سارة مطر

الممثلة الكومبارس والسينما الإيطالية

الاثنين - 25 يونيو 2018

Mon - 25 Jun 2018

أعرف أن هناك سينما إيطالية وفرنسية وبريطانية، وحتى أوكرانية ويوغسلافية وإيرانية، ولكن لماذا لا تصل إلينا؟ السبب بسيط وواضح، وهو أن السينما في هذه الدول من الصعب أن تجد صناعا يقومون على خدمتها لتسويق أفلامهم، لذا، فهي تعتمد على المشاركات في المهرجانات الدولية والعالمية، رغبة منهم في إيجاد هيئة مسؤولة تسهم في العناية بإنتاجهم، وخروجهم إلى العالم، بدلا من الوقوف أمام جمهور من النخبة فقط، وأمام لجنة حكم تستولي عاطفتها على أهمية العمل ورصد الملاحظات لصناع الفيلم المشارك.

بالتأكيد لو سألتني عن واحد من أحلامي، ربما حلمي لن يروق لك، ولكنه في النهاية حلمي الشخصي، بالتأكيد لقلت لك: تمنيت أن تكون لدينا صناعة كبيرة وجبارة للسينما والتلفزيون، قادرة على إنتاج المسلسلات والأفلام، يمكن لها أن تترك أثرا لا يمكن له أن ينتهي، مثل البداية التي حققتها دولة الكويت أثناء مشاركتها بفيلمها السينمائي «بس يا بحر»، حيث وصل إلى الأوسكار، على الأقل كانت تجربة تستحق أن تكتب عنها سيرة وأن يوثق حولها فيلم، النجاحات يجب ألا نتوقف أمامها فقط ونتعامل معها وكأنها لم تكن، بل علينا أن نستفيد من هذه التجربة بأقصى ما يمكن. ولكن للأسف لم تكن لدينا فكرة محاولة الاستفادة من وصول فيلم كـ «بس يا بحر» والتعامل معه بشكل دعائي ومادي، كصناعة أكواب رسم عليها صور الأبطال، أو قمصان مطبوع عليها اسم البطل، وهكذا.

اشتريت كتاب «أنا فيلليني» وهو بالمناسبة لمخرج سينمائي إيطالي شهير، ولم أكن أعرف عنه شيئا، لم تكن ثقافة السينما الإيطالية قد وصلت لنا بعد، فثقافتنا السينمائية العامة هي صناعة هوليودية فقط، وأحيانا عربية وبليودية. اقترح فيلليني المخرج العظيم على صحفية أن تتابعه وتكتب سيرته، تحدث عن حياته الشخصية، وعن انتقاله إلى روما التي عشقها، وكان يتفنن في التعبير عن مدى عشقه الودود لها، وتحدث عن الأفكار السينمائية وكيف تأتي وكيف يتعامل مع الأبطال من الفنانين وكيف يعيش المخرج، وعن غباء المنتجين الأمريكيين، وعدم تقديرهم للسينما الإيطالية. الكتاب بالنسبة لي مدهش، لقد عشت لحظة بلحظة مع المخرج، وبدأت أفكر كيف سيمكن لي مشاهدة أفلامه، وهل هي مترجمة أم لا؟

بعد كل هذا، نأتي إلى السعودية تحديدا، الدراما لدينا تعيش في غيبوبة، حاول ناصر القصبي وعبدالله السدحان إنعاشها سنويا بمشاهد كوميدية، يتم فيها تسليط الضوء على أخطاء المجتمع، وينتهي رمضان وبعدها تعود الدراما من حيث أتت، تنتهي سريعا جدا، ولا يمكنك مشاهدة أو تلمس مدى غزارة الإنتاج السعودي لأنه غير موجود، وهذا أمر محزن، والأكثر حزنا ليس لأني لم أعرف فيلليني إلا من سيرة حياته في كتاب، ولكن لأننا للأسف لا نمتلك دراما كما هي الدراما الكويتية على سبيل المثال، ولكن المحزن أن تأتي فنانة لم تدرس يوما الفن إلا من خلال المشاهدة البصرية، وباستفزاز مقيت تقول أمام الشاشة إنها «النجمة الأولى في السعودية». أتمنى أن تكوني نجمة، ولكن أين؟ في ثلاثة مشاهد تظهرين فيها في حلقة واحدة، بأداء ساذج وبارد؟ ولأن الكلام عندنا من غير جمرك، فهي لم تقل هذا الكلام أو العبارة إلا لأنها تعرف أن لا أحد ممكن أن يقف أمامها، لأنها بالضبط تقف أمام لوحة غير موجودة، وتقول: هذه اللوحة أنا من رسمها.

السينما الهوليودية مسيطرة سيطرة كاملة على العالم، فنحن لا نتحدث عن فيلم أو فيلمين ناجحين، وإنما عن إمبراطورية كاملة وصناعة أولى.

الدراما في السعودية تقربيا مغيبة، وقليل من يهتم من أجل إبرازها.

يتعمد بعض الفنانين إطلاق أي اسم أحمق فخم على أنفسهم، لأنهم يدركون أن لا أحد من الممكن أن يناكفهم، فلا أحد يهتم بقيمة ملكة المسرح أو نجمة الجمهور إلا الفنانة نفسها، أما الجمهور فهو يريد أن يشاهد عملا فنيا حقيقيا، وليس مشاهد كومبارس.

SarahMatar@