من خطب الجمعة

السبت - 07 يوليو 2018

Sat - 07 Jul 2018

مواقع التواصل

«مواقع ومجموعات وحسابات التواصل الاجتماعي، من بين أفضل ما أنتجته البشرية، حيث أسهمت في تقريب المسافات، وتوثيق الصلاة، وضبط الأوقات، والاتصال بجميع الجهات، وإثراء المعلومات، وتوظيف كل ذلك في الأعمال الصالحة والمسالك النافعة والمشاريع المثمرة.

إن حسابات التواصل نعم عظيمة، ومن أعظم الشكر استعمالها والاستعانة بها على طاعة الله وابتغاء مرضاته ونفع النفس والناس وحسن توظيف الوقت وتنظيمه من خلالها، غير أن هذه الوسائل والأدوات والمواقع، من زاوية ووجهة نظر أخرى، من أعظم ابتلاءات العصر على العامة والخاصة، كما أن أصحاب تلك الحسابات والمواقع على الشبكة العنكبوتية قد فتحوا على أنفسهم باب المحاسبة.

والمسؤولية الواقعة على عاتق المسلم، أنه محاسب على أوقاته ووسائله ومشاركاته وما رأته عيناه وما سمعت أذناه وما عملته يداه، فعلى المسلمين محاسبة أنفسهم، وتجنب الإكثار في التنقل من حساب فلان إلى حساب فلان، ومن موقع فلان إلى موقع فلان، والحرص على أوقاتهم وعلى ما ينفع وحفظ النفس من الضياع.

إن مواقع التواصل دخلت وتدخلت وكشفت وفضحت أدق التفاصيل في حياة الأفراد والأسر في أفراحهم وأتراحهم وأسفارهم وتأملاتهم ومأكلهم ومشاربهم، وكل تصرفاتهم ومتغيرات حياتهم، والتعلق الدائم فيها أثر تأثيرا كبيرا على العلاقات الاجتماعية، والتواصل المثمر مع الأهل والأقارب وكل من له صلة بالفرد حتى انقلبت في كثير منا إلى تقاطع بسبب وسائل التواصل».

صالح بن حميد - إمام وخطيب المسجد الحرام

أنصاف المتفقهين

«النأي عن مجالسة العصاة ومخالطتهم واعتزال أماكنهم والبعد عن السفر معهم، دليل على بعد النظر ونور البصيرة، فينبغي لزوم الابتعاد عن مجالسة من يمرضون القلوب ويفسدون الإيمان، والحذر من مصاحبة المفتونين، ولا سيما الذين لا يملكون مخزونا علميا ومعرفيا جيدا، خصوصا في أمور الدين، لأن ذلك يجعلهم صيدا سهلا وعرضة للتغرير بهم وإفساد قلوبهم.

ولا بد من التنبه لخطورة التساهل بالبقاء في مجالس بها منكر، لأن الواجب إنكار ذلك المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة والكلمة الطيبة. إن الشراكة في الوزر ستكون عاقبة من كانت له قدرة على الإنكار ولم ينكر على المتجاوزين والعصاة الذين جاهروا بمعصيتهم ولوثوا مجالسهم بالمعصية والإثم، إن الله أتاح لمن تعذر عليه الإنكار ترك المجلس ومفارقته.

وهناك مقولة لشيخ الإسلام ابن تيمية (لا يجوز لأحد أن يحضر مجالس المنكر باختياره لغير ضرورة)، كما في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعدن على مائدة يدار عليها بالخمر)، ورفع لعمر بن عبدالعزيز قوم يشربون الخمر فأمر بجلدهم فقيل له: إن فيهم صائما، فقال: ابدؤوا به.

ومن دعي إلى وليمة فيها منكر كالخمر والزمر لم يجز حضورها، وذلك أن الله تعالى قد أمرنا بإنكار المنكر بحسب الإمكان فمن حضر باختياره ولم ينكره فقد عصا الله ورسوله.

وليحذر المسلمون من قبول فتاوى المتساهلين وأنصاف المتفقهين الذين يفتون بلا إيقان ولا إتقان ويميلون إلى طرف الانحلال بدعوى التيسير والوسطية والاعتدال».

صلاح البدير - إمام وخطيب المسجد النبوي