بسام فتيني

لماذا لا يتغير السعوديون؟

الأربعاء - 04 يوليو 2018

Wed - 04 Jul 2018

كان هذا السؤال يطرح نفسه دون أن يطرح قبل سنوات! ففي لحظات الصفاء بيني وبين نفسي في خلوتي الشرعية مع هذه النفس اللوامة، كنت أقول لنفسي: لماذا لا نتغير بسرعة؟ لماذا يقاوم الجيل القديم كل جديد مستحدث؟ مرت بي الذكريات كشريط سينمائي سريع تذكرت فيه بعض المتغيرات السريعة خلال سنوات قليلة بشكل مذهل ومخيف قد يسبب صدمة للبعض فتكون النتيجة عكسية في أحايين عابرة.

تذكرت كيف حاولت إقناع والدي بأن أتملك هاتفي الجوال بصعوبة بالغة آنذاك، رغم أني كنت في أواخر المرحلة الجامعية، واليوم ابنتي ذات الأعوام العشر تتملك هذا الهاتف كمتطلب بدهي لإنسان طبيعي! تذكرت حين أدخلت الرسيفر لغرفتي في الملحق خلسة لأتابع القنوات الإخبارية، فقد كنت شغوفا بها حد الجنون، واليوم يستطيع مراهق طائش تصوير وإخراج وإنتاج وبث فيديو كليب من جهازه وهو يغني صامولي صامولي! تذكرت استهداف بعض دعاة الغفلة للقنوات الفضائية ورميها بأبشع التهم والأوصاف، واليوم يتسابق بعضهم للظفر بعقود مليونية وبالدولار لتقديم برنامج (رمضاني) وعلى نفس هذه القنوات! تذكرت كيف أن بعضهم قدم نفسه كحامل للواء الفضيلة ثم ببساطة نكتشف أنه مجرد لص يسرق مجهود غيره الأدبي وتم إثبات ذلك وبحكم القانون!

تذكرت كيف استغل بعض الحزبيين مرافق الدولة وأجهزتها لتمرير مرض التشدد والتطرف باستخدام مظهر واسم الإسلام، والإسلام منهم براء، وكانوا يروجون مصطلح أن المجتمع سيضيع من بعدهم، وأن اللقطاء سيتناثرون على الأرصفة والطرقات بدونهم! كل هذا لا يهم الآن وأصبح من الماضي، لكن المهم اليوم ألا نضيع أي لحظة أخرى في التباكي على الماضي، بل يجب إقلاع رحلتنا نحو 2030م في سبيل بناء هذا الوطن الأخضر بسواعد أبنائه العائدين من الابتعاث والمتشافين من مخدر حقبة الصحوة، وهم الذين اكتسبوا ترياقا ضد سموم الحركات الحزبية وضيق الأفق واتجهوا أخيرا نحو بوصلة الفهم بعد أن كانوا مغيبين تحت بند الحفظ والتلقين وترديد ما يقوله شيخهم!

وأقول لبني جيلي: قد أكون أنا أو أنت يوما ما فردا من قطيع، لكن الأهم ألا تستمر في هذا القطيع مدى الحياة، حرر عقلك، اسأل، ناقش، خالف من يحاول إذعانك برأيه دون قبول النقاش، عش حياتك كما تريد أنت دون المساس بالثوابت وقيمك المجتمعية الأصيلة، راقب الله ولا تكترث برأي الناس فيك، كن أنت بشخصيتك لا مقلدا لغيرك، حينها سنتغير كلنا للأفضل، وسنكون يدا بيد مع قيادتنا وسندمر التطرف.

خاتمة، هأنذا قد عدت لصحيفتي، ولم أكن لأعود لولا أني قد تغيرت، فشكرا لربان الصحيفة.