حمزة مصباح بوزنيف

التكنولوجيا الحديثة ضرورة أم رفاهية؟

الجمعة - 06 يوليو 2018

Fri - 06 Jul 2018

أعلنت شركة «تويز آر آص» المتخصصة في ألعاب الأطفال، والتي تمتلك أكثر من 1500 متجر في أنحاء العالم، منها 800 متجر في الولايات المتحدة الأمريكية إفلاسها وإغلاق جميع متاجرها في أمريكا.

وأغلقت الشركة آخر متجر لها الأسبوع الماضي تاركة رسالة محزنة لعملائها تقول «يبدو أن كل الأطفال قد كبروا ولم يعد أحد يهتم باللعب»، في دلالة واضحة على أن الزمن الذي كنا فيه نتأكد قبل أن ننام من وجود ألعابنا في الفراش ونتأكد من تغطيتها جيدا قد ولى وانقضى إذا نظرنا إلى واقع اهتمامات الأطفال اليوم، والتي انصبت في ألعاب الفيديو التي تغص بها المتاجر الالكترونية.

إذن هي التكنولوجيا مجددا تفعل فعلها وتسحب البساط من شركات عملاقة كنا نعتقد في يوم من الأيام أن المساس بها من الأمور الممتنعة وغير الممكنة، وهذا ما يدفعنا للتساؤل إلى أي حد ستستمر التكنولوجيا في إلغاء كل ما هو جميل وواقعي في حياتنا. قد يقول قائل إن التكنولوجيا من الأمور الجيدة التي سهلت حياة الناس، وهذا وإن كان صحيحا فهو بالتأكيد ليس من الصحيح المطلق، فكما أن للتكنولوجيا العديد من الفوائد إن استخدمت بالشكل الصحيح فإن مخاطرها إن استخدمت بالشكل الخاطئ كبيرة جدا ولا يمكن التنبؤ بالدمار الذي تسببه، وأرجو ألا يفهم من كلامي هذا أني من أنصار العصر الجيروسي، لأني فعلا لم أكن أستطيع تخيل حجم المعاناة السابقة التي يتكبدها والدي في سبيل إجراء مكالمة هاتفية دولية للاطمئنان على والدته، وحجم المعاناة التي كان يمر بها وهو ينتظر في صف كبينة الاتصال لساعات طويلة.

ولكن ما أريد قوله: ما الذي يضمن لي ألا يقوم أحد أولئك الذين يملكون تكنولوجيا الأزرار النووية بضغط الزر الأحمر ليحيل كوكبنا الصاخب والجميل إلى كوكب صامت يعلوه الدمار ويعيدنا إلى العصر الجليدي جراء إنذار خاطئ؟ حتى وإن كان هذا التصور بعيد الحدوث يبقى ممكنا كما حدث في الاتحاد السوفيتي عام 1983 عندما رصدت أجهزة الرادار ما بدا كأنه هجوم صاروخي نووي أمريكي، والذي لم يكن سوى انعكاس لأشعة الشمس على أحد الأقمار الصناعية السوفيتية ظنته أجهزة الرادار هجوما نوويا، ولم يوقف الهجوم السوفيتي المضاد إلا حدس الضابط المسؤول الذي اعتقد أن الإنذار كاذب، ولم يقم باتخاذ الإجراءات المضادة، وهذا مما يثير الرعب حقا أن يكون مصير العالم متوقفا على حدس أحدهم، بل أقل من ذلك، ما الذي يضمن لي ألا أستيقظ في يوم من الأيام لأجد أني قد خسرت وظيفتي لصالح أحد الروبوتات التي كنت ألعب بمثلها عندما كنت صغيرا، حقا حينها سيكون الأمر مثيرا للسخرية.

ورغم نظرتي السلبية تجاه بعض أنواع التكنولوجيا إلا أن العالم يتحول بسرعة، وفي صلب هذا التحول تأتي التكنولوجيا كأحد أهم الأقطاب التي تسهم في تغيير صورة العالم، وهذا ما ينبغي التنبه له، وأن تكون جميع خططنا المستقبلية مبنية على هذا الأساس، وهو ما تفطنت له القيادة مع إطلاق رؤية 2030 فجعلت للتكنولوجيا نصيب الأسد من هذه الرؤية، كإبداء صندوق الاستثمارات العامة نيته الاستثمار في صندوق «رؤية سوفت بنك» الياباني الذي يعنى بالاستثمار في قطاع التكنولوجيا، بالإضافة إلى السعي إلى جلب الشركات المتقدمة في التكنولوجيا لتستثمر في المملكة وتقديم كافة التسهيلات لها، وهذا ما تحتاجه المملكة لتعزيز مكانتها العالمية.