خالد بن سلمان: سلوك إيران يواجه ولا يسترضى
العرب أمام خيار تاريخي إما أن يكونوا حطبا في مشاريع الولي الفقيه أو يلتفتوا لبناء أوطانهم
العرب أمام خيار تاريخي إما أن يكونوا حطبا في مشاريع الولي الفقيه أو يلتفتوا لبناء أوطانهم
الثلاثاء - 24 يوليو 2018
Tue - 24 Jul 2018
فيما وجه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، أمس، تحذيرا شديد اللهجة إلى نظيره الإيراني حسن روحاني عبر «تويتر»، أكد سفير خادم الحرمين الشريفين في واشنطن الأمير خالد بن سلمان، أن خطر النظام الإيراني الذي يسعى للهيمنة يستدعي المواجهة وليس الاسترضاء، مشددا على «أن التاريخ علمنا أن السبيل الأمثل للتعامل مع الدول التي تتبنى الأيديولوجيات التوسعية هو الوقوف بحزم ضد مشاريعها».
وأوضح أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، قال مرارا وتكرارا، إن التصدي لقوى العدوان قد يستلزم المزيد من التكاليف على المدى القصير، ولكنها الاستراتيجية الحقيقية الوحيدة الكفيلة بمنع التهديدات الخطيرة من التفاقم لتتحول إلى صراعات أشد فتكا.
وأكرر ما قاله ولي العهد أخيرا في مؤتمر مع الرئيس الفرنسي ماكرون بباريس:» لن نكرر اتفاقية عام 1938 التي أدت في وقت لاحق إلى الحرب العالمية الثانية».
وقال الأمير خالد بن سلمان في تغريدات أمس، تعليقا على مقاله الذي نشرته صحيفة عرب نيوز أمس الأول، إن ما نصبو إليه هو استقرار ورخاء الدول والشعوب العربية، والمملكة كانت وتظل الداعم الأكبر لاستقلال الدول العربية وسيادتها، وتعزيز مؤسساتها الشرعية، بغض النظر عن انتمائها الطائفي أو الأيديولوجي، وذلك في مواجهة مشاريع التطرف والإرهاب والفوضى التي تنشرها إيران من خلال ميليشياتها الطائفية، وفيما تسعى إيران لتدمير الدول العربية ومستقبلها في المنطقة من خلال الميليشيات، والطائفية، والاغتيال السياسي، تعمل المملكة على دعم التنمية الاقتصادية والاستثمار في طاقات وقدرات الدول العربية لتعزيز قوتها ورخائها واستقرارها.
وأضاف «في لبنان على سبيل المثال، وقفت المملكة إلى جانب إرادة الشعب بكافة أطيافه في تحقيق الحرية والكرامة والسيادة والاستقلال منذ اتفاق الطائف وصولا للاستقلال الثاني، وأقامت المملكة مشاريع الإعمار في كل لبنان بما فيها جنوبه الغالي، واستثمرنا اقتصاديا فيه لتحقيق الرخاء للجميع، وفي المقابل دعمت إيران الميليشيات والاغتيالات السياسية، بما فيها اغتيال رمز لبنان العربي الكبير رفيق الحريري، فهي لاتؤمن باستقلاله بل كساحة لمشروع التوسع، وتريد أن يكون لبنان، بشهادة أدواتها، جزءا من دولة الولي الفقيه. فلماذا يتم الزج بأبناء لبنان في صراعات لاناقة لهم فيها ولاجمل؟.
وذكر أنه في عام 78م كان لاقتصاد إيران موقع ريادي في المنطقة وقاعدة صناعية تؤهله للمنافسة العالمية، وكانت بلادي في بدايات تحقيق النهوض، واليوم يعانون من التضخم والبطالة وانهيار العملة، والمملكة في مصاف مجموعة العشرين، ماضية في رؤيتها لتحقيق المزيد من الرخاء والنمو المستدام للشعب السعودي الكريم، قائلا «لقد حزمنا أمرنا مع هذا النظام، فلم ينتج عن محاولات تغيير سلوكه عبر الاتفاق النووي سوى مزيد من الدمار في اليمن وسوريا والعراق ولبنان وغيرها من دول المنطقة. لتغيير سلوكهم لابد أن يقف العالم بحزم في مواجهتهم. وهذا ما تقوم به المملكة وأشقاؤها في اليمن».
