حسن علي العمري

التراث والآثار المحلية

الثلاثاء - 03 يوليو 2018

Tue - 03 Jul 2018

اهتمت المملكة بالآثار والتراث الوطني منذ وقت مبكر، لإدراكها أن الحضارات المتعاقبة على أرضها وما تخلف عنها جزء مهم ورئيس من هوية هذا الوطن وتاريخه، فضلا عما يمكن أن تساهم به هذه الجهود في بناء الوعي المعرفي للأجيال عن تاريخ الأسلاف.

ونظم هذا الشأن بداية عام 1392هـ ثم تنقلت مهامه بين جهات عدة حتى استقر مؤخرا بضمه للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، لتتولى القيام بمسؤولياته كاملة، فتمت بداية إعادة صياغة نظام الآثار الجديد الصادر عام 1435هـ الذي قسم إلى فصول عدة، بداية بتعريف المواقع والآثار الثابتة والمنقولة والتراث العمراني والمواقع التاريخية ومواقع وقطع التراث الشعبي ومعنى مفردة متحف وكيفية التنقيب عن الآثار والمسح الأثري، ولم يغفل النظام الآثار الغارقة وكيفية المحافظة عليها، وآلية تبادل الآثار المنقولة وتصنيفها ونسخها، ومن له حق التنقيب، وحالات التعويض عنها، وكذلك أحكام تنظيم التراث العمراني وآلية تصنيفها ومنطقة حرم حمايته وكيفية نزع الملكية الخاصة لمصلحة الدولة، فيما أفرد للمتاحف فصل كامل وضح كيفية إنشائها وترخيصها وتصنيفها ومشاركتها في المعارض وأحكام نقلها ووقف نشاطها وغيرها من التنظيمات، حتى أتت خاتمة النظام بالعقوبات التي تراوحت بين السجن والغرامة لحماية الآثار من أي اعتداء أو مخالفة لنصوص النظام فيما يتعلق بالتنقيب والهدم والبناء وغيرها، بالإضافة للعقوبات التبعية المتمثلة بإلغاء الترخيص أو تعليقه أو إيقاف النشاط ومضاعفة العقوبة حال العود، وأناط النظام بموظفي الهيئة مهام الضبط.

والواقع أنه رغم جمال هذا النظام إلا أن القراءة المتأنية له تظهر أن هناك عدة نقاط يلزم سد فراغها التشريعي عند أول تعديل له، منها التضييق في مفهوم الآثار، حيث استثنى المشرع بقايا الإنسان والحيوانات والنباتات من كونها آثارا، وكان الأولى الأخذ بما ورد في قانون الآثار العربي الموحد أو تعريف الاتفاقية الدولية لحماية التراث العالمي، ففيه من الكفاية والشمول ما جعل كثيرا من القوانين العربية تسير معه في هذا المنحى، كالقانون المصري والقانون السوداني وغيرهما، هذا من جهة، ومن أخرى عدم الإشارة لآلية رعاية أصحاب المتاحف الخاصة الذين بذلوا كثيرا من الجهد والمال لتكوينها وتشغيلها والعناية بها والمحافظة عليها وكيفية دعمهم وعونهم لاستمرارها، ولا سيما وهي منتشرة في أغلب مناطق المملكة بجهود ذاتية محضة، ودورهم بارز في حفظ هذا النوع من التراث.

كذلك إعطاء الفرص وتسهيلها للباحثين أو الراغبين في القيام بأعمال البحث والسبر تحت مظلة الهيئة لمزيد من الكشف عما تكتنزه الجزيرة العربية من الآثار المختلفة، والتي طمرها طول الزمن وتعاقب الحضارات عليها من الأمم البائدة التي كانت هذه الأرض مهدا لحضاراتها، كما أن الأثر مختلف حوله في نظامين مستقلين بالمملكة عما يمكن عده أثرا، ففي نظام الآثار حدد بما كان عمره 200 سنة، بينما ورد في تنظيم الهيئة العامة للسياحة والآثار أن الأثر ما بلغ عمره مئة سنة، والأولى توحيدها بمدة زمنية متفق عليها.

بالأمس القريب زرت أحد المتاحف بمحافظة النماص بمنطقة عسير، والموسوم بمتحف بن صوفان الأثري الذي يحوي آلاف القطع والوسوم الأثرية، وقد احتلت جزءا كبيرا من مسكنه الذي يقطنه، وظهر لي بجلاء كيف أن صاحبه مفتون بتراب وإرث أرضه وناسه، وبدا واعيا لكل هموم مجتمعه، مدركا حد الوعي كل تفاصيل التحولات من حوله.

مثل هذه التجربة الناضجة - وغيرها - الناتجة عن استقصاء دقيق لمدد طويلة قد أعادت الحياة لتراث ربما كان على وشك الهلاك، هم في الواقع بحاجة لكل دعم وتقدير بشقيهما المعنوي والمادي حتى لا يطالهم الملل، فيعود ذلك الاهتمام والحرص أدراجه للذبول والاندثار.

  • يتطلع المهتمون بمجالي السياحة والآثار والتراث إلى تطوير الهيئة بترقيتها إلى وزارة يظهر أثرها الفاعل عليهما على أرض الواقع باحتواء كل فعالياتهما ومناشطهما

  • تحتضن المدينة المنورة متحف سلامة الجهني، وهو مقصد ومحطة جميلة لزائري المدينة ومصدر للبهجة والسرور بما يحوي باطنه من آثار وتاريخ

  • على الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني جمع شتات هذه الآثار ومحاضنها في المناطق وتركيزها بتوسع والإشراف عليها لنقلها للأجيال وحفظها من الاندثار

  • تظل القرية الشعبية برجال ألمع تجربة رائدة تحتذى رغم ما طال متحفها من إهمال في المحافظة على مقتنياته في السنوات الأخيرة، إلا أن تجربة أهالي قرية رجال السباقة تظل محط إعجاب جميع من وقف عليها




[email protected]