حسن علي العمري

السكينة العامة

الثلاثاء - 31 يوليو 2018

Tue - 31 Jul 2018

تعبير شديد الوضوح عن الهدوء العام ومنع كافة مظاهر الضوضاء والإزعاج الزائد عما اعتاده الناس، خاصة داخل نطاق الأماكن المعدة للسكن، وقد ترك المشرع لسلطات الضبط الإداري حرية تقييمها على أرض الواقع، فحماية السكينة العامة لأفراد المجتمع واجب السلطة، ولا سيما في حال تكررها من الغير كأحد المظاهر التي تنبئ عن افتقاد للذوق العام وانعدام الإحساس وتدني مستوى الوعي. ويراعي مفهوم النظام العام هذا المظهر ويعده أحد أركانه كحق للفرد والمجتمع بأن تبقى حياتهم وسائر أوقاتهم خالية مما يزعجهم ويلوث أسماعهم أو أبصارهم، ولا سيما أنها على المدى البعيد قد تؤدي إلى تشكل الاضطرابات النفسية لمن يتعرض لها أو تصيبهم ببعض التوترات العصبية والسمعية، فضلا عما يترتب من آثار متعددة على صدور ما يقلق السكينة العامة عند قيام بعض المنشآت الصناعية وغيرها بتجاوز الحدود المسموح بها في تصدير الملوثات للهواء أو ما تصدره من ضوضاء في منطقة وجودها.

وتتزايد الضوضاء بشكل مستمر حتى أضحت من سمات العصر الحديث، ولا سيما في المدن الكبرى ذات الكثافة السكانية العالية، مما يمكن عدها خطرا كبيرا يؤثر على الصحة والسكينة وحالة الهدوء المفترضة في المجتمعات وبالتالي النظام العام.

فيما لا تزال هذه المؤثرات سائرة في الزيادة والاطراد نتيجة تزايد وسائل النقل والمواصلات وما تفرزه المدنية المستقرة من نمو في كافة المناحي مع تكدس حركة المرور والازدحام وخلافها.

ولا يشك ذو لب في أهمية البيئة الخالية من التوتر، والتي يسودها الهدوء والسكينة في درجة تركيز العاملين في أعمالهم، وبالتالي جودة منتجاتهم وزيادتها، كما أن حاجة الإنسان وحقه بالخلود للراحة في مقر سكنه بعيدا عن أي صورة من تلك الصور يجعلان من أي ممارسة تؤدي إلى إزعاجه أو تكدير صفوه موجبة لتدخل القانون لحماية هذا الحق الذي لا يقتصر على ما يقلق حاسة السمع فحسب، بل قد تطال هذا المظاهر كافة الحواس كالشم أو اللمس أو البصر.

وقد صدر في المملكة العربية السعودية نظام «الأنشطة المقلقة للراحة أو الخطرة أو المضرة» الذي حدد تلك الأنشطة ومتى يحق لسلطات الضبط التدخل لمنعها وكف أذاها.

ويعد الاهتمام براحة أفراد المجتمع - خاصة في فترة الليل - واجبا هاما على السلطة أن تمارس واجبها في ضبط من يخالفه عند الحاجة.

وتتخذ - وفقا لكل ما سبق - إجراءات أكثر صرامة في الحد من هذه المظاهر لمنح الساكنين حقهم في الراحة أثناء منامهم في مقار سكناهم أو توفير الهدوء اللازم لهم في أماكن أداء أعمالهم، لأن مثل تلك التصرفات أو بعضها تنم عن قلة اكتراث بمشاعر الآخرين وسوء أدب بالغ تتكفل القوانين بالحد منهما وتصحيحهما بشكل فاعل.

فيما يتطلع المهتمون بكل شغف إلى سرعة صدور النظام المتعلق بحماية الذوق العام الذي سيحد من ظهور بعض الممارسات والمناظر المؤذية للنظر والضارة بمفاهيم الذوق العام والآداب العامة.

انبعاث أصوات عالية وغيرها من المنازل المجاورة أو أدخنة مستمرة أو أصوات منبهات السيارات في الشوارع دون مبرر من صور الإزعاج التي تتدخل السلطة لمنعها.

من مظاهر الضوضاء الواقعة تحت طائلة القانون ما يمارس في بعض التجمعات من استخدام أصوات الدراجات النارية بشكل مزعج على الطرقات والتجمعات الشبابية وأصوات الباعة الجائلين.

يعد استخدام مكبرات الصوت وإعداد مواكب السيارات في مناسبات الزفاف وغيرها والسير بها في الشوارع أو تعطيل حركة السير من صور إثارة السكينة العامة التي من شأنها مخالفة النظام العام.

[email protected]