وأضاف أن المنطقة قالت كلمتها ووضعت السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان خطا أحمرا في 25 مارس 2015، لاعودة عنه ولا تراجع عن ردع مشاريع الفوضى والطائفية، وأمام العرب، كل العرب، خيار تاريخي اليوم إما القبول بأن يكون العرب حطبا في مشاريع الولي الفقيه ويقتلوا بعضهم بعضا من أجل أحلام طهران العبثية، أو أن يلتفتوا لبناء أوطانهم وتعزيز وحدتها واستقرارها، وسنكون إلى جانبهم كما كنا دائما.
وأوضح أن النظام الإيراني يعرف جيدا منذ صيف 1984 أن المملكة حينما تضع خطا أحمرا فهي تعني ما تقول، واليوم فقد وضعت بقيادتها لعاصفة الحزم وإعادة الأمل خطا أحمرا، فمن غير المسموح، بعد ذلك اليوم الكبير في تاريخ أمتنا العربية، المساس باستقلال وسيادة وكرامة الدول العربية، وأن ما يحرك النظام هو أجندة توسعية ترغب بفرض الهيمنة على المنطقة، مبدأ ولاية الفقيه هو مجرد أداة لتحقيق أهداف هذا المشروع.
وشدد الأمير خالد بن سلمان على أن المملكة لا تتدخل في الشؤون الداخلية لإيران، وأن المشكلة تكمن في مشاريعها التوسعية وتدخلها في الشؤون الداخلية للدول ونشرها للفوضى والدمار، وستقف المملكة إلى جانب الدول العربية في مواجهة ذلك، وأن الشعب الإيراني هو أيضا ضحية لهذا النظام الذي بدد موارده ومقدراته وأضاع فرص التنمية له خلال 4 عقود.
من جهته، قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في مؤتمر صحفي عقده أمس، إن الولايات المتحدة ستطلق قناة تلفزيونية باللغة الفارسية تبث على مدار الساعة، وإن مجلس أمناء البث الإذاعي الأمريكي يتخذ الآن خطوات جديدة لمساعدة الشعب الإيراني على الالتفاف على الرقابة على الانترنت، وسيطلق المجلس قناة تلفزيونية جديدة على مدار الساعة باللغة الفارسية، ولن يكون ذلك مقتصرا على التلفزيون، بل وفي شكل راديو رقمي، ووسائل التواصل الاجتماعي.
وأكد أن الإيرانيين العاديين في إيران وفي جميع أنحاء العالم، بهذا الشكل، سيكون بمقدورهم أن يعلموا أن «أمريكا تقف معهم، قائلا «سمع الإيرانيون من قادتهم على مدى 40 عاما، أن الولايات المتحدة هي الشيطان الأكبر، ونحن لا نعتقد أن الإيرانيين لا يزالون مستعدين للاستماع إلى الأخبار الكاذبة.
من مقال الأمير خالد بن سلمان:
1 ما مر به العالم من مآس وويلات خلال الحرب العالمية الثانية، في واحدة من أحلك فصول التاريخ الإنساني، وما انتهت إليه مسارات تلك الحرب من دحر قوى الشر والظلام، هي مرحلة مليئة بالدروس والعبر، لتجنيب العالم ويلات الانزلاق إلى صراعات مماثلة.
2 السعودية ترحب بتأكيد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أن الولايات المتحدة لن تتعامل مع إيران بشيء من سياسات «الاسترضاء» التي فشلت فشلا ذريعا في إيقاف توسع ألمانيا النازية أو تلافي الحرب الأكثر كلفة في التاريخ الإنساني، ويجب علينا جميعا أن نتحد لدعم استراتيجية أوسع لمعالجة سلوك النظام الإيراني.
3 نعيش اليوم في فترة تشهد ظروفا تذكرنا بأحداث ثلاثينيات القرن الماضي، التي سبقت الحرب العالمية الثانية، حيث يعيش العالم تداعيات أزمات اقتصادية، ويشهد انقساما سياسيا حادا من اليمين المتطرف إلى اليسار المتشدد، وتغيب فيه قدرة مؤسسات المجتمع الدولي على العمل المشترك الفعال للتصدي للأزمات الدولية.
4 الاتفاق النووي وما تضمنه من تخفيف للعقوبات الاقتصادية على إيران، لم يضع حدا لأنشطة إيران المزعزعة لاستقرار المنطقة ورعايتها للإرهاب، لا بل ساهم من خلال منح النظام الإيراني المزيد من العوائد المالية، في تعزيز أنشطة إيران التوسعية في المنطقة.
