حمزة مصباح بوزنيف

إيران وطواحين الهواء

الاثنين - 16 يوليو 2018

Mon - 16 Jul 2018

كان لي زميل أثناء دراستي في المرحلة المتوسطة ابتلاه الله بحب المشاكل، فكان لا يهدأ له بال ولا يقر له قرار حتى يفتعل مشكلة مع أحدهم، حتى اشتهر في المدرسة بلقب «المهايطي»، وقد يتبادر إلى ذهنك عزيزي القارئ أن زميلي هذا ممن حباه الله بسطة في الجسم وقوة يغبط عليها تؤهله لأن يكون «العربجي» رقم واحد في المدرسة، ولكن المفاجأة أنه على العكس من ذلك تماما، فهو قصير القامة مترهل البنية يعلم الجميع أنه أضعف من أن يصارع طفلا في الابتدائية، ومما اشتهر عنه أنه ما يلبث أن ينفجر باكيا عندما يبدأ العراك في أي مشاجرة يخوضها، حتى أصبح أضحوكة للجميع.

لا أدري لماذا عندما أتذكر هذا الزميل يتبادر إلى ذهني فورا نظام الملالي في إيران الذي يتحفنا كل فترة بفرد عضلاته المترهلة، ويهدد تارة بإغلاق مضيق هرمز وتارة بشن حرب إقليمية وتارة بأنه سيفعل ويفعل، ورغم أننا قد ألفنا هذه التهديدات كما يألف الراعي نباح كلبه، بل أصبحت جزءا يوميا من حياتنا فلا أتخيل أن يمر شهر دون أن نسمع لإيران تهديدا من هنا أو جعجعة من هناك، إلا أن ما نسيه نظام الملالي أننا نعرفه تمام المعرفة، ونعرف حقيقته، ونعرف أن هذه التهديدات ما هي إلا صراع مع طواحين الهواء، لا تقدم ولا تؤخر، وهو أيضا يعرف هذا ويعلم أن أقصى ما يستطيع فعله أن يستخدم بيادقه لإخلال الأمن هنا وهناك مع علمه المسبق أن هذه البيادق مصيرها السحق والدمار.

ورغم أن النظام الإيراني قد أدمن لعب دور الدولة العظمى حتى صدق أنه كذلك، إلا أنه يعلم أن المساس بممر مائي سيادي يعتمد عليه كل العالم في الحصول على الطاقة أمر يتسم بالجنون، ويعلم أن ردة فعل السعودية سيكون مدمرا إلى الحد الذي سيؤدي إلى سقوط هذا النظام الذي أصبح الإيرانيون أنفسهم يتمنون زواله، إن سول لهم شيطانهم خامنئي إطلاق رصاصة تجاه المضيق.

وعلى ذكر الشعب الإيراني وما يعانيه من ويلات هذا النظام، فقد شاهدت قبل أيام مؤتمر المعارضة الإيرانية الذي أقيم في باريس، وما لقيه من أصداء طيبة لدى الشارع الإيراني، وما شدني في هذا المؤتمر

الترحيب الحار الذي لقيه سلمان الأنصاري رئيس مجلس العلاقات السعودية الأمريكية الذي ألقى كلمة في هذا المؤتمر لاقت تفاعلا كبيرا من الحضور، كأن هذه الكلمة كانت تعبر عما في صدور غالبية الإيرانيين، وهذا يدل دلالة واضحة على أن معظم الإيرانيين ينظرون إلى المملكة نظرة إيجابية ويعتبرونا قبلة المسلمين، ويتوقون للتخلص من نظامهم الفاشي باعتبار أن المملكة هي القائد الفعلي للعالم الإسلامي.

ختاما، أعتقد أن النظام الإيراني يصارع من أجل البقاء، خاصة أن العقوبات الجديدة التي فرضها عليه الرئيس الأمريكي ستعمق من أزمته، وأظن أن الحلقة الأخيرة من عمر هذا النظام قد اقتربت أكثر من أي وقت مضى.