أحمد صالح حلبي

نقل الحجاج.. من الجمل إلى القطار

الخميس - 26 يوليو 2018

Thu - 26 Jul 2018

كلما هل موسم الحج تذكرت البدايات الأولى للعديد من الخدمات الخاصة بالحجاج، ومن أبرزها خدمات النقل التي كانت يوما من أصعب الوسائل وأغلاها ثمنا، يوم لم يكن للسيارة وجود، وكانت الجمال هي الوسيلة الوحيدة للنقل للقادرين على دفع تكلفتها، أما غير القادرين فليس لهم سوى السير على الأقدام.

وكانت عملية نقل الحجاج من جدة إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة (عرفات، مزدلفة، منى) تتم بواسطة الجمال، وكان للجمالة هيئة يطلق عليها «هيئة المخرجين» تتولى مسؤولية إحضار الجمال والجمالة، وتتبعهم جماعة أخرى تعرف بـ «المقومين»، وهم الذين يقدرون حمولة الجمل.

وفي عام 1352 هـ حددت أجور النقل بالجمال ما بين جدة ومكة المكرمة والمشاعر المقدسة (عرفات، مزدلفة، منى)، حيث بعث وكيل وزارة المالية والاقتصاد الوطني خطابه رقم 3752 في 19/11/1352هـ لرئيس المطوفين الذي حدد فيه الأجور، ووقتها كان النقل بالجمال.

وحينما ظهرت السيارات كوسيلة لنقل الحجاج، دخلت الحافلات بشكل منظم فتم إنشاء النقابة العامة للسيارات كجهة تعمل على تنظيم نقل الحجاج وتوزيعهم بين الشركات القائمة، وفقا للأمر السامي الكريم رقم 11501، وتاريخ 3/7/1372هـ الصادر بإنشائها.

وعقب إنشاء النقابة العامة للسيارات دخل عدد من رجال الأعمال مجال الاستثمار في نقل الحجاج، فظهرت شركات «خميس نصار، وباخشب باشا، والعربية، والمغربي، والتوفيق، والكعكي، والداخلي «، وكان عدد حافلاتها آنذاك لا يتجاوز الـ 1353 حافلة، وهو عدد لا يمكن أن يغطي الاحتياجات.

وخلال الأعوام 1395 ـ 1398 هـ سعت الدولة لتأمين نحو ألفي حافلة بلغت قيمتها (380.486.082 مليون ريال) وزعت على أربع شركات، وحصلت قيمتها بأقساط على 15 سنة حسمت من إيراداتها لحساب وزارة المالية والاقتصاد الوطني.

وارتفع عدد الشركات العاملة في مجال نقل الحجاج، حيث بلغ عددها حاليا نحو 20 شركة تملك نحو 18 ألف حافلة.

ولم ينحصر الاهتمام بتطور نظام نقل الحجاج على دخول الحافلات وارتفاع أعدادها، إذ برز نظام النقل الترددي عام 1416هـ، والذي اقتصر في بداياته على نقل حجاج مؤسسة مطوفي حجاج تركيا ومسلمي أوروبا وأمريكا وأستراليا، من مكة المكرمة إلى منى للتروية، ومن مكة المكرمة إلى عرفات، ومن عرفات إلى مزدلفة، ثم ما لبث أن تطور ونفذ لنقل حجاج جنوب شرق آسيا وإيران وأفريقيا غير العربية.

وقد أسهم النقل الترددي في سرعة وصول حافلات نقل الحجاج بأمان لمواقع مخيمات الحجاج بالمشاعر المقدسة، والحد من ازدحام الحافلات والقضاء على الملوثات البيئية، وغيرها من النتائج الإيجابية.

أما قطار الحرمين السريع فهو وإن كان أحد العناصر المهمة في برنامج توسعة شبكة الخطوط الحديدية في المملكة، فإن أهميته تكمن في مواجهة تنامي عدد الحجاج والمعتمرين من الخارج والداخل، وتخفيف الضغط والزحام على الطرق بين مكة المكرمة والمدينة المنورة ومحافظة جدة، وتوفير الراحة والأمان والسرعة لضيوف الرحمن، وتتجاوز تكلفته الـ 60 مليار ريال.

ويأتي قطار المشاعر المقدسة كوسيلة نقل حديثة وسريعة، وهو عبارة عن خط سكة حديدية يربط مكة المكرمة بالمشاعر المقدسة (منى، عرفة، مزدلفة)، وقد بلغت تكلفته نحو 6.7 مليارات ريال سعودي، وبدأ العمل فيه عام 2009، وتم افتتاحه في نوفمبر 2010.