5 الاتفاق يمثل جزءا من منهج الاسترضاء الذي كان سيؤدي إلى نتائج كارثية في المنطقة لو استمر، فخلال فترة الاتفاق، زاد النظام الإيراني الدعم المالي والعسكري لنظام بشار الأسد، بدون أي رادع من المجتمع الدولي، وبدون أي عقاب على جرائم النظام الإيراني في سوريا، لا بل تم إعطاء النظام الإيراني دورا في المفاوضات السياسية المتعلقة بسوريا.
6 إعلان الرئيس ترمب العمل مع الحلفاء لإيجاد حل فعلي وشامل ودائم للتهديد الإيراني النووي وإيقاف أنشطتها الإرهابية يتسق مع سياسة السعودية والتزامها بالعمل مع حلفائها وفعل كل ما من شأنه وقف التمدد الإيراني الخبيث في المنطقة.
7 اتضح جليا للمجتمع الدولي فشل سياسة استرضاء إيران في تغيير تصرفاتها، ويتعين علينا النظر إلى أوجه التشابه العديدة والمثيرة للقلق بين عامي 2018 و1938 لنستفيد من دروس التاريخ وعبره في التعامل الدولي مع الخطر الداهم المتمثل بأنشطة النظام الإيراني التوسعية ورعايته للإرهاب.
8 قبل ثمانين عاما شاهدت الدول الكبرى في النظام الدولي القوى التوسعية في أوروبا وآسيا وهي تنهي ما تبقى من إيمان بمبادئ القانون الدولي والمؤسسات الدولية بما في ذلك عصبة الأمم، واليوم نشاهد خطرا مشابها متمثلا بالنظام الإيراني الذي يؤجج النزاعات ويسلح المتطرفين.
9 أينما تنظر، إن كان هناك مشاكل في المنطقة، فإنك ستجد إيران، هذا لم يقله مسؤول سعودي، بل هو تصريح صادر عن وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس.
10 الدستور الإيراني يدعو إلى نشر الثورة الإيرانية في العالم ويسمي ذلك جهادا ومنذ أيامه الأولى؛ حض الخميني أتباعه على غزو الأراضي الإسلامية وغير الإسلامية على حد سواء، وفي عام 2015 أعلن رئيس الحرس الثوري الإيراني اللواء محمد علي جعفري أن بلاده تعيش أفضل أيامها والثورة الإيرانية تنتشر بسرعة خارج حدود الجمهورية، وهذا التصريح صدر خلال فترة التفاوض للوصول للاتفاق النووي وتزامنا مع انقلاب الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن.
11 ما صرح به عضو البرلمان الإيراني علي رضا زاكاني، المقرب من القائد الأعلى الإيراني علي خامنئي، حينما تفاخر بأن صنعاء قد أصبحت العاصمة الرابعة التي تدخل في سيطرة إيران، أما العواصم الثلاث التي يشير لها زاكاني فهي بيروت وبغداد ودمشق، ظهر ذلك التصريح المشؤوم مباشرة بعد أن احتل الحوثيون، بمساعدة إيران، العاصمة اليمنية صنعاء في انقلابهم على الشرعية.
12 قبل 25 عاما؛ استغل النظام الإيراني الحرب الأهلية في لبنان لتثبيت نفوذه وطرد قوات حفظ السلام، وقتل 241 من الجنود الأمريكيين في ثكنة عسكرية.
13 في عام 1996؛ فجرت إيران أبراج الخبر في المملكة، متسببة بمقتل 19 فردا.
14 اغتال النظام الإيراني قادة للمعارضة الإيرانية في ألمانيا 1992، وفجر مبنى في الأرجنتين في 1994
15 خطط النظام الإيراني لاغتيال السفير السعودي السابق في واشنطن، ووزير الخارجية عادل الجبير في عام 2011
16 إيران استمرت في قتل المئات من الأمريكيين من خلال توفير القنابل والمتفجرات التي يستخدمها المقاتلون في الحرب العراقية، وذكرت مجموعة دراسة العراق (ISG) أن إيران زودت مجموعات من المقاتلين بأجهزة متفجرات استخدمت في الهجوم على القوات الأمريكية. وكان هذا النوع من الأسلحة قد تسبب فيما نسبته 40% تقريبا من مجمل إصابات الأمريكيين»، وبالتنسيق مع إيران، أطلق الأسد مئات الإرهابيين من السجون السورية ونقلهم إلى العراق بغرض شن هجمات هناك.
