حنان المرحبي

ماذا ينتظر الزبون من العلامة التجارية الناجحة؟

الجمعة - 13 يوليو 2018

Fri - 13 Jul 2018

الصورة الآن أصبحت واضحة أكثر من ذي قبل، إن شهرة العلامة التجارية ما عادت عاملا كافيا لإقناع الزبائن للإقبال الدائم والشراء، بل أصبح الخيار أكثر تعقيدا من قبل الزبون، خاصة في أسواق المنتجات الاستهلاكية، فهو يعرف أدق التفاصيل الخاصة بالمنتج وبدائله من الماركات الأخرى، وآراء مستخدميه، نتيجة للكم الهائل من المعلومات وتجارب ومراجعات المستهلكين المتوفرة دون أي تكلفة على الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعية.

وهذا يعني أن أسواقنا الاستهلاكية أصبحت شبه مكتملة معلوماتيا، وقرار الشراء صار ناضجا وواضحا عند المستهلك، لهذا محاولة تغييره تتطلب إلماما أوسع من إلمامه للوصول إلى احتياج حقيقي (يمسه) لم يغطه السوق بعد. أما بالنسبة للزبون فهو ينتظر منتجا أفضل من كل ما هو متوفر حاليا، يكون مبتكرا، أقل تكلفة وأعلى جودة، ولا يهمه أن يكون من خلال مشروعك أو من خلال مشروع جديد في السوق، بقدر ما تهمه قناعته في المنتج، لأن خيار التحويل من ماركة إلى أخرى ميسر وبدون تكلفة ومدعوم بمعلومات يثق بها. إذن، جهود الترويج الكبيرة لنشر العلامة التجارية قد لا تلعب أي دور لجذب الزبون الذي يعرف معظم ما يريده حولها.

الأمر الآخر الذي يعقد المسألة هو التطوير الذي يجريه المصنعون على مكونات المنتج معتمدين على التكنولوجيا وليس معايير الصناعة نفسها. وهذا الوضع يحدث تطويرا سريعا جدا، تبعا لسرعة تطور التكنولوجيا، يترتب عليه إهدار موارد المشروع الثمينة مثل العقول والوقت والمال في تطوير جوانب شكلية وطفيفة في المنتج مثل الحجم، أو البطارية، أو السعر، أو الأداء، بينما يفترض بالمشروع أن يستخدم تلك الموارد في بناء جيل جديد من المنتجات تمهد له قيادة الصناعة. وبهذا يفلس المشروع، ليس ماليا، ولكن فنيا حين يتوقف عند الجيل الأول، ولا يملك أي قدرة على ضمان الاستدامة في سوق اكتمل علما ونضجا وإشباعا وقيادته لا تكون إلا بتطوير الصناعة لا المنتج.

التطوير الذي يعتمد على التكنولوجيا قد يقود إلى صعود سريع، ولكن إذا لم يستعد المشروع لتقديم جيل مختلف من المنتجات، قد يفاجأ بحدوث هبوط سريع لا تسعفه الشهرة وهو مشهور. من الأمثلة على ذلك لعبة Pokemon Go التي صعدت إلى القمة في أسبوعين فقط (28.5 مليون لاعب)، ثم هبطت هبوطا شديدا بعد 10 أسابيع بفقدان 15 مليون لاعب في غضون شهر واحد فقط. لربما لعبت العلامة Pokemon الدور الرئيس في انتشار اللعبة وليس المنتج.

المثال الثاني هو لمنتج أدى تطوره إلى إحداث تغيير في الصناعة ككل ونقلها إلى جيل جديد من المشاريع والمنتجات والمستهلكين. المعنية هنا هي هواتف Apple الذكية التي نقلت صناعة الاتصالات من جيل المكالمات الصوتية والنصية إلى أجيال متقدمة من الوسائط المرئية والإنترنت والتطبيقات. هذا هو التطوير الذي إذا طرأ في المنتج قاد إلى تغيير الصناعة ومهد لأجيال مختلفة ومبتكرة من المنتجات غير المسبوقة.

وليس مستغربا هيمنة Apple ومنتجاتها الذكية على السوق منذ نشأتها حتى اليوم، فهي من طورت الصناعة فصارت المتحكمة في معاييرها بمستويات تفوق غيرها وتجعلها لا تبالي حتى بتغيير أسعارها لتلائم المناطق الفقيرة من العالم.

إن لم ترتبط العلامة التجارية بنجاح حقيقي، أي تحول صناعي يقود إلى ظهور جيل جديد من المنتجات، فإن الجهود المبذولة في ترويجها لترسيخها ستؤدي إلى انتشارها وربما تحقق صعودا سريعا وشهرة، لكن لن تضمن استمرار تفوقها عند زبون ناضج السلوك ومشبع بالبدائل المتجددة.

hanan_almarhabi@