خراب قصر خزام.. من المسؤول؟!
الخميس - 19 يوليو 2018
Thu - 19 Jul 2018
في صور صادمة عن قصر خزام التاريخي أطلت علينا مرآة صحيفة المدينة يومي السبت والأحد 23-24 /10 /1439هـ ، لتعكس لنا بشاعة الحال الذي وصل إليه القصر التاريخي الذي كان رمزا من رموز الدولة السعودية في بداية تأسيسها، حتى إنه وضعت صورته على العملة المقدمة للحجاج قبل صدور الريال السعودي.
ذلك القصر كان مبهرا لكل من زار المنطقة أو عاش في جدة، وحيث إنني مكية الولادة والعشق ولكنني جداوية النشأة والهوى فقد عشت في جدة سنوات الطفولة والمراهقة وكل شيء فيها يسرقني بحرها، وبرها، وسماؤها وكل ذرة من ترابها فقد حفرت في مخيلتي لوحة التميز والجمال في تلك المدينة.
وفي ذلك الزمن كان قصر خزام يجسد روعة الإبداع البنائي، حيث كان يسمح للأسر الجداوية بالتنزه في الساحات الخارجية للقصر، وكانت مفتوحة للعامة ومتنفسا للأسر في تلك الحديقة الغناء أو الواحة الخضراء التي تتدلى من أشجارها ثمار فاكهة الجوافة والليمون، واللوز والنبق، هذا فضلا عن نوافيرها بزخارفها الأندلسية حيث الإبهار يسرق الألباب.
بني هذا المعلم التاريخي منذ دخول الملك عبدالعزيز جدة عام 1928هـ وقد سمي بقصر خزام لكثرة وجود نبات الخزامى في المنطقة. وقد شهد توقيع اتفاقيات مصيرية في تأسيس الدولة السعودية وبنائها، منها اتفاقية التنقيب عن البترول بين الدولة السعودية والولايات المتحدة ممثلة في شركة ستنادرد أويل كاليفورنيا 1933م وغيرها من الاتفاقيات - حسب الويكيبيديا - ثم استخدم الملك سعود القصر كمكاتب إدارية للحكومة عام 1963م ثم تحول القصر إلى «متحف جدة الإقليمي»، حيث انتقل إلى وكالة الآثار والمتاحف التابعة لوزارة المعارف بتوجيه من الملك فهد رحمه الله تعالى عام 1981م، فقامت بترميم جزء من القصر وافتتح في مارس 1995م وقد روعي في الترميم المحافظة على الطابع للمبنى المعماري وتحويل جزء من القصر إلى متحف، فأصبح المتحف يضم: قاعات ما قبل التاريخ، وأخرى للعصور الإسلامية، وقاعة الملك عبدالعزيز، وقاعة الملك سعود وقاعة التراث الشعبي.
ثم ماذا؟! أين تلك الكنوز التاريخية سواء المبنى أو المقتنيات ؟؟ التقرير يقول: إنها تحولت إلى أطلال وخرابات وانهيارات طالت جدران القصر وأعمدته الرخامية، بل أصبح القصر وكرا من أوكار العمالة السائبة التي تؤجر قاعات القصر بمساحاته لتجار الخشب والمفروشات!
الخطة الدرامية التي قادها المحرر الصحفي وزميله المصور تستحق أن تلقى اهتماما بالغا من المسؤولين وتكريما يليق بهما، فقد تنكرا بأنهما تاجران يريدان استئجار جزء من المبنى، فكشفا المستور الذي توارى خلال 23 عاما، لم نر متحفا يليق بجدة ومكانتها!
وهنا تثار الأسئلة التي قد تكشف النقاب عن أسرار الفساد الذي لم يطل جسد جدة وسيولها وشوارعها فحسب، بل طال آثارها التاريخية أيضا! فأين أمانة جدة عن هذا المعلم التاريخي؟ لماذا لم يتم الاهتمام به كمنطقة جدة التاريخية والتي دخلت للتراث العالمي؟ وأين كانت «وزارة المعارف» أو من يقوم مقامها التي تسلمت القصر من المحافظة عليه؟ ومن المسؤول عن تحوله إلى خرابة؟!
الغريب أن المتحدث الإعلامي لفرع هيئة السياحة والتراث الوطني بمنطقة مكة المكرمة حينما سئل عن سبب إهمال القصر؟ قال «يعتبر أملاكا خاصة لورثة وليس تحت مسؤولية هيئة السياحة والتراث الوطني». وحتى إن كان القصر أملاكا خاصة كان الأجدر أن تقوم الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني والتي تأسست منذ عام 1421هـ وضمت إليها الآثار بناء على المرسوم الملكي رقم أ/2 بتاريخ 28/2/1424هـ لتصبح الهيئة مسؤولة عن كل ما يتعلق بالآثار إلى جانب مسؤوليتها في القطاع السياحي، التواصل مع ملاك القصر وهم أهل البيت في هذا الكيان الكبير، وأخذ الإذن بترميمه واستثماره ليكون أحد الكنوز التاريخية التي تدر دخلا عاليا - حسب رؤية 2030م بالبحث عن موارد اقتصادية غير النفط - خاصة أن الموقع هو جدة؛ بوابة العبور لمكة المكرمة، ويمر خلالها الملايين من الزوار الذين قد يجدون من المكان تحفة معمارية وأثرا يخلد مجد هذه الدولة السعودية.
مع الأسف طمرت كثير من الآثار في مكة وجدة وبعض مدن المملكة بفكر متشدد وإهمال بالغ، ولكن لن تنحسر كنوزنا التراثية وأميرها سلطان بن سلمان، رائدا ومستلهما للماضي التليد.