17 يعيش السعوديون على بعد دقائق من الصواريخ الإيرانية الباليستية التي تطلقها ميليشيات الحوثيون ضد المملكة من اليمن، فقد تم إطلاق نحو 160 صاروخا إيرانيا نحو المملكة، وذلك وضع لا يمكن قبوله، فليتخيل المواطن الأمريكي أن عليه قبول قيام عصابات المخدرات أو جماعة إرهابية أو ميليشيات بإطلاق صواريخ على عاصمتهم عبر حدود الولايات المتحدة من دولة أخرى.
18 رؤية السعودية، مبنية على احترام سيادة الدول واستقلالها، وتعزيز السلام والاستقرار والازدهار الاقتصادي للجميع، ورؤية النظام الإيراني هي نقيض ذلك، فهو نظام تشكل منذ نشأته كقوة توسعية تنشر وتستخدم الطائفية والكراهية والعنف كوسيلة لتوسيع نفوذها في الدول العربية بهدف فرض إرادتها عليها، أن الدمار الذي تسبب فيه النظام الإيراني لا يشمل فقط دول المنطقة وإنما الشعب الإيراني نفسه.
19 إذا قارنا بين المملكة وإيران منذ الثورة الإيرانية عام 1979، وجدنا أن المملكة حققت تقدما في كل مؤشرات التنمية ومستوى المعيشة، بينما تراجعت إيران إلى الخلف، وزاد متوسط دخل الفرد في المملكة عشرة أضعاف تقريبا، من حوالي 2300 دولار في عام 1978 إلى أكثر من 22000 دولار في الوقت الراهن، بينما تراجع متوسط الدخل في إيران بأكثر من النصف، ليصل بالكاد إلى أكثر من 4000 دولار في الوقت الراهن.
20 قبل أربعة عقود، كان الاقتصادان السعودي والإيراني بنفس الحجم تقريبا، حوالي 80 مليار دولار، ومنذ ذلك الحين، توسع الناتج المحلي الإجمالي السعودي إلى ما يقرب من 700 مليار دولار، وهو ضعف مثيله في إيران اليوم.
21 المواطن في المملكة تزداد احتمالية توظيفه بنسبة 34.3 %، وتنخفض احتمالية سجنه بنسبة 45% مقابل المواطن الإيراني، كما أن متوسط أعمار السعوديين تزيد عن الإيرانيين بأربع سنوات.
22 في إيران يمنع النظام استخدام «تويتر» و»فيس بوك» وغيرها من منصات وسائل التواصل الاجتماعي التي يحظرها النظام بشكل متكرر، بينما في المملكة فإن العالم مفتوح أمام السعوديين ليتفاعلوا معه من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ويتفاعل العالم معهم أيضا.
23 النظام الإيراني المتطرف لا يعرف أي لغة غير لغة العنف والإرهاب، بينما يحاول وزير الخارجية الإيراني بائسا تقديم وجه معتدل خارج بلاده بتغريداته الإنجليزية على «تويتر» وما ينشره على «فيس بوك»، ولا يجرؤ النظام على بث الرسائل المعتدلة داخل وطنه، فأي حديث عن الاعتدال أو الإصلاح هو مجرد تملق للغرب من نظام يستمد شرعيته من التطرف والغلو.
24 التملق والنفاق ليس حكرا على ظريف، فالرئيس روحاني يسعى إلى خداع العالم بالحديث عن الإصلاحيين الذين قد يحلون يوما ما مكان «المتشددين» الذين يتولون مقاليد السلطة الإيرانية اليوم، رغم أن روحاني جزء من نظام القمع والتطرف، فقد شغل منصب أمين مجلس الأمن القومي الأعلى في إيران منذ 1989 حتى 2005، حيث ساعد في الإشراف على حملة الاغتيالات الإيرانية وتفجيرات السفارات.
25 سمعت مباشرة من مسؤول حكومي سابق في الولايات المتحدة أن وزير الخارجية جواد ظريف يهمس سرا لمن يلتقيهم أن المرشد الأعلى «منفصل عن الواقع» وأن الولايات المتحدة بحاجة إلى أن تدعم إيران حتى يمكن للمعتدلين أن يتولوا الحكم عندما يتوفى المرشد الأعلى، ومزاعم ظريف هذه ليست بحقيقة، إنها استراتيجية خادعة تهدف إلى تهدئة الغرب فقط وجعله يؤجل مواجهة إيران وسلوكها العدواني على أمل تعزيز نفوذ ما يسمى بالإصلاحيين.
