محمود درويش ومارادونا
الاثنين - 02 يوليو 2018
Mon - 02 Jul 2018
وضعت سؤالا على الطاولة: من هو أفضل لاعب عالميا؟ هل هو ميسي أم كريستيانو رونالدو؟ فكانت نتيجة السؤال أغرب مما توقعت، فأنا لا أفهم في الرياضة بشكل جيد، ولكني أقرأ كل ما يهم هذا العالم حتى أتجنب الغباء الذي بات ينتشر بسرعة كبيرة، نتيجة عدم وجود رغبة في المعرفة أو حتى البحث عن طريق القراءة واقتصار البعض على قراءة الكتب سريعة الهضم.
الإجابة كانت أن لا ميسي ولا رونالدو هو الأفضل، وإنما هو الأرجنتيني مارادونا، والسبب أنه قد غير الصورة النمطية للاعب، حيث امتاز اللاعبون بطول القامة والجسد المليء بالعضلات وبعض الوسامة، فيما مارادونا لم يمتز بهذا كله، فهو قصير وجسده يميل إلى بعض الامتلاء، لكنه قاد منتخب بلاده الأرجنتين إلى التتويج بكأس العالم عام 1986، لم يكن يأتي اسم مارادونا قبل أن يلحقه مسمى الأسطورة، فهو أسطورة حقيقية، وليست أسطورة خرافية أو مدعية كما تلقى الألقاب العربية جزافا على كل من هب ودب، والغريب أن الألقاب تأتي من الفنان أو من اللاعب أو من الموسيقار نفسه أو ممن يقومون على إدارة أعمالهم، لكنها لا تأتي من الجمهور، وكأن المبدع العربي يعرف أنه لن يتم تقديره إلا إذا أضاف لقبا قبل اسمه، وهي محاولات قد أثمرت أيام نجمة الجماهير نادية الجندي، ونجمة مصر الأولى نبيلة عبيد.
لنعد إلى الأسطورة الحقيقية مارادونا، كنت أتابع مباراة منتخب الأرجنتين مع المنتخب النيجيري، وبدا كأنه قد فقد عقله حينما سجل ميسي أول هدف في الدقيقة 14، الزمن تغير على مارادونا، لم يعد مثلما كان، فصحته في تدهور كبير، وأثار مارادونا انتباها واسعا في مباراة منتخبه مع نيجيريا بعدما تفاعل بحركة أصابع مسيئة مع تقدم المنتخب الأرجنتيني في المباراة. في الوقت نفسه يتبادر إلى ذهني ما كتبه الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش عن مارادونا، بعيد مباراة الأرجنتين وألمانيا في مونديال 1986 التي فازت بها الأرجنتين بثلاثة أهداف لهدفين، بعنوان «مارادونا - لن تجدوا دما في عروقه بل صواريخ».
سأختصر ما كتبه الشاعر العظيم «ماذا فعلت بالساعة، ماذا صنعت بالمواعيد؟ ماذا نفعل بعدما عاد مارادونا إلى أهله في الأرجنتين؟ مع من سنسهر، بعدما اعتدنا أن نعلق طمأنينة القلب، وخوفه، على قدميه المعجزتين؟ وإلى من نأنس ونتحمس بعدما أدمناه شهرا تحولنا خلاله من مشاهدين إلى عشاق؟
ولمن سنرفع صراخ الحماسة والمتعة ودبابيس الدم، بعدما وجدنا فيه بطلنا المنشود، وأجج فينا عطش الحاجة إلى: بطل.. بطل نصفق له، ندعو له بالنصر، نعلق له تميمة، ونخاف عليه ـ وعلى أملنا فيه ـ من الانكسار؟». وأضاف درويش «ما هذا السحر الجماعي؟ ما هي كرة القدم هذه؟ ما هذا السحر الجماعي الذي لم يحل لغزه الشائع أحد؟ مارادونا لا يسأل غريزته. سقراط البرازيلي هو المفكر المشغول بتأملات ميتافيزيقية حول الضربة الركنية. وزيكو يلاحق كابوس ضربة الجزاء التي طارت من الملعب فطارت البرازيل من الحلم. وبلاتيني يحسن شروط التقاعد. وبيليه الخبيث يجاهد لإخفاء الشماتة التي تصيب الملوك المخلوعين. ولكن مارادونا يعرف شيئا واحدا هو أن كرة القدم حياته وأهله وحلمه ووطنه و.. كونه.
منذ طفولته الفقيرة في كوخ من تنك، تعلم المشي على الكرة. كان يلف كرة الخيطان حول علب الصفيح ويلعب. ولعل الكرة هي التي علمته المشي، مشى من أجلها. مشى ليتبعها. مشى ليلعب بها. ومشى ليسيطر عليها».
