حمزة مصباح بوزنيف

سياسة المملكة في ظل رؤية 2030

الخميس - 28 يونيو 2018

Thu - 28 Jun 2018

تعرف كلمة السياسة لدى بعض السياسيين بأنها فن الممكن، وبمعنى أدق هي ما يقوم به الرجل من أعمال وأفعال يسعى من خلالها لتحقيق مكاسب مادية ومعنوية تصب في صالحه أو في صالح الجهة التي يعمل لأجلها ما استطاع إلى ذلك سبيلا. وتوسع مفهوم السياسة بعد قيام الدول بشكلها الحديث، فصار المعنى أشمل وأعم من البحث عن مصالح تخدم أفرادا أو جهات بعينها إلى مفهوم شامل يعنى بتسيير أمور الدول ومراعاة مصالحها أولا وآخرا بما يحفظ لها دورا رياديا تكون من خلاله في مصاف الدول الكبرى، بعيدا عن النزعة العرقية أو القومية أو حتى الدينية.

وقد اعتمدت المملكة بعد إطلاق ولي العهد رؤية 2030 في علاقتها مع دول العالم على هذا المفهوم السياسي الذي يراعي مصالح المملكة وشعبها مع حفظ الثوابت التي بنيت عليها المملكة، وحفظ ثوابت الأمة العربية والإسلامية وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي تعتبر من الثوابت التي لا تسمح المملكة لأحد بالعبث بها، وهذا ليس بالأمر الجديد، فهذا ديدن المملكة منذ عهد المؤسس حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز.

وكان لانتهاج المملكة هذه السياسة ردود فعل على الصعيدين الداخلي والخارجي، أما على الصعيد الداخلي فقد قوبلت هذه السياسة بارتياح كبير لدى الشارع السعودي، وهو يعلم أن المملكة في علاقاتها مع دول العالم تسعى لحفظ مصالحها ومصالح شعبها، وهذا ما يريده أي شعب من حكومته، أما على الصعيد الدولي فقد تباينت ردود الفعل بين متفهم لهذا التوجه الجديد ومصدوم منه، فقد تفهمت كثير من الدول الغربية السياسة الجديدة للمملكة، بل عدتها من أهم خطوات الإصلاح التي يقودها ولي العهد، وأبدت استعدادها للعمل مع المملكة لما فيه مصلحة الجميع.

وفيما يخص الشأن العربي - مع الأسف الشديد - لا تزال بعض الدول العربية والإسلامية تنظر إلى المملكة نظرة الدولة الداعمة فقط التي يجب عليها أن تقدم الدعم بغض النظر عن أولويات المملكة ومصالحها، معتمدة في ذلك على سياسة المملكة في العهود السابقة، والتي كانت تعتمد على مبدأ إرضاء الجميع، وهو مبدأ وإن كان ناجعا في تلك المرحلة ومتبعا في كثير من دول العالم عطفا على المناخ السياسي السائد آنذاك، إلا أنه قطعا لا يصلح الآن في ظل المتغيرات السياسية التي تحدث في العالم، وهذا ما تفطن له ولي العهد الذي يوصف لدى كثير من دوائر صنع القرار في العالم بأنه رجل عملي لا يقبل أنصاف الحلول ويسعى إلى قيادة تحول تاريخي في المملكة لتعزيز مكانتها الرائدة بين دول العالم، فانتهج في ذلك السياسة التي تحفظ مصالح المملكة أولا، بعيدا عن العواطف التي لا مكان في عالم السياسة، وهذا ما لم تفهمه هذه الدول.

وعلى أي حال هذه هي السياسة التي تنتهجها المملكة العربية السعودية في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين وبرؤية شابة وطموحة يقودها ولي العهد بهمة تعانق السحاب، فالمملكة دولة رائدة لها ثقلها ووزنها في العالم، وليست كأشباه الدول التي تدار بأشباه السياسيين، فمن أراد أن يتعامل مع المملكة بسياستها الجديدة فله ذلك، ومن لم تعجبه هذه السياسة أو لديه تحفظات عليها فحتما سيعتاد عليها مع مرور الأيام.