26 نتج عن الاتفاق النووي حصول إيران على نحو 100 مليار دولار، لم تذهب للمدارس، ولا للطرقات أو المستشفيات، بل في تمويل الحرس الثوري وفيلق القدس، وتظهر البيانات المتوفرة حول الميزانيات المالية الرسمية لإيران أنه في الفترة بين 2014 و2017، زادت ميزانية الدفاع بنسبة 71%، من 9.29 مليارات دولار إلى 15.9 مليار دولار، وارتفعت العام الماضي إلى 19 مليار دولار.
وأوضح أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، قال مرارا وتكرارا، إن التصدي لقوى العدوان قد يستلزم المزيد من التكاليف على المدى القصير، ولكنها الاستراتيجية الحقيقية الوحيدة الكفيلة بمنع التهديدات الخطيرة من التفاقم لتتحول إلى صراعات أشد فتكا.
وأكرر ما قاله ولي العهد أخيرا في مؤتمر مع الرئيس الفرنسي ماكرون بباريس:» لن نكرر اتفاقية عام 1938 التي أدت في وقت لاحق إلى الحرب العالمية الثانية».
وقال الأمير خالد بن سلمان في تغريدات أمس، تعليقا على مقاله الذي نشرته صحيفة عرب نيوز أمس الأول، إن ما نصبو إليه هو استقرار ورخاء الدول والشعوب العربية، والمملكة كانت وتظل الداعم الأكبر لاستقلال الدول العربية وسيادتها، وتعزيز مؤسساتها الشرعية، بغض النظر عن انتمائها الطائفي أو الأيديولوجي، وذلك في مواجهة مشاريع التطرف والإرهاب والفوضى التي تنشرها إيران من خلال ميليشياتها الطائفية، وفيما تسعى إيران لتدمير الدول العربية ومستقبلها في المنطقة من خلال الميليشيات، والطائفية، والاغتيال السياسي، تعمل المملكة على دعم التنمية الاقتصادية والاستثمار في طاقات وقدرات الدول العربية لتعزيز قوتها ورخائها واستقرارها.
وأضاف «في لبنان على سبيل المثال، وقفت المملكة إلى جانب إرادة الشعب بكافة أطيافه في تحقيق الحرية والكرامة والسيادة والاستقلال منذ اتفاق الطائف وصولا للاستقلال الثاني، وأقامت المملكة مشاريع الإعمار في كل لبنان بما فيها جنوبه الغالي، واستثمرنا اقتصاديا فيه لتحقيق الرخاء للجميع، وفي المقابل دعمت إيران الميليشيات والاغتيالات السياسية، بما فيها اغتيال رمز لبنان العربي الكبير رفيق الحريري، فهي لاتؤمن باستقلاله بل كساحة لمشروع التوسع، وتريد أن يكون لبنان، بشهادة أدواتها، جزءا من دولة الولي الفقيه. فلماذا يتم الزج بأبناء لبنان في صراعات لاناقة لهم فيها ولاجمل؟.
وذكر أنه في عام 78م كان لاقتصاد إيران موقع ريادي في المنطقة وقاعدة صناعية تؤهله للمنافسة العالمية، وكانت بلادي في بدايات تحقيق النهوض، واليوم يعانون من التضخم والبطالة وانهيار العملة، والمملكة في مصاف مجموعة العشرين، ماضية في رؤيتها لتحقيق المزيد من الرخاء والنمو المستدام للشعب السعودي الكريم، قائلا «لقد حزمنا أمرنا مع هذا النظام، فلم ينتج عن محاولات تغيير سلوكه عبر الاتفاق النووي سوى مزيد من الدمار في اليمن وسوريا والعراق ولبنان وغيرها من دول المنطقة. لتغيير سلوكهم لابد أن يقف العالم بحزم في مواجهتهم. وهذا ما تقوم به المملكة وأشقاؤها في اليمن».
وأضاف أن المنطقة قالت كلمتها ووضعت السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان خطا أحمرا في 25 مارس 2015، لاعودة عنه ولا تراجع عن ردع مشاريع الفوضى والطائفية، وأمام العرب، كل العرب، خيار تاريخي اليوم إما القبول بأن يكون العرب حطبا في مشاريع الولي الفقيه ويقتلوا بعضهم بعضا من أجل أحلام طهران العبثية، أو أن يلتفتوا لبناء أوطانهم وتعزيز وحدتها واستقرارها، وسنكون إلى جانبهم كما كنا دائما.
