أحمد الهلالي

برنامج سوق عكاظ الثقافي فقاعة مؤقتة!

الاثنين - 02 يوليو 2018

Mon - 02 Jul 2018

لأني من عشاق سوق عكاظ، ولإيماني بقيمته التاريخية والمعاصرة، وتجاوزه الطاغي واختلافه الأثير في الوجدان العربي لدى الباحثين والمبدعين، وليس لأي اعتبار آخر يتأوله المتأولون، فإني أرثي في هذه المقالة جل الجهود المبذولة على برنامجه الثقافي، والرثاء ليس (نقدا)، بل طمع في تدارك 12 عاما من الهدر المعرفي والمالي لما يقدم في خيمة السوق الثقافية، فالمهرجان يستقطب أسماء عربية ووطنية لبعضها باع طويل في البحث العلمي، ولا يجوز اندثار ما قالوه، فمن غير المعقول أن أتكفل بسفر وإقامة ومكافأة باحث ليلقي بحثا على 50 شخصا فقط، ويتلاشى بنهاية فعاليات الخيمة الثقافية، فما بالك بعشرات الباحثين!

من المؤسف أن يتوارث المنظمون للبرنامج الثقافي آلية رتيبة تعتمد على «المعرفة الشخصية» باهتمام فلان من الباحثين بالمحور الفلاني، أو طلب اقتراح أسماء باحثين من بعض المطلعين، فمقصدية السوق أكبر من ملء جداول المتحدثين بأسماء ربما تتكرر وربما لا يستحق بعضها منبر عكاظ.

ولعلي لا أخطئ إن قلت إن المهرجان يقصد إلى إحداث حراك علمي حقيقي في الوطن العربي، والآلية المذكورة سلفا لا تحقق هذا القصد، فالمعرفة العربية لم تتوقف على كثير من الأسماء المختارة بتلك الآلية المعتلة، بل وطننا العربي زاخر بكفاءات علمية لم يحط بها مستشارو اقتراح الأسماء، ولا أصحاب العلاقات الشخصية.

وهذا المأزق يمكن تجاوزه بالعودة للآلية الرصينة للمؤتمرات والملتقيات العلمية، المتمثلة في بناء المحاور بالكيفية التي يراها المنظمون، ثم تطرح تلك المحاور من وقت مبكر بشروط مخصوصة تضمن العلمية والأصالة، وتطرح عبر وسائل الإعلام العربية (التقليدية والجديدة)، وترسل إلى كل الجهات البحثية والأكاديمية والثقافية لدعوة الباحثين إلى المشاركة بأبحاثهم حول محاور المهرجان في مدة معلومة، ثم تكوّن لجنة علمية أمينة جادة تتحمل مسؤولية اختياراتها، تنتقي من تلك الأبحاث ما تجده يحقق غاية طرح المحور، ويجليه من كل جوانبه،فهذا سيضمن طرح أبحاث علمية رصينة، ترفع قيمة البرنامج الثقافي، وتحقق قصدية الحراك الثقافي العلمي في الوطن العربي من خلال تنافس الباحثين، وتضع حدا لتكرار الأسماء واتهام المنظمين، وتحقق لمنبر عكاظ هيبته ومكانته المستحقة.

والمؤسف كذلك في الطريقة المتبعة الآن أن القائمين على البرنامج الثقافي لم يتنبهوا إلى أهمية التوثيق بعد، فالأوراق المقدمة تنتهي بانتهاء الفعالية، ولا يستمر نفعها، مما ضيع على الباحثين الاستفادة مما قدم في البرنامج الثقافي للسوق لسنوات، وضيع على السوق اعتماده مرجعا في حواشي البحاثة العرب، ولو اتبعوا طريقة طرح المحاور واستقبال الأبحاث لاستطاعوا طباعة كتاب عكاظ قبل انعقاده، ورقيا أو الكترونيا، ولأصبح موقع السوق الالكتروني مرجعا لكل ما يطرح فيه، وذاكرة تراكمية لكل الجهود المبذولة والأموال الطائلة التي تصرف على الحدث الأبرز عربيا، ولاستطاع الباحثون تقييم السوق وجهوده عن بعد.

كذلك تخلصنا هذه الآلية من استسهال بعض الباحثين لمنبر عكاظ، فبعضهم يحضر بورقة لا ترقى، وبعضهم يتعمد أن يحضر دون ورقة علمية حتى، معتمدا على قدراته الارتجالية، ولا ضير في الارتجال، شرط أن يكون لدى المنظمين أصل لما يرتجل، ينشر لاحقا ويستفيد منه من لم يتيسر حضوره، أو ضاق الوقت بالباحث ولم يكمل ورقته، فما ذنب الباحث الجاد أن يضيع جهده في عشر دقائق، وما ذنب المتلقي الذي يريد استيفاء الأفكار، وما ذنب الباحثين المنتظرين لمعلومات في المحور الذي طرحه برنامج السوق، وما ذنب عكاظ ألا تكون الأميز؟

ختاما، آمل من المنظمين قبول رثائي بصدر رحب، والمبادرة إلى طرح محاور عكاظ 13 من وقت مبكر لكل الباحثين، ثم اعتماد التوثيق الورقي والالكتروني لكل الفعاليات، حتى القصائد الشعرية، والمداخلات، وإتاحتها للباحثين على موقع السوق الالكتروني، والله من وراء القصد.

ahmad_helali@