محمد حطحوط

ذوبان الطبقة المتوسطة.. الطوفان القادم

السبت - 28 يوليو 2018

Sat - 28 Jul 2018

في خطابات الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، لاحظت تكرار جملة «الحفاظ على الطبقة المتوسطة Saving middle class»، لدرجة أني كنت أتحدى أن تجد له خطابا متلفزا دون جملة «الطبقة المتوسطة»، وأنها أحد أركان سياسته الاقتصادية، ومن هنا بدأت قصتي مع محورية الطبقة المتوسطة في الاقتصاد، وكيف أن الدول تقوم تحديدا على هذه الطبقة لأنها تمثل اليد العاملة، وأنها تمثل الشريحة الكبرى من المجتمع، والأهم من هذا وذاك أنها صمام المجتمع الحقيقي، لأن ذوبانها ينذر بطوفان يفسد العباد والبلاد، ولهذا تجد لها مؤسسات خاصة تقوم بدراستها وتحليلها ومتابعة أي تغيير يطرأ على هذه الطبقة الجوهرية.

تستطيع أن تقسم دولة ما إلى ثلاث طبقات: فقيرة، ومتوسطة، وثرية، كما يشير بشكل غير مباشر روبرت فرانك صاحب كتاب Falling behind: How Rising Inequality Harms the Middle Class، وأمريكا تواجه مشكلة كبرى - السعودية في بداية هذا الطريق - وهي الفجوة المتزايدة في الثراء بين الطبقة المتوسطة والطبقة الثرية، حيث يزداد الثري ثراء، ويزداد الفقير فقرا، لأن هذه الفجوة تعني موت العدل في توزيع الثروات، حيث يحصل الأثرياء على حصة مضاعفة لما كانوا يحصلون عليه قبل عقود، في مقابل نقصان حصة الطبقة المتوسطة.

إفرازات هذه الأزمة الاقتصادية تعني ذوبان أعداد كبيرة من أصحاب الطبقة المتوسطة، أمثال رجل الأمن والمعلم وموظفي الحكومة في المناصب الدنيا، ودخولهم للطبقة الفقيرة نظرا للتزايد السريع وغير المدروس لتكاليف المعيشة المبني بعضها على مراكز استشارية غربية تتخذ قرارات بدون أرقام حقيقية تدعمها من أرض الواقع.

يبقى السؤال الكبير: ماذا يحصل لطبيعة الحياة في الدولة عندما تذوب الطبقة المتوسطة؟ الجواب: فانزويلا، حيث ينعدم الأمن، تنتشر الجريمة، يرتفع القتل، يسود قانون الغاب. ببساطة تتحول الحياة إلى جحيم، لأن الاهتمامات انصبت في من يستطيع الصبر أكثر قبل الموت!

ما زالت السعودية بخير والحمد لله، لكن هناك من يلاحظ كثرة إغلاق للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والتي يملكها قطعا مواطنون من الطبقة المتوسطة، لأنها - على الأقل كما يبدو للسطح - هي المتأثر الأول من حزمة القرارات الإصلاحية الأخيرة.

لم تتأثر الشركات الكبرى كقطاع الألبان أو البنوك من القرارات مثلما تأثرت المشاريع الصغيرة والمتوسطة، لأن مساواتك في دفع التكاليف بين شركات عملاقة وكبرى بمؤسسات صغيرة وناشئة غير عادل أولا، ويزيد من ثراء هذه الشركات وملاكها ثانيا.

الأمل في وزير العمل الحالي، وهو رجل من السوق ويفهمه جيدا، أن يكون هناك مقترح لمتابعة آثار أي قرار على المؤسسات المتوسطة والصغيرة، لأنها من تمتلك الحصة الكبرى في السوق.

في أمريكا 27 مليون شركة، منها 21 مليونا من نوع شركة الرجل الواحد!

@mhathut