وأوضح أن النظام الإيراني يعرف جيدا منذ صيف 1984 أن المملكة حينما تضع خطا أحمرا فهي تعني ما تقول، واليوم فقد وضعت بقيادتها لعاصفة الحزم وإعادة الأمل خطا أحمرا، فمن غير المسموح، بعد ذلك اليوم الكبير في تاريخ أمتنا العربية، المساس باستقلال وسيادة وكرامة الدول العربية، وأن ما يحرك النظام هو أجندة توسعية ترغب بفرض الهيمنة على المنطقة، مبدأ ولاية الفقيه هو مجرد أداة لتحقيق أهداف هذا المشروع.
وشدد الأمير خالد بن سلمان على أن المملكة لا تتدخل في الشؤون الداخلية لإيران، وأن المشكلة تكمن في مشاريعها التوسعية وتدخلها في الشؤون الداخلية للدول ونشرها للفوضى والدمار، وستقف المملكة إلى جانب الدول العربية في مواجهة ذلك، وأن الشعب الإيراني هو أيضا ضحية لهذا النظام الذي بدد موارده ومقدراته وأضاع فرص التنمية له خلال 4 عقود.
من جهته، قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في مؤتمر صحفي عقده أمس، إن الولايات المتحدة ستطلق قناة تلفزيونية باللغة الفارسية تبث على مدار الساعة، وإن مجلس أمناء البث الإذاعي الأمريكي يتخذ الآن خطوات جديدة لمساعدة الشعب الإيراني على الالتفاف على الرقابة على الانترنت، وسيطلق المجلس قناة تلفزيونية جديدة على مدار الساعة باللغة الفارسية، ولن يكون ذلك مقتصرا على التلفزيون، بل وفي شكل راديو رقمي، ووسائل التواصل الاجتماعي.
وأكد أن الإيرانيين العاديين في إيران وفي جميع أنحاء العالم، بهذا الشكل، سيكون بمقدورهم أن يعلموا أن «أمريكا تقف معهم، قائلا «سمع الإيرانيون من قادتهم على مدى 40 عاما، أن الولايات المتحدة هي الشيطان الأكبر، ونحن لا نعتقد أن الإيرانيين لا يزالون مستعدين للاستماع إلى الأخبار الكاذبة.
من مقال الأمير خالد بن سلمان:
1 ما مر به العالم من مآس وويلات خلال الحرب العالمية الثانية، في واحدة من أحلك فصول التاريخ الإنساني، وما انتهت إليه مسارات تلك الحرب من دحر قوى الشر والظلام، هي مرحلة مليئة بالدروس والعبر، لتجنيب العالم ويلات الانزلاق إلى صراعات مماثلة.
2 السعودية ترحب بتأكيد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أن الولايات المتحدة لن تتعامل مع إيران بشيء من سياسات «الاسترضاء» التي فشلت فشلا ذريعا في إيقاف توسع ألمانيا النازية أو تلافي الحرب الأكثر كلفة في التاريخ الإنساني، ويجب علينا جميعا أن نتحد لدعم استراتيجية أوسع لمعالجة سلوك النظام الإيراني.
3 نعيش اليوم في فترة تشهد ظروفا تذكرنا بأحداث ثلاثينيات القرن الماضي، التي سبقت الحرب العالمية الثانية، حيث يعيش العالم تداعيات أزمات اقتصادية، ويشهد انقساما سياسيا حادا من اليمين المتطرف إلى اليسار المتشدد، وتغيب فيه قدرة مؤسسات المجتمع الدولي على العمل المشترك الفعال للتصدي للأزمات الدولية.
4 الاتفاق النووي وما تضمنه من تخفيف للعقوبات الاقتصادية على إيران، لم يضع حدا لأنشطة إيران المزعزعة لاستقرار المنطقة ورعايتها للإرهاب، لا بل ساهم من خلال منح النظام الإيراني المزيد من العوائد المالية، في تعزيز أنشطة إيران التوسعية في المنطقة.
5 الاتفاق يمثل جزءا من منهج الاسترضاء الذي كان سيؤدي إلى نتائج كارثية في المنطقة لو استمر، فخلال فترة الاتفاق، زاد النظام الإيراني الدعم المالي والعسكري لنظام بشار الأسد، بدون أي رادع من المجتمع الدولي، وبدون أي عقاب على جرائم النظام الإيراني في سوريا، لا بل تم إعطاء النظام الإيراني دورا في المفاوضات السياسية المتعلقة بسوريا.
