أحمد الهلالي

لماذا يدخل عمال النظافة مدارسنا؟!

الثلاثاء - 24 يوليو 2018

Tue - 24 Jul 2018

قبل كتابة هذه المقالة كتبت (مفارقة حائرة) على حسابي في تويتر وفيس بوك، إذ نشكو حال شوارعنا ومنشآتنا ومرافقنا العامة من عبث الشباب والمراهقين، فجاءت الردود متباينة، بين من يحمل الأسرة الذنب، ومن يراه واجب المدرسة، ومن يلقي باللائمة على غياب القدوة. والحقيقة أن الأمر يستحق النظر، ويمكننا في فلك حلولنا التنظيرية ـ عادة ـ أن نقتنع بهذه الإجابات ونمضي، لكن الواقع لا يحتمل هذا أبدا ونحن على أعتاب 2020م.

لو قام ناشطون ـ وأرجو ذلك ـ بتصوير كم العبث في مدارسنا وشوارعنا وبناياتنا وأسوارنا وجامعاتنا ومساجدنا وحدائقنا ومطاعمنا لشعرنا بالمأساة الحقيقية، والخسائر الفادحة كل عام، إما بالاستبدال أو بالصيانة أو بالطلاء، وهذه الحالة لا تخص جيل اليوم فقط، بل ممتدة عبر الأجيال، ولا شك أنها قضية تربوية، لكن التربويين تغافلوا عن حلها ومعالجتها ولا أعلم السبب، وسبق أن كتبت عن هذا الأمر قبل سنوات في مقالة في صحيفة الوطن بعنوان «رسالة إلى وزير التعليم»، واقترحت حلا عمليا مفصلا، لكنه ظل كغيره حبرا على ورق.

منذ دخول الطلاب إلى المدرسة صباحا سيجدونها نظيفة مهيأة ليومهم التعليمي، لكن لن تكون كذلك بعد الحصة السابعة، سيمضون إلى منازلهم ويلقون بباقي نفاياتهم أمام المدرسة، وفي باص النقل، وفي الشارع حتى يصلوا إلى المنزل، والمفارقة أنه سيأتي بعدهم عمال النظافة إلى المدرسة يعيدونها كما كانت في الصباح، وسائق الباص سينظفه، أما الشارع فعمال البلدية موجودون، وما طيره الهواء من النفايات سيعلق بالأشجار المحيطة بالمدينة، وهذا كله كارثة حقيقية على أبنائنا، وعلى مدارسنا وشوارعنا وعلى بيئتنا وعلى الوطن كله.

لماذا نقول لأبنائنا: اعبثوا؟ وسخوا؟ كسروا؟ لا تبالوا بشيء؟

نحن لا نقول ذلك لفظا، لكننا نقوله ونعززه بحلولنا التي لا معنى لها، فندفع الأموال الطائلة لمؤسسات النظافة ونترك الحلول الحقيقية، فلا يحس الأبناء بالذنب، ولا يشعرون أنهم ارتكبوا خطأ؛ لأن حلولنا لم تمسهم ولم تشعرهم بفداحة ما صنعوا، فقد زرعنا في أذهانهم أن هناك من سيأتي بعدهم ليقوم بالواجب. والحقيقة أن التربية تقوم على الحلول العملية التطبيقية أكثر من قيامها على الحلول التنظيرية، والحل العملي للتخلص من هذه المشكلة هو منع عمال النظافة (سعوديين وغير سعوديين) في مدارسنا من الابتدائية حتى الثانوية، وتكليف الطلاب بتنظيف المدرسة يوميا، وفق آليات حقيقية ترغم الجميع على ذلك، فلا يخرج الطلاب من المدرسة حتى تعود كما دخلوها صباحا، وهذا ليس معجزا، ولا مستحيلا، ولسنا بدعا من العالمين، ولن يستغرقهم الجهد شهرا واحدا على أعلى تقدير حتى ينزرع في أنفسهم أن يحافظوا على نظافتها من الصباح، لكيلا يقعوا في متاعب ما قبل الانصراف.

أنا لا أحمل الأسرة عبث الطالب، فهو لا يعبث في منزله كما يعبث في المدرسة أو في الحديقة أو الشارع، وقولهم «سلوكك يعكس تربيتك» قول ليس دقيقا؛ لأن الطفل أو الشاب مع أقرانه يختلف سلوكه تماما عما إذا كان في المنزل أو برفقة الكبار، أو حتى وحيدا، أما مع الأقران فإن سلوكه يتغير فيجاريهم في العبث واللا مبالاة وتجاوز الأنظمة، ولا مكان لتعديل هذا السلوك غير المدرسة، فإن فرضت عليهم جميعا النظافة العامة فصولا وأفنية، وفرض على كل طالب أن يسلم طاولته وكرسيه نهاية العام كما تسلمهما، وأجبر الطالب وولي أمره على إصلاح أي تلف في مقدرات المدرسة تسبب فيه ابنه، سيكون لهذا أبلغ الأثر على سلوك الطالب، وتعويده على النظام والانضباط والشعور بالمسؤولية وتقدير الممتلكات العامة.

أرجو أن تلتفت وزارة التعليم إلى هذا الأمر عاجلا قبل بداية العام الدراسي، وأن تضع له الآليات واللوائح الممتدة إلى درجات الطالب، في مدارس التعليم العام والأهلي، فلا نبرئ مخرجات تعليم دون آخر في قضية العبث بمقدرات وطننا وممتلكاته العامة والخاصة، وكلنا متضررون، وكلنا للحلول العملية الحقيقية منتظرون، والكرة في ملعب الوزارة.

@ahmad_helali