الأسطورة دييجو مارادونا
SarahMatar@
الإجابة كانت أن لا ميسي ولا رونالدو هو الأفضل، وإنما هو الأرجنتيني مارادونا، والسبب أنه قد غير الصورة النمطية للاعب، حيث امتاز اللاعبون بطول القامة والجسد المليء بالعضلات وبعض الوسامة، فيما مارادونا لم يمتز بهذا كله، فهو قصير وجسده يميل إلى بعض الامتلاء، لكنه قاد منتخب بلاده الأرجنتين إلى التتويج بكأس العالم عام 1986، لم يكن يأتي اسم مارادونا قبل أن يلحقه مسمى الأسطورة، فهو أسطورة حقيقية، وليست أسطورة خرافية أو مدعية كما تلقى الألقاب العربية جزافا على كل من هب ودب، والغريب أن الألقاب تأتي من الفنان أو من اللاعب أو من الموسيقار نفسه أو ممن يقومون على إدارة أعمالهم، لكنها لا تأتي من الجمهور، وكأن المبدع العربي يعرف أنه لن يتم تقديره إلا إذا أضاف لقبا قبل اسمه، وهي محاولات قد أثمرت أيام نجمة الجماهير نادية الجندي، ونجمة مصر الأولى نبيلة عبيد.
لنعد إلى الأسطورة الحقيقية مارادونا، كنت أتابع مباراة منتخب الأرجنتين مع المنتخب النيجيري، وبدا كأنه قد فقد عقله حينما سجل ميسي أول هدف في الدقيقة 14، الزمن تغير على مارادونا، لم يعد مثلما كان، فصحته في تدهور كبير، وأثار مارادونا انتباها واسعا في مباراة منتخبه مع نيجيريا بعدما تفاعل بحركة أصابع مسيئة مع تقدم المنتخب الأرجنتيني في المباراة. في الوقت نفسه يتبادر إلى ذهني ما كتبه الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش عن مارادونا، بعيد مباراة الأرجنتين وألمانيا في مونديال 1986 التي فازت بها الأرجنتين بثلاثة أهداف لهدفين، بعنوان «مارادونا - لن تجدوا دما في عروقه بل صواريخ».
سأختصر ما كتبه الشاعر العظيم «ماذا فعلت بالساعة، ماذا صنعت بالمواعيد؟ ماذا نفعل بعدما عاد مارادونا إلى أهله في الأرجنتين؟ مع من سنسهر، بعدما اعتدنا أن نعلق طمأنينة القلب، وخوفه، على قدميه المعجزتين؟ وإلى من نأنس ونتحمس بعدما أدمناه شهرا تحولنا خلاله من مشاهدين إلى عشاق؟
ولمن سنرفع صراخ الحماسة والمتعة ودبابيس الدم، بعدما وجدنا فيه بطلنا المنشود، وأجج فينا عطش الحاجة إلى: بطل.. بطل نصفق له، ندعو له بالنصر، نعلق له تميمة، ونخاف عليه ـ وعلى أملنا فيه ـ من الانكسار؟». وأضاف درويش «ما هذا السحر الجماعي؟ ما هي كرة القدم هذه؟ ما هذا السحر الجماعي الذي لم يحل لغزه الشائع أحد؟ مارادونا لا يسأل غريزته. سقراط البرازيلي هو المفكر المشغول بتأملات ميتافيزيقية حول الضربة الركنية. وزيكو يلاحق كابوس ضربة الجزاء التي طارت من الملعب فطارت البرازيل من الحلم. وبلاتيني يحسن شروط التقاعد. وبيليه الخبيث يجاهد لإخفاء الشماتة التي تصيب الملوك المخلوعين. ولكن مارادونا يعرف شيئا واحدا هو أن كرة القدم حياته وأهله وحلمه ووطنه و.. كونه.
منذ طفولته الفقيرة في كوخ من تنك، تعلم المشي على الكرة. كان يلف كرة الخيطان حول علب الصفيح ويلعب. ولعل الكرة هي التي علمته المشي، مشى من أجلها. مشى ليتبعها. مشى ليلعب بها. ومشى ليسيطر عليها».
الأسطورة دييجو مارادونا
- ولد عام 1960 وهو لاعب كرة قدم أرجنتيني واللاعب الأكثر إثارة للجدل في تاريخ الكرة ويعده كثيرون أفضل لاعب في تاريخ كرة القدم.
- لعب في أربع بطولات لكأس العالم، قاد منتخب بلاده في الفوز على ألمانيا الغربية في المباراة النهائية.
- فاز بجائزة الكرة الذهبية بوصفه أفضل لاعب في المونديال عام 1986.
- يعد من الشخصيات الرياضية المثيرة للجدل وتستحق النشر، تم توقيفه عن لعب كرة القدم 15 شهرا عام 1991 بعد ثبوت تعاطيه مخدرات الكوكايين.
SarahMatar@