6 إعلان الرئيس ترمب العمل مع الحلفاء لإيجاد حل فعلي وشامل ودائم للتهديد الإيراني النووي وإيقاف أنشطتها الإرهابية يتسق مع سياسة السعودية والتزامها بالعمل مع حلفائها وفعل كل ما من شأنه وقف التمدد الإيراني الخبيث في المنطقة.
7 اتضح جليا للمجتمع الدولي فشل سياسة استرضاء إيران في تغيير تصرفاتها، ويتعين علينا النظر إلى أوجه التشابه العديدة والمثيرة للقلق بين عامي 2018 و1938 لنستفيد من دروس التاريخ وعبره في التعامل الدولي مع الخطر الداهم المتمثل بأنشطة النظام الإيراني التوسعية ورعايته للإرهاب.
8 قبل ثمانين عاما شاهدت الدول الكبرى في النظام الدولي القوى التوسعية في أوروبا وآسيا وهي تنهي ما تبقى من إيمان بمبادئ القانون الدولي والمؤسسات الدولية بما في ذلك عصبة الأمم، واليوم نشاهد خطرا مشابها متمثلا بالنظام الإيراني الذي يؤجج النزاعات ويسلح المتطرفين.
9 أينما تنظر، إن كان هناك مشاكل في المنطقة، فإنك ستجد إيران، هذا لم يقله مسؤول سعودي، بل هو تصريح صادر عن وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس.
10 الدستور الإيراني يدعو إلى نشر الثورة الإيرانية في العالم ويسمي ذلك جهادا ومنذ أيامه الأولى؛ حض الخميني أتباعه على غزو الأراضي الإسلامية وغير الإسلامية على حد سواء، وفي عام 2015 أعلن رئيس الحرس الثوري الإيراني اللواء محمد علي جعفري أن بلاده تعيش أفضل أيامها والثورة الإيرانية تنتشر بسرعة خارج حدود الجمهورية، وهذا التصريح صدر خلال فترة التفاوض للوصول للاتفاق النووي وتزامنا مع انقلاب الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن.
11 ما صرح به عضو البرلمان الإيراني علي رضا زاكاني، المقرب من القائد الأعلى الإيراني علي خامنئي، حينما تفاخر بأن صنعاء قد أصبحت العاصمة الرابعة التي تدخل في سيطرة إيران، أما العواصم الثلاث التي يشير لها زاكاني فهي بيروت وبغداد ودمشق، ظهر ذلك التصريح المشؤوم مباشرة بعد أن احتل الحوثيون، بمساعدة إيران، العاصمة اليمنية صنعاء في انقلابهم على الشرعية.
12 قبل 25 عاما؛ استغل النظام الإيراني الحرب الأهلية في لبنان لتثبيت نفوذه وطرد قوات حفظ السلام، وقتل 241 من الجنود الأمريكيين في ثكنة عسكرية.
13 في عام 1996؛ فجرت إيران أبراج الخبر في المملكة، متسببة بمقتل 19 فردا.
14 اغتال النظام الإيراني قادة للمعارضة الإيرانية في ألمانيا 1992، وفجر مبنى في الأرجنتين في 1994
15 خطط النظام الإيراني لاغتيال السفير السعودي السابق في واشنطن، ووزير الخارجية عادل الجبير في عام 2011
16 إيران استمرت في قتل المئات من الأمريكيين من خلال توفير القنابل والمتفجرات التي يستخدمها المقاتلون في الحرب العراقية، وذكرت مجموعة دراسة العراق (ISG) أن إيران زودت مجموعات من المقاتلين بأجهزة متفجرات استخدمت في الهجوم على القوات الأمريكية. وكان هذا النوع من الأسلحة قد تسبب فيما نسبته 40% تقريبا من مجمل إصابات الأمريكيين»، وبالتنسيق مع إيران، أطلق الأسد مئات الإرهابيين من السجون السورية ونقلهم إلى العراق بغرض شن هجمات هناك.
17 يعيش السعوديون على بعد دقائق من الصواريخ الإيرانية الباليستية التي تطلقها ميليشيات الحوثيون ضد المملكة من اليمن، فقد تم إطلاق نحو 160 صاروخا إيرانيا نحو المملكة، وذلك وضع لا يمكن قبوله، فليتخيل المواطن الأمريكي أن عليه قبول قيام عصابات المخدرات أو جماعة إرهابية أو ميليشيات بإطلاق صواريخ على عاصمتهم عبر حدود الولايات المتحدة من دولة أخرى.
