هند موسى

المرأة في رؤية 2030

الخميس - 05 يوليو 2018

Thu - 05 Jul 2018

إن التسامي بالخطاب قد لا يخلق تغيرا جذريا، لكنه حتما سيخلد في التاريخ على عكس الإسفاف بالخطاب الذي يبعثر الوسط ويمزق الوحدة ثم يخمد وتبقى تبعاته السيئة تنبش وتنخر في جدار العقيدة والمبادئ وحتى العادات والتقاليد.

اليوم وفي نهضة عصرية معتدلة ومنطقية ولا تتنافى مع عقيدتنا الإسلامية تحتفي المملكة العربية السعودية بثوبها الأخضر الناصع برؤى ثاقبة جديدة وعملية تتناسب مع تغيرات وتطورات العصر، بقيادة الأمير الشاب محمد بن سلمان، ورغم أن رؤاه تشمل كل شاردة وواردة تخص بلادنا وشؤونها إلا أني أصب حروفي المتواضعة في إناء المرأة على وجه الخصوص، حيث إن المرأة السعودية اليوم هي الأكثر والأوفر حظا واستفادة من كل ما يحدث، فعصرها الخريفي راح يتبدد على مشارف القرارات والرؤى الجديدة التي تصب في مصلحتها وتمكينها في شتى المجالات المختلفة، ومنها السماح لها بقيادة السيارة.

نستطيع القول إنها اليوم تتحلى بحقوقها في ثوب جديد يتناسب مع طموحاتها وآمالها وإيمانا بقيادة المملكة ودورها الفعال الذي لا غنى عنه.

أعلم أن قارئ هذا المقال سينقسم بين مشجع ومخالف بالرأي، وهذه الفئة الأخيرة هي التي أخاطبها، حيث إن غالبية أسبابها لا تتعدى التعود على رؤية المرأة في إطار تقليدي معين، وتخشى أن تعود تلك النهضة والتطور بالنتائج السلبية.

المرأة غير مسؤولة عن مخاوفهم وافتراضاتهم السلبية، هي كائن حر خلقه الله لذات السبب الذي لأجله خلق الرجل، وهي أيضا متساوية معه في أصل الجزاء والتكليف، وما يحدث بشأنها من تنمية اليوم ليس تمردا ولا تحررا، وإنما رغبة منها في بناء مجتمع متوازن قوامه رجل وامرأة، وليس رجلا ثم امرأة، وأعتقد أن أصحاب الرأي السديد والوعي الكافي يتفقون معي في ذلك، فنجاحها واستقلاليتها وتحليها بالقوة في مجابهة مصاعب العصر ستعود بالفائدة والثمار في شتى مناحي حياتها كابنة أولا ثم أخت فزوجة وأم.

وأدعم حديثي هذا بخير نساء العالمين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها زوجة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، كيف تزوجها وهو في سن الـ 25 عاما، بينما كانت تبلغ الـ 40، وقبل ذلك كانت تدير تجارتها وناجحة كسيدة أعمال وصاحبة قرار، وهنا تحديدا تقع المفارقة أنها وتبعا لهذا النجاح استطاعت النجاح كزوجة تساند زوجها وتمده بالقوة والثبات وتصدقه يوم كذبه قومه، وكأم زرعت بذورها الخيرة في بناتها وأبنائها.

ملخص الحديث أننا ومع ثورة هذا التغيير اليوم نحتاج إلى أسس وثوابت لنتحاشى الانعكاسات السلبية التي سيقود بطولتها الجهل وقلة الوازع الديني وانعدام الثقة، سواء من امرأة أو رجل، ولن نتمكن من تفادي الوقوع في تلك البؤر التي تؤخر مسيرة التقدم الذي نطمح جميعا إليه إلا من خلال زيادة ونشر التوعية في معرفة الأسباب والدوافع التي قد تكون كامنة لدى البعض، لذلك لا يراها إلا تحررا وعلمانية وتحريضا على الفسق والفجور.

على الرجل أيضا سواء كان أبا أو أخا أو زوجا مساندة المرأة والوثوق بها لتشجيعها على تخطي الصعاب والتمرس والإنتاجية، لبناء وطن أكثر إشراقا وتوازنا.