عبدالله العولقي

الأدلجة الحزبية وبيع الأوطان

الأربعاء - 06 يونيو 2018

Wed - 06 Jun 2018

حتى وإن أظهرت الديمقراطية في منطقتنا العربية محاسنها ومفاتنها للشعوب فإن القراءة لتاريخها تؤكد أن خطرها الأكبر وضررها يكمنان في مكونات العملية الديمقراطية المتمثلة في الأحزاب السياسية، والتي يعدها بعض المتابعين في الدول العربية شرا مستطيرا وداء عضالا على الشعوب والبلدان، خاصة إذا تغلفت ظاهريا بالوطنية، ولكنها معبأة بمضمون فكري أيديولوجي، حتى أضحت انتماءاتها لخارج أوطانها. ولعل الأحزاب المتلبسة بالأغطية الدينية كتحزبات الإخوان بأطيافها المتلونة أو المتأسسة على التجييش المذهبي كالحزب اللاهوتي في بيروت أو الأنصار في صنعاء خير برهان على أدلجتهم الحزبية المقيتة، وأنهم رهن إشارة أسيادهم في بيع أوطانهم، وكما أن خلو أبجديات تلك الأحزاب ومواثيقها من معاني الوطنية الصرفة يؤكد ولاءاتها الخارجية. وفي هذا المقال سنستعرض نماذج بائسة ابتلينا بها في منطقتنا العربية جراء أدلجتهم الحزبية ونتاجها الأليم ببيعهم لأوطانهم. لقد صرح المسؤولون الإيرانيون لوسائل الإعلام ألا نية لديهم للتفاوض مع الغرب بخصوص دمشق أو بيروت، ولكن لا مانع يردعهم من التفاوض حول ورقة صنعاء، ومن هذا الخبر نستلمح المضحك المبكي تجاه الحوثيين الذين باعوا تراب وطنهم وخسروا شعبهم وحاربوا جيرانهم لأجل الملالي وحرسه الثوري بعد أن تحزبوا بأوامر استخباراته ثم تأدلجوا بواقع مرجعيتهم لمرشده ثم بيعوا منه اليوم علانية وبثمن بخس! إن واقع الحوثيين اليوم ينم عن أنهم مقيدون بين حصارين، أحدهما داخلي والآخر خارجي، فالداخلي يكمن في فقدانهم الحاضنة الاجتماعية الشعبية كمكون اجتماعي وسياسي غير مرغوب فيه، وأما الحصار الخارجي فيكمن في فقدانهم الشرعية التي تخولهم إقامة العلاقات الطبيعية أو الدبلوماسية مع دول الجوار أو العالم الخارجي. والمتأمل لحال بؤسهم اليوم يجده نتاجا طبيعيا ومنطقيا لأدلجتهم الحزبية وبيعهم لوطنهم السعيد، ثم بيع أسيادهم لهم! وفي الماضي القريب وجدنا كيف باعت حكومة المالكي وأتباعه ولاية الموصل لتنظيم داعش مقابل صفقة مليونية، ولا شك أن لها ارتباطا بواقع الملالي كون المالكي من خيوطها الأساسية في العراق، هنا نلمح الأدلجة الشيعية المتطرفة في ذهنية بعض الأحزاب السياسية العراقية التي رجحت مصالح مرجعياتها المتطرفة في قم أو استخبارات الحرس الثوري على مصالح وطنها العراق، ولولا تدارك حكومة العبادي لاحقا أخطار داعش لكانت المنطقة اليوم تحت صفيح إرهابي ساخن. وفي الدوحة، ما يصنعه تنظيم الحمدين من مؤامرات على شعبه وجيرانه هو بيع للوطن بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، فتجيير الحمدين صناعة القرار السياسي والسيادي للدوحة لصالح كهنة الإخوان وخلايا عزمي بشارة هو صفقة بيع لوطنهم إلى جهات خارجية، إضافة إلى أن اندماج هذا التنظيم العبثي مع أيديولوجيا الإخوان جعل قطر أسيرة لهذا الفكر المتطرف، وأصبح الشعب القطري مغلوبا على أمره داخل جغرافيا وطنه، ونتيجة لذلك قررت دول المقاطعة إيقاف هذا العبث السياسي في الدوحة بمقاطعتها وعزلها سياسيا. وأخيرا اللبنانيون اليوم ربما يعيشون أسوأ تاريخ عرفوه، فبيروت التي كانت تضاهي في ستينات القرن المنصرم عواصم أوروبا وحواضر أمريكا أضحت اليوم أسيرة لحزب مخادع ومتلون، أصوله المالية مستمدة من بيع المخدرات وغسيل الأموال، ويستخدم العضل وفرض القوة في نتائج الانتخابات اللبنانية، ويريد إدارة وطنه بأسلوب العصابة، هذه العصابة التي تحولت إلى كيان سياسي، فأضحت صناعة القرار لديه عبارة عن صفقات بيع للوطن بشكل متكرر وبصورة لم يشهد لها التاريخ مثيلا. [email protected]