عبدالله المزهر

كلنا أمن، وكلنا مشبوهون..!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الخميس - 19 يوليو 2018

Thu - 19 Jul 2018

مثل كثير من الخلق فإني أقضي ليالي إجازة نهاية الأسبوع في الاستراحة الخاصة بشلتنا المباركة، لأسباب تتعلق بالطقس وبالتوفير والتخطيط المستقبلي. من المستحيل وجود مكان آخر يتوفر فيه هواء بارد دون أن يكون مدعاة للصرف المادي غير المبرر، وقد قررت منذ فترة أن أظهر بخلي للعلن، بعد أن كان لسنوات يحيك في صدري وأكره أن يطلع عليه الناس.

في الاستراحة تستطيع أن تتناول الشاهي والقهوة وتوابعهما بتكلفة أقل بكثير من تناول ذات الأشياء في أماكن عامة وهذه ليست الميزة الأهم، الميزة الأهم هي أنك تستطيع أن تشتم الجميع بصوت مرتفع ودون أن تخشى «لصوص السمع» في المقاهي والمطاعم وما شابههما من أماكن التسلية الجماعية.

الذي كان يعكر علينا صفو جلساتنا هو أن بعض الزملاء ـ أصلحهم الله ـ يتمادون كثيرا دون خوف من قانون يردعهم ويخيفهم، فتجد البعض دون خجل أو حياء أو وازع من دين أو ضمير يتعمد ممارسة الغش في لعبة البلوت، وآخر يتعذر كذبا بالتعب حتى لا يساعد في الطبخ، أما الأكثر إجراما فهم أولئك الذين يتأخرون عن دفع مبلغ «القطة» الشهرية.

لكن كل هذا أصبح من الماضي وأصبحت الأمور تحت السيطرة، والتقنية الحديثة جعلت في المتناول أن يكون المرء شرطيا في أي وقت يريد وبسهولة بالغة.

الآن بمجرد «الشك» في أن أحدهم تسول له نفسه الغش في البلوت أو ممارسة أي أمر مستفز آخر فإن الأمر لا يتطلب أكثر من وجود جوال ثم التبليغ عن جريمته عن طريق تطبيق «كلنا أمن». لكن المشكلة أن أحاديثنا أيضا أصبحت رسمية ومتكلفة وتشعر بأننا ضيوف في برنامج حواري في القناة الأولى، فلا أحد يضمن متى سيستخدم صديق غاضب هذا التطبيق الرائع.

وأتمنى ألا يعتقد البعض أننا نبالغ ونسرف في استخدام القانون، لأن هذه الممارسة في استراحتنا هي أقل بكثير مما يحدث على وسائل التواصل، وأنا واثق أن المسؤولين عن التطبيق قد تلقوا بلاغات أمنية تتهم مغردا بأنه لديه الكثير من الأخطاء الإملائية. وحتما وحسب ما يشاهد في تويتر ـ على سبيل المثال ـ فإنه يوجد بلاغ وتصوير لتغريدة أحد المجرمين الذين نصبوا فاعلا ورفعوا مفعولا به عيانا بيانا دون حياء ولا خوف ولا احترام لسلطات الدولة.

وعلى أي حال..

وبما أن الكل يشتكي الكل ويبلغ عن الكل فلعلها مناسبة أن أشارك أنا أيضا وأقدم بلاغا لتطبيق كلنا أمن، أقول فيه: إني «أشك» ـ وهذا من حقي كمواطن ـ أن هذا الامتهان والإسراف في استخدام التطبيق ربما كانت له أهداف خبيثة، وأنه بهذه الطريقة وبدلا من أن يكون أداة فعالة للتبليغ عن الجرائم الحقيقية سيصبح مرتعا للبلاغات التافهة حتى يصبح تطبيقا عديم الفائدة وتتلاشى الجدية في التعامل معه.

@agrni