18 رؤية السعودية، مبنية على احترام سيادة الدول واستقلالها، وتعزيز السلام والاستقرار والازدهار الاقتصادي للجميع، ورؤية النظام الإيراني هي نقيض ذلك، فهو نظام تشكل منذ نشأته كقوة توسعية تنشر وتستخدم الطائفية والكراهية والعنف كوسيلة لتوسيع نفوذها في الدول العربية بهدف فرض إرادتها عليها، أن الدمار الذي تسبب فيه النظام الإيراني لا يشمل فقط دول المنطقة وإنما الشعب الإيراني نفسه.
19 إذا قارنا بين المملكة وإيران منذ الثورة الإيرانية عام 1979، وجدنا أن المملكة حققت تقدما في كل مؤشرات التنمية ومستوى المعيشة، بينما تراجعت إيران إلى الخلف، وزاد متوسط دخل الفرد في المملكة عشرة أضعاف تقريبا، من حوالي 2300 دولار في عام 1978 إلى أكثر من 22000 دولار في الوقت الراهن، بينما تراجع متوسط الدخل في إيران بأكثر من النصف، ليصل بالكاد إلى أكثر من 4000 دولار في الوقت الراهن.
20 قبل أربعة عقود، كان الاقتصادان السعودي والإيراني بنفس الحجم تقريبا، حوالي 80 مليار دولار، ومنذ ذلك الحين، توسع الناتج المحلي الإجمالي السعودي إلى ما يقرب من 700 مليار دولار، وهو ضعف مثيله في إيران اليوم.
21 المواطن في المملكة تزداد احتمالية توظيفه بنسبة 34.3 %، وتنخفض احتمالية سجنه بنسبة 45% مقابل المواطن الإيراني، كما أن متوسط أعمار السعوديين تزيد عن الإيرانيين بأربع سنوات.
22 في إيران يمنع النظام استخدام «تويتر» و»فيس بوك» وغيرها من منصات وسائل التواصل الاجتماعي التي يحظرها النظام بشكل متكرر، بينما في المملكة فإن العالم مفتوح أمام السعوديين ليتفاعلوا معه من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ويتفاعل العالم معهم أيضا.
23 النظام الإيراني المتطرف لا يعرف أي لغة غير لغة العنف والإرهاب، بينما يحاول وزير الخارجية الإيراني بائسا تقديم وجه معتدل خارج بلاده بتغريداته الإنجليزية على «تويتر» وما ينشره على «فيس بوك»، ولا يجرؤ النظام على بث الرسائل المعتدلة داخل وطنه، فأي حديث عن الاعتدال أو الإصلاح هو مجرد تملق للغرب من نظام يستمد شرعيته من التطرف والغلو.
24 التملق والنفاق ليس حكرا على ظريف، فالرئيس روحاني يسعى إلى خداع العالم بالحديث عن الإصلاحيين الذين قد يحلون يوما ما مكان «المتشددين» الذين يتولون مقاليد السلطة الإيرانية اليوم، رغم أن روحاني جزء من نظام القمع والتطرف، فقد شغل منصب أمين مجلس الأمن القومي الأعلى في إيران منذ 1989 حتى 2005، حيث ساعد في الإشراف على حملة الاغتيالات الإيرانية وتفجيرات السفارات.
25 سمعت مباشرة من مسؤول حكومي سابق في الولايات المتحدة أن وزير الخارجية جواد ظريف يهمس سرا لمن يلتقيهم أن المرشد الأعلى «منفصل عن الواقع» وأن الولايات المتحدة بحاجة إلى أن تدعم إيران حتى يمكن للمعتدلين أن يتولوا الحكم عندما يتوفى المرشد الأعلى، ومزاعم ظريف هذه ليست بحقيقة، إنها استراتيجية خادعة تهدف إلى تهدئة الغرب فقط وجعله يؤجل مواجهة إيران وسلوكها العدواني على أمل تعزيز نفوذ ما يسمى بالإصلاحيين.
26 نتج عن الاتفاق النووي حصول إيران على نحو 100 مليار دولار، لم تذهب للمدارس، ولا للطرقات أو المستشفيات، بل في تمويل الحرس الثوري وفيلق القدس، وتظهر البيانات المتوفرة حول الميزانيات المالية الرسمية لإيران أنه في الفترة بين 2014 و2017، زادت ميزانية الدفاع بنسبة 71%، من 9.29 مليارات دولار إلى 15.9 مليار دولار، وارتفعت العام الماضي إلى 19 مليار دولار.