الجزيرة ومنهجية التسييس الرياضي والديني

الاثنين - 25 يونيو 2018

Mon - 25 Jun 2018

لا شك أن منهجية تنظيم الحمدين في قضية تسييس الأحداث الرياضية والشعائر الدينية عبر إعلامه (الجزيرة) صوت آخر للانحطاط الأخلاقي والإفلاس المهني، ولعله لا يعي أن منهجيته البائسة في قضية التسييس هي المسمار الأخير في نعشه المحتوم!

لعل القارئ الكريم شاهد مقاطع الاستديو التحليلي لقناة الجزيرة الرياضية (بي إن سبورت) الذي أعقب مباراة المنتخب السعودي ونظيره الروسي في افتتاحية كأس العالم في موسكو، وصدمت مخيلته من المهزلة الإعلامية والمسرحية الهابطة التي حيكت عندما أثبتت الجزيرة أن محلليها كافة مجرد دمى صوتية بيد التنظيم الحاكم، وأن محتوى هذا البوق الناعق الذي ابتلينا به في منطقتنا العربية ما هو إلا روبوتات مجهزة تحتشد كمستعمرة مدنسة من بعض المرتزقة من الإعلاميين العرب الذين باعوا ضمائرهم وسيرهم وتعليمهم عندما بوتقوا ذواتهم كأيقونة مبرمجة على التهكم بالمملكة العربية السعودية.

لا شك أن المنتخب السعودي لم يظهر بالمستوى اللائق به، لكن النمط التهكمي الساخر لم يكن متوافقا مع نمطية العروبة التي يتشدقون بها في مهنيتهم الخادعة، حيث لاحت نغمته النشاز مع تأهل المنتخب السعودي إلى نهائيات كأس العالم، فحاولوا بتضليلاتهم المعهودة تقليل درجة الإنجاز التاريخي، حتى وصل أوج السخرية في حديث الاستوديو ففضحوا مهنيتهم بالانعدامية الأخلاقية والانهيار الإعلامي لدى صناع القرار والإدارة في هذه القناة الموبوءة عندما ساهموا بشكل مباشر في تعميق فجوة الخلاف العربي، وتوسيع دائرة الخلاف الخليجي، وذلك لأن الرياضة في العرف الإعلامي العالمي ساحة إنسانية ذات قداسة حضارية تحصنها من تعقيدات السياسية أو التعبئة الشعبوية، خلال تاريخها العالمي، ولم يحدث إقحام الأمور السياسية في الأحداث الرياضية إلا في حوادث معينة أصبحت من عيوب التاريخ الرياضي التي يتبرأ منها الإعلام عبر تاريخه الطويل.

رغم إدراك العقلاء في العالم العربي حقيقة منبر الجزيرة ومدى سقوطها الإعلامي، إلا أن الحديث الذي أبداه إعلاميو الجزيرة حول المنتخب السعودي يدل على واقع الانهزامية في الذات والعجز في المواجهة، فقد أذاعوا لقطات مستغربة لصحفي عربي وهو يبتهج سخرية بالأهداف الروسية حتى حولوا البرنامج الرياضي إلى محتوى سياسي عدائي وبدلوه إلى ميدان - بحسب ذهنيتهم الموبوءة - لتصفية الحسابات!

لقد رأينا كيف تحولت أيقونة الإعلام القطري عبر روبوتاتها المبرمجة إلى سرادق عزاء بكائية بعد هزائم الحوثيين في مدينة الحديدة اليمنية عقب الانتصارات الشرعية لقوى التحالف العربي، كما اختزلت آلتها الإعلامية كأداة بشعة بيد الإخوان، وهذا التعنت السياسي القطري هو وراء كل أزمة في العالم العربي، لأنها ببساطة تصر على البقاء خارج المنظومة الخليجية والعربية متحصنة وراء نمطية إعلامية أسطوانتها مشروخة في العرف العربي وتحمل سمعة منبوذة في الذهنية الخليجية، كما أن إقحام السياسة

في مضمونية الأخبار لدى إعلام الجزيرة لم يقتصر على الرياضة، فتسييس الشعائر الدينية كالحج والعمرة يتبوق به مرتزقة الحمدين بين الفينة والأخرى، فتارة يدعون حرمان القطريين من العمرة وتارة نستعجب ادعاءاتهم الباطلة حول منع الخطوط الجوية الكويتية من نقل المعتمرين القطريين إلى المشاعر المقدسة، إلى غير ذلك من كهنوت إعلامهم التضليلي!

الدوحة تمتلك قنوات عربية أخرى منها ما هو محسوب على حكومات أو أحزاب سياسية بحيث توجه إعلامها بالتوازي مع النبرة المتوائمة مع تنظيم الحمدين، وعلى الرغم من كل هذا السخاء في الدعم إلا أن خيبة الأمل هي محصلة طبيعية، لأن محاولاتهم البائسة في التضليل الإعلامي تغاير واقع الحقيقة الملموسة من الإنسان العربي والمسلم، فالمجهودات العملاقة والتجهيزات المتكاملة التي تبذلها المملكة وتسخرها في خدمات الحجيج والمعتمرين سنويا تتنافى مع ادعاءات الإعلام القطري ومحاولاته بالتلاعب في توجيه الذهنية العربية، وهذا ما لا يدركه قياديو الجزيرة ولم يعوا في ممارساتهم الإخبارية أن هناك تباينا شاسعا بين اختلاق الأكاذيب وفبركة التضليل الإعلامي وبين واقع الفعل الإنساني الملموس الذي تبذله المملكة في الحج والعمرة كمبدأ راسخ في عقيدتها، وتسخر له كل السبل حتى أدهشت العالم أجمع في روعة التنظيم وإبداعية التفويج وعبقرية التنسيق مع جودة الضيافة وحسن الاستقبال.