عبدالله العولقي

الرؤية الوطنية تؤسس للنهضة العربية

الاحد - 01 يوليو 2018

Sun - 01 Jul 2018

التحول الوطني يعتمد على صناعة ثروة الوطن، وليس على فكرة انتظار ما تهبه الأرض من خزائن المعادن والنفط، وكذلك يعتمد على السباق مع الزمن في امتلاك التكنولوجيا وتأصيل عوامل المعرفة القوية. ولدينا في المملكة اليوم كل السبل المتناغمة مع أهداف الرؤية بجيل شبابي صاعد يتعطش لهذا التحول، ويمتلك الأحلام التي لا يصدها إلا عنان السماء.

أكتب هذا المقال بعد أن رأيت غبارا مؤذيا من بعض التغريدات التويترية المأجورة تتناغم مع أبجديات مثلث الشر المتمحور في التنظيم الحاكم في الدوحة وإعلامه الذي ما انفك يدس السموم في أبواق جزيرته المتهالكة ومتماشيا مع فكر الحرس الصفوي الإيراني ومشروعه البائس في المنطقة، ومدعوما من دخان التنظيم الإخواني المتناثر في الخريطة العربية حول الرؤية الوطنية 2030 بالتضئيل من شأنها وتحريف منهاجها على الرغم من أهميتها العظمى للعرب والمسلمين، كونها تؤسس لنهضة عربية شاملة. وفي هذا المقال سنستعرض شيئا يسيرا من تاريخ هذه المثبطات حول مشاريع التنمية في منطقتنا العربية.

بعض الكتاب الغربيين لا يعجبهم أي مشروع تنموي حضاري في منطقتنا العربية، وقد عجت كتاباتهم طيلة القرن الماضي بأفكار سوداوية حول نهضوية العرب وتقدمهم الحضاري، ولعل مرجعية فلسفة هايبلويت تين الفرنسي حول العرق وتأثيره في النتاج الإنساني والحضاري لها دور بارز في تأسيس هذه النظرة الدونية، وكذلك أبحاث لورنس هاريسون وآرائه حول حتمية التخلف في منطقتنا العربية، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من الأفكار والآراء التي تتمنهج على العنصرية المتطرفة.

تتناغم كتابة هؤلاء السوداويين الغربيين مع كتاب عرب ساهموا - مع الأسف - في تعميق الهوة بين الشعوب والمشاريع التنموية العربية وأهدافها، بتثبيط الأفراد حول منجزات أوطانهم القومية، وكتاباتهم لم تسعف بحلول معاصرة تعين على تجاوز الأزمات، وإنما ظلت كعنصر تثبيطي لم يرتق إلى تقديم الدواء الناجع للإشكالية، بالإضافة إلى أن الكتاب العرب الذين ساهموا بتقديم الرأي حول هذه الفكرة كانت جهودهم متسمة بالمحدودية، بمعنى أنها جهود فردية لا ترقى إلى الجهود العلمية المشتركة والمنبثقة عن مراكز أبحاث مرتبطة بصناعة القرار السياسي، وهذا ما جعل الزمن يتجاوز العديد من تلك الجهود العظيمة التي لم تعد سبلا ناجعة بسبب تقادم العوامل الزمنية!

كما نعاني أيضا في الفكر العربي من كتابات بعض المتأسلمين الذين يدندنون على وتر التخويف من محاكاة الغرب رغم أن المسألة أحيانا تنحصر كمادة اقتصادية بحتة ولا تتعلق بالعقيدة أو المسائل الدينية! وهذه الكتابات عزف تكراري لفكرة المؤامرة الأجنبية دون النظر إلى الواقع المأزوم لدينا، والذي يتطلب الانطلاقة وتحمل المسؤولية، وليس التكاسل ورمي الكرة في ملعب الأجنبي الذي حصرنا جامعاته ومراكز أبحاثه بالاهتمام بكبح جماح انطلاقتنا المزعومة!

طبيعة الكتابة العربية حول مشاريعها الوطنية لا بد أن تتناغم مع النهضوية التي تشهدها بلادها حتى تمارس نمطية الدعم الإعلامي الوطني، فبخلاف الواجبية الفطرية تجاه الوطن لا بد من مجابهة كل هذه الأقلام المتطرفة حول مشروع الرؤية 2030 ومرحلة التحول الوطني، ولا سيما أن هذه الرؤية شرعت تؤتي ثمارها قبل ميعادها المقرر، ولعل مشاريع عملاقة كبرى مثل نيوم والقدية والمحميات الطبيعية والمدن الصناعية الجديدة والهيئات الملكية الحديثة وغيرها ستسابق الزمن في تحقيق الأهداف المنشودة.

وأخيرا، نجاح الأهداف المنشودة للرؤية الوطنية لا يتحقق في جغرافيتها الواسعة فحسب، وإنما يتعداها إلى الخارطة العربية برمتها، فبقراءة التاريخ رأينا أن الانطلاقة الحضارية التي شهدتها حواضر أوروبا كباريس ولندن تبعتها الخارطة الأوروبية بتمامها في الدنمارك وهولندا مثلا، وهذا ما شهدناه في حضارة اليابان الحديثة التي انتشلت معها دول شرق آسيا جميعها، ولعل انطلاقة تتوثب اليوم للنهوض في القارة الأمريكية الجنوبية جميعها، فشواهد التاريخ تؤكد أن الانطلاقة الحضارية تشجع الأقران في ذات المحيط الجغرافي على المحاكاة والتقليد، ومن هنا تكتسب الرؤية الوطنية السعودية أهميتها في وجدان العرب وأحلامهم المنشودة.