عبدالله الجنيد

عام من العزلة

الأحد - 03 يونيو 2018

Sun - 03 Jun 2018



عام من العزلة هو المدخل الأمثل لتناول الواقع القطري سياسيا الآن، وقد يقود للسؤال التالي: هل افتقدنا الدوحة أم افتقدتنا قطر؟ للأسف نحن لم نفتقد الدوحة سياسيا، إلا أنه يعز علينا أن طالت مآلات السياسة أهلنا في قطر نتيجة عبثية سياسات دولتهم وفرض هذا الحال علينا وعليهم. وها هي دولتهم بعد عام من العزلة تحتكم لنفس المعادلة، فالإعلام يقوم مقام الدولة، واستمر استرخاص الهوية الوطنية دفاعا عن مشروع دولة المرشد العام لتنظيم الإخوان المسلمين. وما انكفاؤها الداخلي إلا للتغطية على جملة إخفاقاتها الإقليمية والدولية في تسويق مظلوميتها.

والدوحة قد تكون على موعد جديد مع قدر الإخفاقات الأكثر إيلاما في تاريخها السياسي في حال قرر المؤتمر العام للفيفا في اجتماعه القادم في موسكو في 12 يونيو الحالي حرمان قطر حق تنظيم كأس العالم 2022. وفي حال تقرر ذلك على خلفية ما دفعته من رشاوى وإفساد أضر بعقود من تاريخ هذه المؤسسة الدولية العريقة، فإن الدوحة لن تستطيع اتهام السعودية أو أيا من الرباعية بالتآمر عليها في هذا القرار، بل وسيصعب عليها احتواء ذلك داخليا مهما وظفت من مال وإعلام، خاصة أن القرار قد يأتي بعد إيام قليلة من السنوية الأولى للعزلة القطرية.

ما تسرب من تقارير ومواقف يؤكد كلها عزم كونجرس الفيفا (المؤتمر العام) محاسبة قطر على ما اقترفته في حق الفيفا ومكانتها المادية والمعنوية دوليا. فالمكيافيلية القطرية عبر تاريخها الحديث لم توفر جهدا في توظيف مالها السياسي في كل أمر، معتمدة مبدأ الغاية تبرر الوسيلة مهما كانت تكلفة ذلك إنسانيا أو سياسيا وأخلاقيا. قرار تنازل الأمير الوالد عن الحكم وتنصيب الشيخ تميم بن حمد مكانه كان لاحتواء أزمة دولية ناتجة عن سياسات قطر المستهترة بكل القيم والمبادئ الإنسانية، إلا أن الدوحة لم تتعظ، بل فضلت شراء الوقت والذمم بمزيد من المال السياسي وتوظيف مقدراتها الوطنية في خدمة أطراف دولية في عدة ملفات.

والآن ليس من المستبعد أن تقدم قطر قربانا جديدا بعد إعلانها عن قائمتها الأولى للإرهاب في شكل إعادة هيكلة قناة الجزيرة. ومما يرشح حتى الآن عبر مصادر مطلعة أن كثيرا من العاملين فيها يتم إنهاء تعاقداتهم مع القناة، وقد يشمل ذلك إلغاء بعض البرامج. ذلك بالإضافة إلى مقترحات أخرى نقلها الأمير تميم بن حمد آل ثاني إلى الكويت في لقائه مع الشيخ صباح الأحمد الصباح، إلا أن عدم ورود ردود فعل من الرياض حتى الآن ينبئ بعدم كفاية ما قدمته الدوحة للرباعية.

السياسات القطرية هي من أورد الدوحة هذا المورد، وعليها تحمل مسؤولية ذلك أمام شعبها وشعوب الدول المقاطعة لها، ويجب أن تدرك أن لا مناص لها من الرياض الآن أو غدا.

aj_jobs@