عبدالغني القش

وزارة الثقافة.. هل تعيد الصياغة؟!

الجمعة - 29 يونيو 2018

Fri - 29 Jun 2018

صدر مؤخرا الأمر الملكي الكريم بإنشاء وزارة الثقافة وفصلها عن الإعلام. وقد كان هذا الأمر محل استبشار جميع شرائح المجتمع، فالكل له صلة بالثقافة أيا كان نوعها، إذ الثقافة بمفهومها العام تحتل مكانة سامية في النفوس، والكل يمثل جزءا منها.

ولعلها فرصة ‏سانحة أن نضع بين يدي وزارة الثقافة الفتية بعض الأماني التي نرجو أن نراها واقعا مشاهدا في أيامنا المقبلة، خاصة في أعيادنا.

إن الوزارة تقع على عاتقها مسؤولية كبيرة تتمثل في ترسيخ مفهوم الثقافة لدى المتلقي، فالثقافة بمفهومها الواسع يفترض أن يراها الجميع كأمر مشاهد وبشكل حيوي بعيدا عن التنظير.

‏فيرجى أن تكون مناسباتنا ذات طعم ثقافي عذب يعكس ما وصل إليه هذا المجتمع من فكر ورقي وتقدم. والمناسبات تتوالى وتتكرر في أعيادنا وأيامنا الوطنية وغيرها من المناسبات، والمفترض أن تعكس ثقافتنا الأصيلة وبمكنوناتها الضاربة الجذور في تاريخ الإنسانية والمتشبعة بأمجادنا.

إن من المعلوم أن مجتمعنا يحوي بين جنباته عدة جهات تعنى بالثقافة كجمعية الثقافة ‏والفنون، والأندية الأدبية - وقد كان مسماها في السابق الأندية الثقافية الأدبية، لكنها لم تلب التطلعات ولم يكن أداؤها يرقى لمستوى الطموحات، ومن هنا فإن من مسؤولية وزارة الثقافة فتح الأفق الثقافي الشامل، وألا تدع فرصة ‏للمتقاعسين ومحدودي الفكر والثقافة في حصر الثقافة في أيقونات معينة، فالأفق أشمل وأكبر من تلك الفنون التي طرقت وتم التركيز عليها سابقا.

وهنا يتمنى الجميع إنشاء أندية ثقافية وأن تكون شاملة للأدب، فمن نافلة القول إن الأدب هو جزء من الثقافة، وأن تكون هذه الأندية بمثابة بوابة للفنون، وأن تتاح لها الإمكانات التي تعزز نجاحها وتفعل دورها.

كما نرجو أن نرى في جميع مدن ومحافظات بلادنا مراكز حضارية، فمن خلالها يتسع مفهوم الثقافة بحيث تقام المناسبات فيها، وقد استوعبت المجالات الثقافية بكل مكنوناتها ومن ثم تقدمها في صور زاهية بإبداعات مختلفة وأشكال متعددة.

لا أريد أن أقع في فخ التنظير فأقدم للقارئ تعاريف متعددة للثقافة، لكنها باختصار تعني النسيج الكلي من الأفكار والعادات والتقاليد والاتجاهات فـي مجتمع، ومن واجب وزارتنا أن تقدم فكرا ثقافيا يتسم بالشمولية وبطرق تتسم بالمهنية التي تقودنا للعالمية، فمجتمعنا يفترض أن يكون قائدا لغيره، فيقتدى ويحتذى به، لما له من مكانة كبيرة في النفوس.

‏ ‏ولا شك أن هذه الوزارة التي يرجى منها الشيء الكثير، وهي معذورة هذا العيد لعدم وجود الوقت الكافي لأن يكون عيدنا بطعم ثقافتنا، لكننا نتطلع لعيد قادم يكون ممزوجا بثقافتنا بمفهومها الواسع، واليوم الوطني ليس ببعيد.

العالم يعيش تقدما تقنيا هائلا، لكن هذا لم ينسه ثقافته، وما نطالعه بين الفينة والأخرى في المناسبات - ولعل كأس العالم الحالية شاهد على ذلك - يدل قطعا على تمسك الشعوب بثقافتها وتقديمها في قالب معاصر يظهر أصالتها ويبرهن على عراقتها، ونحن - بدون أدنى شك - أولى منهم بذلك، والتفكير الجاد لتقديم الثقافة وما تحويه من موروثات وفلكلورات وأهازيج بمهنية عالية أمر في غاية الأهمية.

وقد أقيم مهرجان إنشادي أثناء استضافة المدينة المنورة لفعاليات المدينة عاصمة السياحة الإسلامية 2017 كان رائعا ونموذجيا.

نريد أن نظهر النسيج الكلي لفكرنا وثقافتنا، وكذلك عاداتنا وتقاليدنا وتوجهاتنا في هذا المجتمع العريق، وأن نظهر للعالم كيف يمكن أن نحتفل في مناسباتنا؛ لنكون أنموذجا للعالمين الإسلامي والعربي، وأن نترفع عن كل ما يتنافى مع ثقافتنا، والأهم أن نعيش مناسباتنا بطعم ثقافتنا، فهل تقدمها وزارتنا؟!

[email protected]