عندما يهزم الأقوياء!

الاثنين - 04 يونيو 2018

Mon - 04 Jun 2018

الأقوياء دائما مثار إعجاب الآخرين، فأي قوة هذه التي تجعل منهم محطا للأنظار ويشار إليهم بالبنان؟

أيمتلكون قوة إيمانية أم خلقية أم فكرية أم علمية أم ثقافية أم قوة جسدية، أم يمتلكون مزيجا من قوتين أو أكثر؟ ولك أن تتخيل أيها القارئ العزيز كيف سيكون الشخص الذي سيحوى بين جنباته كل تلك القوى، فالقوة ستكون ظاهرة ومعلنة في منطقه وعلمه وفي حديثه وحواره، وفي سمته ومظهره.

ولكن هل الأقوياء يهزمون؟ وهل هزيمة الأقوياء مختلفة عن أي هزيمة، هل هي تشبههم؟ هل فيها قوة أو حكمة، أو اتزان، أم ضعف؟ هل تظهر لك ملامح القوة عندما تقرؤها من أي زاوية؟

بلى يهزم الأقوياء أمام أمثالهم من الأقوياء أو أمام من هو دونهم، فقد يهزم القوي في حوار كان هو الأقوى فيه، وقد يهزم في موقف كان هو الأجمل فيه، وقد يهزم أمام شخص هو الأحب إليه.

وقد يكره الهزيمة إن كانت أمام قوي مثله لأنه قد يراها تنقص من قدراته بعض الشيء، وقد يحب الهزيمة إن كانت أمام من هو أقل منه في جوانب معينة، تقديرا أو ترفعا، أو تجنبا للسقوط في معركة أخلاقية. وقد يستعذب الهزيمة إن كانت أمام من يحب، فالتأثير البالغ لذلك الشخص جعله يستسلم ويسلم فيبدو الأضعف في الموقف، رغم أن الاستسلام يهزأ بكل عنفوان له، ويخلخل قوة الأنا لديه، ويحط من جمال نفوذه النفسي، ولكنه يقبل به، فقط ليهزم أمام من يحب!

لذلك الكثير من الأقوياء ليظلوا أقوياء على الأقل أمام أنفسهم لا يرون بأسا في أن يهزموا باختيارهم.

ويرون الهزيمة أمام الجاهل أو الأحمق مغنما ومكسبا، فالبعد عن التصادم معهم قوة وتكمن تلك القوة في قوة العقل وقوة القرار وقوة الترفع وقوة ضبط النفس وعدم السقوط في منزلقاتها.

وقد وصفت موقفهم بأنه: لا يهزم الأقوياء في ساحات الوغى، ولكنهم قد يستسلمون في ساحات الهوى. ولسان حالهم: بعدا للهزيمة أمام الأقوياء، ومرحى لها أمام الأغبياء. وفي عرفهم: تمسي الهزيمة شرفا، لأن للحمقى فيها طرفا.

ومن مبررات هزيمة الأقوياء أنها قد تكون ذكاء يستخدم في مواقف كثيرة، وقد تكون قيادة حكيمة لموقف ما أو لشخص ما، وقد تكون منهجية لإحداث تغيير نحو وجهة ما، وقد تكون مطلبا للحفاظ على قيم لطالما آمنوا بها، وقد تكون انسحابا استراتيجيا للبقاء على قيد القوة.

وأخيرا، هل هزيمة الأقوياء ستكون يوما ما فنا يدرس؟