وكل الشكر والتقدير لنائب أمير منطقة مكة المكرمة الأمير عبدالله بن بندر على اهتمامه البالغ وتواصله الفوري مع الجهات المختصة لكشف النقاب عن لغز خزام ليعيده للتاريخ أكثر بهجة ورونقا وبهاء.
@Fatinhussain
ذلك القصر كان مبهرا لكل من زار المنطقة أو عاش في جدة، وحيث إنني مكية الولادة والعشق ولكنني جداوية النشأة والهوى فقد عشت في جدة سنوات الطفولة والمراهقة وكل شيء فيها يسرقني بحرها، وبرها، وسماؤها وكل ذرة من ترابها فقد حفرت في مخيلتي لوحة التميز والجمال في تلك المدينة.
وفي ذلك الزمن كان قصر خزام يجسد روعة الإبداع البنائي، حيث كان يسمح للأسر الجداوية بالتنزه في الساحات الخارجية للقصر، وكانت مفتوحة للعامة ومتنفسا للأسر في تلك الحديقة الغناء أو الواحة الخضراء التي تتدلى من أشجارها ثمار فاكهة الجوافة والليمون، واللوز والنبق، هذا فضلا عن نوافيرها بزخارفها الأندلسية حيث الإبهار يسرق الألباب.
بني هذا المعلم التاريخي منذ دخول الملك عبدالعزيز جدة عام 1928هـ وقد سمي بقصر خزام لكثرة وجود نبات الخزامى في المنطقة. وقد شهد توقيع اتفاقيات مصيرية في تأسيس الدولة السعودية وبنائها، منها اتفاقية التنقيب عن البترول بين الدولة السعودية والولايات المتحدة ممثلة في شركة ستنادرد أويل كاليفورنيا 1933م وغيرها من الاتفاقيات - حسب الويكيبيديا - ثم استخدم الملك سعود القصر كمكاتب إدارية للحكومة عام 1963م ثم تحول القصر إلى «متحف جدة الإقليمي»، حيث انتقل إلى وكالة الآثار والمتاحف التابعة لوزارة المعارف بتوجيه من الملك فهد رحمه الله تعالى عام 1981م، فقامت بترميم جزء من القصر وافتتح في مارس 1995م وقد روعي في الترميم المحافظة على الطابع للمبنى المعماري وتحويل جزء من القصر إلى متحف، فأصبح المتحف يضم: قاعات ما قبل التاريخ، وأخرى للعصور الإسلامية، وقاعة الملك عبدالعزيز، وقاعة الملك سعود وقاعة التراث الشعبي.
ثم ماذا؟! أين تلك الكنوز التاريخية سواء المبنى أو المقتنيات ؟؟ التقرير يقول: إنها تحولت إلى أطلال وخرابات وانهيارات طالت جدران القصر وأعمدته الرخامية، بل أصبح القصر وكرا من أوكار العمالة السائبة التي تؤجر قاعات القصر بمساحاته لتجار الخشب والمفروشات!
الخطة الدرامية التي قادها المحرر الصحفي وزميله المصور تستحق أن تلقى اهتماما بالغا من المسؤولين وتكريما يليق بهما، فقد تنكرا بأنهما تاجران يريدان استئجار جزء من المبنى، فكشفا المستور الذي توارى خلال 23 عاما، لم نر متحفا يليق بجدة ومكانتها!
وهنا تثار الأسئلة التي قد تكشف النقاب عن أسرار الفساد الذي لم يطل جسد جدة وسيولها وشوارعها فحسب، بل طال آثارها التاريخية أيضا! فأين أمانة جدة عن هذا المعلم التاريخي؟ لماذا لم يتم الاهتمام به كمنطقة جدة التاريخية والتي دخلت للتراث العالمي؟ وأين كانت «وزارة المعارف» أو من يقوم مقامها التي تسلمت القصر من المحافظة عليه؟ ومن المسؤول عن تحوله إلى خرابة؟!
الغريب أن المتحدث الإعلامي لفرع هيئة السياحة والتراث الوطني بمنطقة مكة المكرمة حينما سئل عن سبب إهمال القصر؟ قال «يعتبر أملاكا خاصة لورثة وليس تحت مسؤولية هيئة السياحة والتراث الوطني». وحتى إن كان القصر أملاكا خاصة كان الأجدر أن تقوم الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني والتي تأسست منذ عام 1421هـ وضمت إليها الآثار بناء على المرسوم الملكي رقم أ/2 بتاريخ 28/2/1424هـ لتصبح الهيئة مسؤولة عن كل ما يتعلق بالآثار إلى جانب مسؤوليتها في القطاع السياحي، التواصل مع ملاك القصر وهم أهل البيت في هذا الكيان الكبير، وأخذ الإذن بترميمه واستثماره ليكون أحد الكنوز التاريخية التي تدر دخلا عاليا - حسب رؤية 2030م بالبحث عن موارد اقتصادية غير النفط - خاصة أن الموقع هو جدة؛ بوابة العبور لمكة المكرمة، ويمر خلالها الملايين من الزوار الذين قد يجدون من المكان تحفة معمارية وأثرا يخلد مجد هذه الدولة السعودية.
مع الأسف طمرت كثير من الآثار في مكة وجدة وبعض مدن المملكة بفكر متشدد وإهمال بالغ، ولكن لن تنحسر كنوزنا التراثية وأميرها سلطان بن سلمان، رائدا ومستلهما للماضي التليد.
وكل الشكر والتقدير لنائب أمير منطقة مكة المكرمة الأمير عبدالله بن بندر على اهتمامه البالغ وتواصله الفوري مع الجهات المختصة لكشف النقاب عن لغز خزام ليعيده للتاريخ أكثر بهجة ورونقا وبهاء.
@Fatinhussain