على مصممين يبتعدون عن التعقيد في طريقة تركيب أجزاء المنتج. لذلك يصعب التوقف وأنت في منتصف مرحلة التركيب لأن التوقف في هذه المرحلة مزعج للدماغ.

يربط علماء النفس هذه النظرية بكثير من الظواهر في حياتنا، فالآباء الذين يتعبون في تربية أبنائهم بأنفسهم أشد تعلقا بهم من الآباء الذين يتركون أمر التربية للخدم. والأثرياء الذين صنعوا ثرواتهم بأنفسهم أكثر تقديرا لقيمتها من أبنائهم - المستهترين أحيانا - الذين لم يشاركوا في صنع الثروة.

وإذا أردت تعليم أبنائك قيمة شيء ما اجعلهم يساهمون في بنائه.

1 لماذا لا يقدر أبناء الأثرياء ثروات آبائهم؟

2 كيف توظف الشركات انحيازنا المعرفي لشراء منتجاتها؟

3 ما علاقة تركيب المنتجات بولائنا للشركة؟

4 كيف نعلم أبناءنا قيمة الأشياء؟

@ AliGhamdi2