عبدالله محمد الشهراني

الهيئة الملكية والجاليات في مكة

الأربعاء - 27 يونيو 2018

Wed - 27 Jun 2018

استبشر أهالي مكة المكرمة بالأمر الملكي الكريم، بإنشاء الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، هذا الأمر يدل على مدى اهتمام القيادة بتحسين وتطوير كل ما يتعلق بشعيرتي الحج والعمرة، كما يدل على رغبة حقيقية في تحويل مدينة مكة المكرمة إلى مدينة نموذجية وذكية خدمة لأهالي هذه المدينة الطاهرة وكل قاصديها.

لقد انعقد أول اجتماع لمجلس إدارة الهيئة برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بعد أيام قليلة من صدور الأمر الملكي، ونوقشت فيه الأهداف الاستراتيجية للهيئة وموضوعات أخرى مهمة، وتم تعيين المهندس عبدالرحمن فاروق عداس رئيسا تنفيذيا للهيئة.

قبل سنوات ليست بالبعيدة، كانت لمدينة مكة المكرمة مواسم معروفة ومحددة، تزدحم فيها الشوارع وتمتلئ الفنادق، لكن الوضع قد تغير تماما ولله الحمد، فأصبحت تقريبا كل أيام السنة مواسم، هذه الكثافة جعلت من عملية إنشاء المشروعات أمرا ليس بالسهل، بل وسوف يتطور الوضع أكثر إلى أن نرى عدد المعتمرين والحجاج قد وصل إلى 30 مليون معتمر و4 ملايين حاج.

هذه الأرقام تحتاج إلى مشروعات ضخمة، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر «إعادة بناء مشعر منى، مترو مكة، طريق الملك عبدالعزيز (الموازي)، فنادق جديدة.. إلخ»، هذه المشروعات وغيرها يتحتم إنجازها خلال فترة لا تتجاوز 12 سنة. لذا نحن في حاجة إلى شركات مقاولات عملاقة وعمالة محترفة. وكما يعلم الجميع فإن مدينة مكة المكرمة تحتضن بين جنباتها عدة جاليات مسلمة «عرب، أفارقة، آسيويين .. إلخ» تعيش فيها منذ عقود وبأعداد كبيرة، وعودة بعض هذه الجاليات لأوطانها أصبحت شبه مستحيلة.

مقترحي أن نجعل لهذه الجاليات دورا مهما وفعالا في إنجاز هذه المشروعات الضخمة، بدلا من إصدار تأشيرات عمالة جديدة وجلب مزيد من العمال من الخارج، والاكتفاء باستقطاب الكفاءات نادرة التخصص. ولكي نضمن نجاح هذا المقترح لا بد أن تتبنى الهيئة إنشاء مركز تدريب مهني لهذه الجاليات، تكون مخرجاته متطابقة مع احتياجات المشروعات، بحيث يكون هناك تنسيق بين المركز التابع للهيئة والمقاولين والشركات المشغلة للمشروعات. ولا بد أن يبتعد المركز عن التخصصات العامة التقليدية ويركز على الدورات التطبيقية، ولا يكتفي بالوظائف المهنية «حداد، كهربائي، سباك.. إلخ»، لا بد أن يتعدى ذلك إلى «سائقي ومشغلي معدات أرضية ثقيلة، تنظيف الغرف House Keeping، فنيي مصاعد.. إلخ»، لا بد أن يستشعر المقاول أو المشغل في آخر المطاف أنه الرابح الأول عند إلزامه بخريجي هذا المركز.

إن تحويل هذه الجاليات إلى شريحة فعالة في المجتمع سوف تكون له انعكاسات إيجابية كبيرة. اقتصاديا سوف تصرف رواتب هذه العمالة داخل البلد، أمنيا سوف تقل نسبة الجريمة بسبب الاكتفاء المالي للفرد وشعوره بالانتماء نظير فعاليته في المجتمع.

@ ALSHAHRANI_1400